قائمة المدونة محتويات المدونة

01‏/10‏/2019

الإسلام السياسي!


الإسلام هو الإسلام.. بمبادئه الروحية، والأخــــلاقية، والسلوكــــية، والفكــــرية.. والحياتية، يمتزج فيه الروحي بالمادي.. الشعائري التعبدي، بالتشريعي الواقعي؛ ليُخرج الشخصية المسلمة الربانية التي حياتها وحركتها وسكونها لله رب العالمين، وهذا معنى "الإسلام" لله.. 
تقسيم الإسلام إلى سياسي وروحي، شعائري وشرائعي، قد يصح عند الدراسة الأكاديمية، لتوضيح المعالم والأهداف، ولكن لا يصح عند الحديث عن الإسلام كوحدة واحدة هي "منهج حياة"..
يحاول المنافقون، والذين في قلوبهم مرض منذ نزول القرآن، وتشريعاته إلى التفريق، والتقطيع، وجعل القرآن عِضين، والإيمان ببعضه، والكفر ببعضه - كما فعل أهل الكتاب من قبل - وهذه المحاولة مستمرة على مر الأزمان، وها هي تظهر اليوم للطعن في شريعة الإسلام، ومن يحاول إعادة الإسلام مرة ثانية إلى قيادة الحياة.
صحيح.. إنَّ من يقوم بهذه المحاولة هم بشر، يعتريهم القصور والنقص والخطأ والانحراف والتوظيف، والغرق في الأيديولوجيات، ولكن قصورهم وانحرافهم - البشري والمتوقع - لا يمكن أن ينسحب بحال على "المبادئ الإسلامية السياسية" ذاتها! فنروح نصف الإسلامي بالسياسي، ثم نتهم الإسلام ذاته، فإن لم يكن هذا هو الكفر، فما الكفر؟!
وإنْ وقع الانحراف والقصور ممن يحاول إعادة الإسلام ومبادئه لقيادة الحياة، فليس معنى ذلك اتهام الإسلام، إنما معنى ذلك قيام غيرهم من المسلمين - طالما يزعمون الإسلام - بهذه المهمة، وتقديم الصورة الأقرب والأصوب لمبادئ الإسلام.
الإسلام - بمبادئه السياسية والأخلاقية والفكرية والسلوكية - هو السبيل الوحيد.. الوحيد لتحرير الأمة من هذا الأَسر، واسترداد كرامتها وحقوقها وثرواتها، وحريتها، هو السبيل الوحيد للتحرر من البغاة والطغاة والجبابرة، ولهذا فهم يكرهون الإسلام، ويحاربون الإسلام الذي يُزلزل عروشهم، ويُسقط شرعيتهم، ويُغري الجماهير بمقاومتهم. ويرحبون بالباطل المتلبس بزي الإسلام الذي يُقر باطلهم، ويُؤيد ظلمهم، ويُبيح فجورهم.
وسينتصر الإسلام - لأنه نور من الله - وسينهزم الطغاة في الدنيا، وفي الآخرة عذاب شديد.
***
والإسلام: هو رسالة من الله لبني البشر لتستقيم به حياتهم بكل مناشطها ومجالاتها سواء أكانت سياسية، اقتصادية، اجتماعية... إلخ.
الإسلام: هو اعتقاد في الله سبحانه ينشأ عنه التصورات والقيم والموازين والأخلاق والشعور والأدب والفكر والثقافة والفن.
الإسلام: هو تعريف وتصور عن الله والكون والإنسان والحياة.. وينبثق عن هذا التصور نظام اجتماعي ينطلق لخلافة الأرض وفق هذا التصور.
الإسلام: هو شريعة ربانية نزلت لتُقوّم حياة البشر، ليَقوم الناس بالقسط والعدل والحق الرباني.
الإسلام: هو رسالة السلام العالمية التي يحملها للجنس البشري.
الإسلام: هو رسالة الرحمة والنجاة في الدنيا والآخرة.
الإسلام: هو رسالة الحب للإنسانية بإرشادها لصراط الله المستقيم، فيحمل البشرى والنذير.
إنَّ الإسلام ليس له القدرة فقط على معالجة مشكلاتنا السياسية فحسب، بل هو بناء كامل متكامل لا يعالج مشكلة سياسية بمعزل عن المشكلات الأخرى، إنما هو بربانيته وشموليته وإيجابيته ومثاليته وواقعيته وتوازنه يعالج "الحالة الإنسانية" ككل ويدخل عليها من جوانبها المادية متكاملة، والروحية متناسقة.. فلا يدعه إلا وهو مستقيم المنهج، قوي الأركان، متوازن الخطى، مطمئن النفس، مستريح الضمير.. إنه لا يعالج مشكلة سياسية فيُحدث كارثة اقتصادية، أو يعالج مشكلة اجتماعية فيُحدث كارثة سياسية، إنه يتحرك ككل متكامل لمعالجة الإنسان أينما كان، وكيف كان؟ ويرتقي ليصعد به على قدر ما يستطيع ذلك الإنسان.
إذن هو منهج، ومنهج عميق جداً يلمس أعماق الإنسان، ويصل لأعماق الحياة بكل حيويتها ومشكلاتها.. هو منهج للإنسان والحياة، منهج للإنسان يدخل على نفسه ليأخذها من كل أقطارها نحو السماء، فيرتقي بالروح، ويضبط حركة الجسد. إنه يتناغم مع روح الإنسان، ولا يصطدم بفطرته وطبيعته، ويُنشأ في النفس والعقل والقلب القيم الصحيحة، والموازين الدقيقة، ويُقيم قاعدة من الأخلاق على أساس من العقيدة ذات العروة الوثقى. وهو منهج للحياة يعالجها من كل جوانبها، ولا يعالج جانب ويغفل آخر فيختل التوازن الحياتي.. إنه يقرر ما هو الحق، وما هي الحقيقة. ويحدد ما هو الباطل، ولا يدع ذلك لأهواء البشر.
فتتناغم العقيدة مع العبادة في حركة من أجل إقامة الشريعة لخلافة الإنسان وقيام الحضارة الربانية.
***