قائمة المدونة محتويات المدونة

12‏/08‏/2020

نصيحتي لطلاب الثانوية العامة

هذه نصيحتي لطلاب الثانوية العامة، والمُقبلين على الدخول في مرحلة التعليم الجامعي والفني. فهي مرحلة حساسة في عمر الإنسان، وعليه الانتباه لخطواته وهو يتحسس طريقه، وما التوفيق والهداية والفلاح والفوز إلا من عند الله. فتَقبلوا نصيحتي ـ رعاكم الله ـ بصدر رحب:

1- لا تعتبر نفسك "فاشلاً" إذ لم تحصل على مجموع كبير في الثانوية العامة، فالامتحانات فقط تقيس "مستوى التحصيل" لا مستوى القدرات العملية والشخصية.

2- لا تعتبر نفسك "عبقرياً" إذا حصلت على مجموع كبير في الثانوية العامة، فالحياة مختلفة تماماً عن "الدراسة النظرية"؛ وضمان التفوق هو بالقدرة على التكيف مع التحديات الجديدة.

3- الخيرية والفضيلة في الإنسان ليست بمدى ذكاءه، وتحصيله، وشهاداته.. إنما هي: بصلاح القلوب، وتقوى الله، وطمأنينة النفس، وصحة النية، والتوازن بين عمارة الدنيا، والتقديم لحياة الآخرة.

4- في مرحلة التعليم ما بعد الثانوي، وسؤال العمل والمستقبل والربح والراتب.. تأكد أن لكل إنسان فرصة، ونصيب، ورزق، وما عليه سوى السعي.

5- اجعل السنة الأولى من التعليم ما بعد الثانوي ـ الجامعي أو الفني ـ مرحلة استكشاف، وانفتاح لرؤية الواقع الجديد، مع محاولة التخفيف النفسي من شعور الصدمة، والاختلاف، والاستفادة من الخبرات الإيجابية للسابقين.

6- اجعل من السنة الثانية محطة الاختيار في تحديد الميول والطريق الذي تود أن تسلكه على المستوى الأكاديمي، والتدريبي.

7- على المستوى الأكاديمي: يجب عليك الانفتاح على "الجديد" في العلم الذي تود (إتقانه) حيث بقائك في المسار الأكاديمي للجامعة سيُخرجك لا تعلم شيئاً، فهو دائماً مسار مُتخلّف عن كل جديد.. والجديد (والقراءة الواسعة المتخصصة) هي مهمتك أنت. (مثل: الحصول على الدورات المتخصصة).

8- تأكد في المسار الأكاديمي: أنك تشعر بأن هناك إضافة جديدة لك، ومعرفة تضيف لك تميزاً.. وليس مجرد كلام فارغ لا وزن ولا قيمة له.

9- اجعل عينيك على سوق العمل: سوق العمل يبحث عن "الخبراء" والمتقنيين" في كل مجال.. واجعل من (التدريب العملي) ـ سواء أكانت الكلية نظرية أو عملية ـ هو وسيلتك إلى الخبرة والإتقان.. واعرف أن: "كل صاحب خبرة مطلوب".

10- التدريب العملي: مفتاح النجاح في أي سوق عمل، أعرض نفسك للتدريب عند أصحاب الخبرة، والعاملون بالفعل في سوق العمل، ووازن بين الدارسة والتدريب والمطالعة.

11- ليس صحيحاً أن الكليات النظرية ليس لها مستقبل ولا حاجة لسوق العمل لها.. إنما سوق العمل ليس بحاجة لـ "المنهج المُتخلّف" الذي تضعه هذه الكليات البعيدة عن الواقع، لكن تخصص الكلية نفسه لا غنى عنه، والفرق هو: الذي يكتفي بالمنهج المُتخلّف، ويخرج إلى الحياة لا يعلم شيئاً، وبين من يُطور من نفسه، ومن عمله وخبراته، وهذا يتهافت عليه سوق العمل.

12- اسأل نفسك: ما الجديد والمفيد الذي حصلته في هذا الأسبوع والشهر والسنة، وراقب تطورك العقلي والفكري والحياتي؛ حتى تكون على معرفة بذاتك ولديك تقرير صحيح عنها.

13- "احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَخصص بعض الوقت لتنويع خبراتك ومعرفتك، فكل مفيد تتعلمه أو تمارسه، سيكون له قيمة في المستقبل سواء على مستوى الشخصية أو العمل.

14- "اسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ" ولا تستسلم للمشاعر السلبية ـ التي تملأ الواقع حولنا، والهزائم السياسية والاقتصادية ـ وركز دوماً على بناء نفسك بناء قويماً، وتزكيتها تزكية حسنة، وتحرك بشعور الإيجابية في كل شيء، ولو بالقليل.

15- لا تجعل من الحياة الجامعية قصص حب وغرام، وتنافس على مصاحبة الفتيات، واستعراض الملابس والماركات، كما تلح الأفلام والمسلسلات على تجميل هذه الصورة العبثية.. ولا تجعل منها مجرد "مذكرة ليلة الامتحان"! فهذه ستُخرج في النهاية شخصاً تافهاً، لا يتحمل مسؤولية، ومشوه النضج.

16- اعلم أنه لا صُحبة ولا صداقة بين رجل وامرأة.. وإنَّ ضغط الاختلاط والإعجاب، يجب تجنبه وتفادي آثاره السلبية على العاطفة وعلى العقل، وعلى مهمة: (أ) تحسين القدرات النظرية الأكاديمية بمطالعة الجديد في مجالك، (ب) وتحسين قدراتك العملية بالتدريب العملي.

17- واجه مشكلاتك النفسية والعاطفية بشجاعة، واطلب نصيحة الخبراء الأمناء، والتزم بها، ولا تتوقع المثالية من أحد.. إلا طموح نفسك إليها.

18- اختر الصحبة الصالحة المفيدة.. واحذر مَن يسرق منك شخصيتك أو وقتك، ولا تحاول أن تتصنع شخصية ليست أنت، كأن تتعمد أن تكون مضحكاً أو مؤثراً... إلخ، حاول التصالح مع نفسك، ولا تُخرجها عن طبيعتها إرضاءً للناس.

19- لا تكن عبداً لذاتك.. بل عليك مسؤولية "فردية واجتماعية وسياسية" تجاه (دينك) فـ "دِينُكَ دِينُكَ، إِنَّمَا هُوَ لَحْمُكَ وَدَمُكَ" و(أمُتك)، وتجاه قضاياها المصيرية، ولا بد أن يكون لك دوراً إيجابياً سواء باليد (بالبذل والعطاء ومقاومة الباطل) أو اللسان (بتأييد الحق، ورد الباطل) أو القلب (بعدم الرضى بباطل أو متابعة عليه).

20- تزكية النفس: هي بالإنفاق مما تحب.. ولا تجعل عملك أو قلمك أو فكرك أو اختراعك أو مالك في خدمة الباطل، ولا بد مِن زكاة عما رزقك الله، ولا تغتر بعلم أو مال أو مكانة، فكل هذا مرده إلى الله.. صاحب الفضل، والمنة، والعطاء، والمالك لكل شيء.. الحقيق بالحمد والشكر.

***

تعقيب بتاريخ: 18 – 07 – 2021م

*الثانوية العامة، والطبقة الوسطى*

مشكلة الثانوية العامة مشكلة اجتماعية بالأساس، ومن أعجب العجب أنه ليس لها علاقة بالتعليم!! فالطبقة الوسطى تُجاهد جهاداً عجيباً، وتدفع أبنائها للدخول في أتون معركة الثانوية العامة من أجل: (1) الحفاظ على المركز الاجتماعي، والحفاظ على البقاء في هذه الطبقة أو الارتفاع عنها قليلاً بتحصيل أكبر عدد من الدرجات التي تسمح بدخول كلية "محترمة" بمقاييس المجتمع. (2) والحصول على وظيفة مناسبة بعد التخرج، من أجل الحصول على المال، والعروس المناسبة. وهكذا نجد إن التعليم ليس له علاقة بالموضوع!

وهذا سبب التوتر الشديد للأسرة المصرية، وتوتر الأبناء لتوتر أباءهم ـ والكم الهائل من الأموال التي تُدفع في الدروس الخصوصية ـ يصل هذا التوتر إلى درجة الانتحار، والاكتئاب، والمرض النفسي... إلخ، ليس للفشل في التعليم، ولكن للخطر الذي يتهدد المنزلة في الطبقة الاجتماعية.

وهذه المشكلة الاجتماعية تؤثر من جانب آخر في النظر إلى موازين الحياة، والقيم الإنسانية والإسلامية الصحيحة في جودة الحياة، وحالة الكآبة والشقاء والتوتر التي تظل تعيش فيها هذه الطبقة، وحل هذه المشكلة ـ فيما أرى ـ تبدأ بـ احترام العلم، والاهتمام به للمعرفة الصحيحة النافعة، وعند النظر في المواد التعليمية الرسمية نجدها من النوع الرديء المنتهي الصلاحية! ومن ثم يجب الاهتمام الحقيقي بالعلم فيقل الصراع والتوتر، والتخفيف من حدته، ويجب أن تؤدي الأسرة المصرية دورها في التربية الصحيحة نحو التخفيف على أبنائها لا زيادة توترهم، والامتناع عن شدهم عصبياً ونفسياً لدرجة الانتحار والاكتئاب، والإحساس بالفشل والضياع والانتهاء!! وإنما دفعهم إلى الاجتهاد باعتدال، واحترام القدرات العقلية والنفسية والاستعدادات الخاصة بأبنائهم بعيداً عن "المعركة الطبقية" الذين هم أول ضحاياها.

 وثانياً: إحسان التوكل على الله، وتصحيح قيم وموازين الحياة، والإيمان بوجود فرصة لكل إنسان جاد، وإن احترام الإنسان وقيمته وأهميته ليس لها علاقة بالمعركة الطبقية، وما ينتج عن صراع الثانوية العامة من نتائج.

وثالثاً: إعطاء الحرية للأبناء في التحرر من القوالب البالية، خاصة والوطن المصري يعيش حالة من الضياع تحت حكم الخونة والمنافقين، ومن ثم يجب على الأبناء أن يختاروا لأنفسهم، ويبحثوا عن البدائل، ويجربونها، وإن من واجب الآباء كذلك تربية الأبناء على تحرير بلادهم، وتطهيرها، وعلى مسؤوليتهم الإيمانية والاجتماعية والسياسية.. ولكن أنى ذلك ونحن ما زلنا نعيش كل عام معركة الثانوية العامة، ونعد كل قوة ممكنة للانتصار فيها؟!

***