قائمة المدونة محتويات المدونة

01‏/05‏/2014

الحرب عالمية

الأخبار اليومية:
ـ أحكام الإعدام بالجملة.
ـ إضراب المعتقلين.
ـ قتل الشباب في الجامعات.
ـ ارتفاع الأسعار.
ـ ارتفاع نسبة الغضب الشعبي.
ـ انخفاض نسبة الغضب الشعبي.
ـ تعليق إعلامي سخيف.
ـ فضحية جنسية.
ـ فتاوى شاذة من كلب للطاغوت.
إن استمرار هذه العوارض والظواهر دون الردع، ودون استثمار حالة الغضب ستتجه النفس إلى التكيف عليها، وتَعود سمعها، بل وفقدان الشعور بالألم بمرور الوقت ! بل وستألف الاعتداء، ولن تتفاجأ به فيما بعد أو تنفعل به، وستصل إلى حالة من تبلد الإحساس، وستتعود عليه، ومن ثم تنساه.
وهكذا يكاد لا يمر يوم إلا ويكون هناك "موضوع" للتعبير ولاستهلاك الطاقة، واستفراغ العاطفة ! وإن هذه الطريقة من أهم الطرق الذي يستخدمها العدو في عملية التشتيت، والتفرق.. نهيك أنه عندما لا يكون لدينا مرجعية شرعية أو فكرية واحدة، فتنطلق في القضية الواحدة آلاف الآراء والمقولات.. حتى إن مختلفي الرأي يتهمون بعضهم بالغباء والخيانة والعمالة... إلخ، وندخل في صراعات بينية في عوارض المشكلات، ونسينا أنها مجرد عوارض وظواهر وليست أصل المشكلة.
فما هو أصل المشكلة؟
إننا في حرب عالمية بالمعنى الحرفي للكلمة.. حرب تشارك فيها القوى العالمية تجاه مصر لإبقائها في الأسر، والهيمنة، والاحتلال.. وليس أبلغ مما قاله كلب الاحتلال الصليبي العلماني وزير الخارجية وهو يتملق سادته وآلهته: "العلاقة مع الولايات المتحدة علاقة زواج شرعي وليست مجرد نزوه" والحقيقة أنها ليست زواجاً شرعياً ولا نزوه.. بل اغتصاب كامل بل وشذوذ.. اغتصاب كامل للأرض والثروة.. للإنسان والروح.. للعقيدة والهوية، وهذا اغتصاب قائم منذ الانقلاب العسكري في 1952 م وحتى اليوم، بعد أن ورثت أمريكا بريطانيا عرش مصر!
إننا نواجه حرب عالمية.. من القوى الغربية، والقوى المستبدة الإقليمية، والقوى الداخلية المحلية، ذلك لأن جميع هؤلاء مصالحهم متشابكة، ومتراكبة في صورة واحدة، ومكون واحد.. إذا تحررت مصر، فقد انهارت تلك المصالح، وتفككت تلك الصورة.
وهذا ما يجعل حربهم وحشية عنيفة دقيقة تُستخدم فيها جميع الأسلحة، لأنها بالنسبة لهم معركة صفرية، ومعركة وجود ومصير، ومعركة تحرر للأمة الإسلامية وقلبها مصر !!
ولذلك، فهم على قلب رجل واحد، تجمعهم مصلحة واحدة، وهوية واحدة، ومصير واحد..
أما نحن فمازلنا غير قادرين على استيعاب الصورة كاملة، مازلنا من الطيبة والسذاجة ما يجعلنا نعجز عن تخيل "وحشية" العدو ومكره وحربه.. مازلنا تأخذنا العاطفة ورقة القلوب الحالمة أنهم سيعدون، وأنهم طيبون، وأنهم ليس كلهم وحوش، بل القليل منهم وحوش والباقي حمل وديع. !!
هذه التركيبة العاطفية السذاجة، ترفع كلفة الدماء والتضحيات فينا لأقصى درجة ممكنة، وتذهب بها دون أن تحقق أثرها المطلوب.
وأما التركيبة العقلية، فهي غير قادرة عن الاستبصار بنقطة البداية، وحسم القضية، ووضع حدود المفاصلة، وخطوط التماس، وإطار الصراع، وأرض المعركة.. إنها مازالت متميعة، مترددة، متذبذبة، رغم ما فيها من حماسة وتضحية وفداء !! وهذه التركيبة تُطيل من أمد الصراع، وتستهلك الطاقة النفسية وحماستها في ضروب شتى.
لم نستطع بعد تكثيف القضية، وجعلها في أصل المشكلة، ولا حديث إلا عن جذور المشكلة، والهدف: اجتثاث الجذور الفاسدة. تأخذنا الظواهر والمضاعفات.. التي تتكاثر يوماً بعد يوم، ونجلس نبكيها أو نُنظر لها. ولا نستطيع أن نغير أي شيء في الظواهر أو المضاعفات ! ذلك لأننا لا نعالج أصل المشكلة.
المشكلة مركبة، والحرب عالمية.. ويجب أن نرتفع إلى هذا المستوى من الإدراك، ونستعد على أساسه، من حيث العقليات والإمكانيات، والأدوات، والحرب الطويلة في سبيل التحرر، إننا لا نحارب على جبهة واحدة، تجاه عدو واحد، بل حرب من جميع الجبهات من عدو محلي وإقليمي وعالمي اجتمع علينا.. وفي هذه الصورة يستحيل على أي فصيل أو حزب أو جماعة مهما بلغ أن يحقق إنجاز وحده، إنما هي الأمة في مجموعها، بقاعدتها الصلبة، وكتلتها الحرجة، وعموم جماهير الأمة.. إننا بحاجة إلى استنفار عام لجميع الأمة وليس في مصر وحدها.. نحتاج إلى مشاركة الجميع، وكلٌ بما يستطيع، نحتاج جميع العقول والمفكرين، والباحثين والدراسين لوضع خطط وبدائل، نحتاج سواعد أبناء الأمة، نحتاج إلى مساعدة المخلصين من أبناء الأمة.. فالطريق طويل وليس كما يظن البعض، والحرب مصيرية ومستمرة، ولسنا أقل من الدول التي دفعت من دماء أبنائها الآلاف بل والملايين لاستخلاص بلادها من ربقة الذل والمهانة والعبودية والاحتلال.
هناك فئة معادية لنا، لكنها لا تحاربنا بشكل مباشر، إنها تحاربنا عن طريق "هندسة الصراع" و"ترويض الانفعال" إن تعرف أنه سيكون لنا رد فعل.. حسناً فليكن رد الفعل في إطار محدد، وفق آليات محدودة.. بل وتفرض علينا مصطلحاتها الغريبة عن حقيقة هويتنا، وعن طبيعة المعركة. إنها ترسم لنا المعلب الذي نصرخ فيه، بل وتساهم في تشجيع الصراخ، حتى نستنفذ جميع طاقاتنا فيه. ونشعر - في النهاية - أننا قد أدينا ما علينا، ثم منا من ينتظر الموت، ومنا من ينتظر معجزة تنزل من السماء، ومنا من ينتظر المخلص المنتظر !!
إن الحق الوحيد بالنسبة لقادة العالم اليوم هو القوة، ولا شيء غير القوة.. وكل حديث عن حقوق إنسان، وكرامة، وعدل، إنما هو ديكور و"مكياج" لإخفاء الوجه الوحشي لهذه الحقيقة. وإذ لم تملك كل أنواع القوة فحتماً أنت وجبة على مائدة الوحوش.. وسيفترسونك بلا رحمة، بل وبلا حاجة.!
هذه الحرب لن ننتصر فيها إلا أن نأخذها من جميع أطرافها، ولن ننتصر فيها إلا باستنهاض الأمة - أو على الأقل عموم المخلصين من أنبائها - هذه الحرب لا تستطيع أن تنتصر فيها سياسياً دون أن تنتصر اقتصادياً بمصادرة أموال الفسدة واللصوص، ولن تنتصر فيها اقتصادياً إلا عندما يكون لديك القوة الرادعة القادرة على التهديد، والتنفيذ. ولن تملك القوة إلا عندما يكون لديك عقيدة صحيحة، وهوية واضحة، وكتاب تسير وفقاً لشرعه، لا وفقاً للهوى.
{ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ. وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } [الزخرف :43، 44]
01 / 05 / 2014م