قائمة المدونة محتويات المدونة

02‏/11‏/2015

مجالات التكفير

نستطيع أن نُقسم مجالات دراسة التكفير إلى ثلاثة أقسام:

ـ في النفس.

ـ في الأمة المسلمة.

ـ في القضاء.

­

في النفس:

نجد أن الكفر هو ضد الإيمان، ونجد القرآن الكريم وهو يحذر المسلم من الوقوع في الكفر؛ تارة بكشف خبايا النفس الإنسانية، وتارة بوصف حال الكفر وأهله، ليحذر أن يقع المسلم فيه، والمسلم - وكل إنسان سوي - هو أولاً يبحث عن نجاته، وعندما يبحث في مجالات التكفير فإنه بطبيعة حال النفس الإنسانية - الظلومة الجهولة - يبحث عما يحقق لها الإيمان، وينفي عنها الكفر.. فالرياء شرك، واليأس من رحمة الله كفر، والنفاق كفر، والكبر كفر.. ونجد القرآن الكريم وهو يعبر عن هذه الحالة بأسلوبه الفريد - بعيداً عن تعقيدات وتأويلات وتفريعات بعض المفسرين - نجده وهو يقتحم على النفس خباياها، ويكشف لها حقيقة مكنوناتها، فيقول الألفاظ على إطلاقها: {وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ } [النور : 47] 

{ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } [المائدة : 44] 

{ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } [البقرة : 27] 

{ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [آل عمران : 82] 

{ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [آل عمران : 94] 

{ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ } [الأعراف : 179] 

{ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ } [النحل : 105] 

{ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ } [المؤمنون : 7] 

{ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ } [المائدة : 41] 

{ لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا } [الحجرات : 14] 

{ بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ } [البقرة : 81] 

{ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى } [النجم : 32]

{ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ } [المائدة : 41] 

{ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ } [البقرة : 11] 

{ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } [البقرة : 152] 

وفي الهدي النبوي: "ليس منا..." "دعوى الجاهلية" "لتتبعن سنن من قبلكم" "أهلك من كان قبلكم" "أخوف ما أخاف عليكم"... إلخ من المواقف والأحوال التي تجعل الإنسان رقيباً على نفسه، محاسباً لها، عاكفاً على تزكيتها.. محاولاً الكشف عن حقيقة ما في قلبه، وجلاً من تقلب القلب، وما يحوي.. هل حقاً هو الإيمان الخالص ؟ أما يشوبه شوائب تؤثر فيه، أو تقدح فيه، أو تنفيه بالكلية ! هل يدعو الله خالصاً.. أم يدعو مع الله أحدا ؟

هل حقاً القلب طاهر من الكِبر ؟ هل يرد الحق، ويزدري الناس ؟ هل حقاً هو جاهل فقط أم مغرور.. فيجهل ويدعي العلم والمعرفة والإدراك أو عدم حاجته إلى العلم ابتداء ؟!

وفي لحظة المكاشفة هذه.. يجد أن الحِمل ثقيل، والمهمة صعبة، والطريق شاق طويل، والإخلاص جد عسير! فلا يجد إلا أن يهرب ويفر إلى الله جل جلاله، يُلقي عنده هذه الأمانة العظيمة، ويتوجه إليه بالخشية والدعاء والرجاء بقبول ما تحمله نفسه من إيمان قد يشوبه كثير من الشوائب والآفات والأمراض !!

يفر إلى الله الرحمن الرحيم.. عسى أن يتقبل تلك البضاعة المُزجاة، وفي لحظة الخوف والحب والرجاء، تشرق حقيقة الإيمان في القلوب، وينبت فيها - في لحظة الاستسلام لله - معانٍ جديدة للإيمان، يجد فيها الإنسان خروج الشجرة الطيبة في قلبه، والتي لا شك تأتي الثمار الطيبة التي تراها الأعين، وتلمسها الأيدي، وتلحظ آثارها العقول.. لا شك سنجد الإنسان الهين اللين القريب السهل، سنجد القلب المخموم.. التقي النقي الطاهر، المتطهر كل لحظة من البغضاء والغل والحسد والشحناء والإثم والبغي، وهذا هو القلب المؤمن الذي يرضى الله عنه ويحبه، والذي يدافع فيه المؤمن عن حمى القلب من دنس الكفر والشرك، ويظل على وجل وحذر وخشية أن يصيبه الأذى، ولو حتى مجرد خاطرة في القلوب، أو خيال في العقول.

*   *   *

في الأمة المسلمة:

وظيفة الجماعة والأمة المسلمة.. هي الشهادة على العالمين بكتاب الله، وخروج الأمة مرتبط بقضية أصلية هي: "اتباع الكتاب، والدوران معه حيث دار" وظيفتها هي: حمل رسالة الله إلى العالمين في صورة جهادية حضارية دعوية فكرية إبداعية، لتقود قاطرة الحياة الإنسانية، ولكن هذه الأمة لا يهبط عليها نصر خاص من السماء، إنما وفقاً لسنن الله - وعدله - يجري عليها ما يجري على كل الأمم من لحظات ضعف وقوة وموات ونهوض وعودة كمثل دورة حياة الأمم والدول..

والقرآن الكريم بنى الأمة المسلمة أول مرة على عينه، وأطلقها تسيح في الأرض؛ لتنشر رحمة الله، وعدله المطلق الشامل، وحصنها داخلياً من عوامل التفرق، والابتداع، والاقتتال.. ودار الزمان دورته، وعدنا من حيث بدأنا. وأصبحت المهمة الآن هي عودة الأمة من جديد، وإحياءها مرة ثانية، وإخراجها للحياة والوجود بعد الغياب والتيه ! وفي هذه الحالة ستواجه الأمة المسلمة أعداء مثلما واجهتهم أول مرة.. ستواجه نوعين من المحاربين لها من بني جلدتها، ويتكلم بلسانها:

نوع كافر بالله أو واقع فيه، يدعي الإيمان ليُفسد من داخل الأمة المسلمة، ونوع في قلبه مرض.. متذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، لا يقين في قلبه، ولا يؤمن بقضية، ويتقلب هنا وهناك بين شعاب الكفر والإيمان ! وفي مثل هذه الحالات من الكفر.. بَيّن القرآن الكريم للأمة المسلمة سبيل المجرمين: {وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام : 55] {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس : 24]

حتى تحذر الأمة في كل مراحل حياتها، من المجرمين، ومن أن تسلك سبيلهم سواء بحسن نية أو بسوء !.

وكذلك يُفصل القرآن الكريم للأمة المسلمة صراطها المستقيم، وطريقها القويم، حتى لا تضل، أو تغرق في التيه، أو يستخف بها الذين لا يوقنون: { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ } [الروم : 60]

يكشف القرآن عن أحوال المنافقين في الأمة المسلمة؛ لتحذر الأمة المسلمة منهم، ومن أن تقع فيما وقعوا فيه.. وأن تستكشف مسالكهم مبكراً، حتى لا تحترق طاقات الأمة، ولا تطول فترة إخراجها، ولا تصطدم بهم في اللحظات الحرجة، والمواقف الفارقة، والنقاط الفاصلة؛ لتكون الأمة على يقين وهي تسير في طريقها، لا يستعجلها أحد، ولا يعطلها أحد.. إنما تمضي على علم ويقين، تطرد المنافقين عن قافلة الإيمان، ولا تطمع في الاستكثار بهم، ولا تنشغل كذلك بتكفيرهم؛ بقدر ما تنشغل بتطهير الصفوف من رجسهم ودنسهم، وتحصن القلوب من أن يتسرب إليها عدوى النفاق.

وتعمل في نفس الوقت على إزالة مظاهر الكفر والشرك - التي ستقع في الأمة بحكم طول الأمد وقسوة القلوب واتباع سنن أهل الكتاب - تعمل على إزالتها بالدعوة والبيان، والنصح والإرشاد، والصبر والحلم والأناة، والعلم بأحوال الناس، وبسنن الدعوات، وبأحوال النفوس، ولا تستعجل، ولا تجزع، ولا تهرب من المواجهة.

وتعمل كذلك على إزالة مظاهر الكفر البواح في نظم الحكم: بالجهاد في سبيل الله باليد واللسان والقلب.. وتستمسك وتستعصم بالله، ولا تستوحش الطريق، ولا تستهول التضحيات.. فهذه دعوة الرسل.

وتمضي الأمة في الطريق.. ولا يُكلف الله نفساً إلا وسعها:

فإن كان منتهى جهد روادها هو: "الدعوة إلى الله".. فعسى الله أن يتقبل منها، ولكن لا تتنكر لبقية الطريق إنما هو خطوة على الطريق.

وإن كان منتهى جهد روادها هو: "إصلاح التربية والأخلاق".. فعسى الله أن يتقبل منها، ولكن لا تتنكر لبقية الطريق، إنما هو خطوة على الطريق.

وإن كان منتهى جهد روادها هو: "الثورة على الظلم والظالمين".. فعسى الله أن يتقبل منها، ولكن لا تتنكر لبقية الطريق، إنما هو خطوة على الطريق.

وإن كان منتهى جهد روادها هو: "استخلاص حقوق الأمة من الطغاة".. فعسى الله أن يتقبل منها، ولكن لا تتنكر لبقية الطريق، إنما هو خطوة على الطريق.

وإن كان منتهى جهد روادها هو: "القتال في سبيل الله".. فعسى الله أن يتقبل منها، ولكن لا تتنكر لبقية الطريق، إنما هو خطوة على الطريق.

وإن كان منتهى جهد روادها هو: "إقامة الشرع، وتحقيق العدل".. فعسى الله أن يتقبل منها، ولكن لا تتنكر لبقية الطريق، إنما هو خطوة على الطريق.

وإن كان منتهى جهد روادها هو: "إقامة الحدود، والتشريعات".. فعسى الله أن يتقبل منها، ولكن لا تتنكر لبقية الطريق، إنما هو خطوة على الطريق.

وإن كان منتهى جهد روادها هو: "الحفاظ على الهوية الإسلامية.. وشعائر الإسلام".. فعسى الله أن يتقبل منها، ولكن لا تتنكر لبقية الطريق، إنما هو خطوة على الطريق.

....إلخ.

وهكذا نجد بصلاح نية الأمة، وطاهرة قلبها، وصدق إيمانها، واتباع سنن ربها.. أنه يرتسم لها الطريق المستقيم من خلال جهدها وجهادها، وصبرها ومثابرتها.. وسعة أفقها، وانضباط رؤيتها، والتراحم والرفق واللين فيما بينها، والكف عن إحداث المشكلات بداخلها..

 وعند حدوث التصادم والتحارب والتقاتل بين جهد الرواد، فهناك لا شك خلل في نوايا القلوب، وفي اتباع السنن، تستلزم المراجعة، وتصحيح الطريق، وعندما يقع "التعصب والغلو" في خطوة من خطوات الطريق، فقد تحولت "العبادة لله" إلى "العبودية للذات وللهوى وللمصلحة الشخصية والحزبية"، الأمر الذي ينحرف بالأمة عن الصراط المستقيم، ويقع بها في سبل المجرمين، وإن كان اليافطة والشعار باسم الله !.

*   *   *

في القضاء:

وقضية التكفير في القضاء المقصد منها: "النظر في قضايا الردة ومحاربة الأمة المسلمة" والقضاء الإسلامي هو قضاء قائم على العدل والقسط.. العدل: الذي يقيم شرع الله، ويتحاكم إليه، ويساوي بين الناس فلا فرق بين شريف ووضيع، وغني وفقير، والذي تُستنبط فيه الأحكام بدقة وعلم، وتستقيم فيه المحكمة، والقضاء، والقاضي.. فلا ظلم في الحكم، ولا فسق في التحاكم، ولا كفر برد الشرع، والقسط: الذي يزن كل كلمة، وكل موقف، وكل دليل بميزان دقيق، خالي من العاطفة، والهوى، والشهوة، والمحاباة، والعداوة.. إنه: "قسطاس مستقيم". وفيه ينظر القاضي فقط في "الأدلة المادية" من أقوال وأفعال.. أما ما في القلوب: فلا يعلم به أحد إلا الله سبحانه وتعالى، فلا يعلم ما في الصدور إلا هو جل جلاله.

وفيه تُقام محكمة جادة.. تنظر في الحكم، وتتفحص في الأدلة، وتعيد النظر في الأحداث والملابسات، ثم إذا صح موقف الردة ومفارقة الجماعة والمحاربة؛ فإنها تطلب الاستتابة، وتقيم الحجة، وترفع اللبس، وتزيل الشبهة، فإذا أصر على الردة والمحاربة للدين، كان هناك نظام جاد يُنفذ الحكم، ويُقيم الحد.

وفي الفقه الإسلامي: نجد تفصيلات وأحكام قضايا الردة.. وهي أحد أبواب الفقه الإسلامي، مثلها مثل غيرها من أبواب الفقه، ووجوده أمر طبيعي لأنه كان هناك بالفعل محاكم إسلامية تنظر في مثل هذه القضايا.

يختلط الأمر عند البعض، حينما ينظر في الكتب التي تكلمت عن "العقيدة والإيمان" و"البدع والانحرافات" وينفعل بلغة الكاتب، ويظن بعض القراء أن الكاتب وهو يوضح كفر بعض البدع والانحرافات، وأحياناً تكون لغة الكاتب متشددة - مناسبة لطبيعة الموقف وخطورته على قضية الإيمان - يظن أن هذه اللغة تسوغ له، رمي عموم المسلمين بالكفر والردة والشرك، ومن ثم استباحة دماءهم وأموالهم !! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ حَتَّى رُئِيَتْ بَهْجَتُهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ رِدْئًا لِلإِسْلامِ، غَيَّرَهُ إِلَى مَا شَاءَ الِلَّهِ، فَانْسَلَخَ مِنْهُ وَنَبَذَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، وَسَعَى عَلَى جَارِهِ بِالسَّيْفِ، وَرَمَاهُ بِالشِّرْكِ "، قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَيُّهُمَا أَوْلَى بِالشِّرْكِ، الْمَرْمِيُّ أَمِ الرَّامِي ؟ قَالَ: " بَلِ الرَّامِي " [صحيح ابن حبان/81] وفي رواية: "أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي".

ومن هنا تتحول المعركة من إخراج وإحياء الأمة المسلمة.. إلى استباحتها، وقتلها، وتتعطل مسيرة "تحرير الأمة" وتظل في ذيل الركب البشري، لا تجد حيلة، ولا تستطيع سبيلاً !

*   *   *

ولهذا نجد أن التصور المستقيم لقضية التكفير يكون:

في حالة الفرد: هو مراقبته على نفسه أن يقع في كفر الإيمان، أو كفر النعمة، أو كفر اللعنة، أو كفر الاعتقاد، أو كفر الرياء، أو كفر الكِبر... إلخ، مهمته هو إبصاره لنفسه، واقتحامه ظلماتها ليكتشف - على الحقيقة - ما هي؟! فلا يكذب عليها، ولا يُصدق كذبها، فالنفس عجيبة تظل تكذب حتى في عالم الآخرة، وانكشاف عالم الغيب! تجادل عن نفسها، وإن دخلت النار - والعياذ بالله - تظل تكذب، وتطلب العودة للدنيا!! ليصور القرآن الكريم من خلال أعجب آية فيه ـ فيما أرى ـ أعجب موقف للكافرين: { بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [الأنعام : 28] حقيق بالإنسان أن يهتم لنفسه، وأن يخشى على نفسه !.

وفي حالة الأمة المسلمة: فإنها تستكشف سبل المجرمين، والمنافقين.. وتحذر مسلكهم، وتحذر أن تقع في حبالهم، وفتنتهم، وهي في مجال الدعوة والبيان والتحليل والتشخيص والعلاج للأمة، وفي مجال الجهاد والقتال ضد أعدائها سواء في الداخل والخارج، تمنع الكفر البواح، وتعيد عز الإسلام، وسيادة الشرع، وإعلاء كلمة الله.

وفي حالة القضاء: فإن القاضي المسلم، هو الذي يعالج قضايا الردة والمحاربة، ويقيم الحدود، من خلال سلطان دولة الإسلام، وليس آحاد الناس وأفرادهم، ولا يحق لمسلم أن يحكم وأن يقضي في قضية خطيرة مثل هذه؛ لأنه يترتب عليها إراقة دماء.

ولا يمكن لمسلم يبتغي نصرة هذا الدين، وعودة هذه الأمة.. أن يمارس دور القاضي على الناس، ويُنصب من نفسه حاكماً وقاضياً على عقائد المسلمين، وضمائرهم، ويُهمل نفسه - بكبر وغرور - ويهمل دعوة أمته، وجهادها.. فهذا لا شك يُعطل مسيرة الأمة، ويقف بها على جانب الطريق لإثارة مشكلات فقط في خيال هذا المريض؛ لتحترق طاقات المسلمين لأجيال، ولتظل تراوح مكانها، وليفرح أعدائها بمثل هذه المشكلات التي تُحبط مسيرة أي أمة !.

إنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم ما أرسله الله إلا "رحمة للعالمين" ونحن - الأمة المسلمة - خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، تنتظر البشرية هذه "الرحمة" منا.. ولن نكون رحماء حتى نستقيم على الطريق بلا إفراط أو تفريط.

*   *   *