قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ
وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } [التوبة : 73]
{ لَـكِنِ
الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ
وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [التوبة : 88]
{ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ
عَذَابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ
تَعْلَمُونَ } [الصف: 10، 11]
{ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ
وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا
يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [الأنفال : 39]
{ قَاتِلُواْ
الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ
مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ
أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } [التوبة : 29]
{ وَقَاتِلُواْ
الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ
اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } [التوبة : 36]
وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: { فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ
وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ
وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً } [النساء : 84]
وقال تعالى عن نبيه: { وَمَا
أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [الأنبياء : 107]
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم: " بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ
اللَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ
وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ " [مسند أحمد/5093،
مسند الشاميين للطبراني/216، مصنف ابن أبي شيبة/19629] [ الحكم على المتن: حسن ].
وعَنْ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله
عليه وسلم - وَعِنْدَهُ قَبْضٌ مِنَ النَّاسِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَعْدَ
أَنْبِيَائِهِ وَأَصْفِيَائِهِ؟ فَقَالَ: " الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، حَتَّى تَأْتِيَهُ
دَعْوَةُ اللَّهِ وَهُوَ عَلَى مَتْنِ فَرَسِهِ وَآخِذٌ بِعِنَانِهِ "، قَالَ:
ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "وَامْرُؤٌ بِنَاحِيَةٍ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَتَرَكَ
النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ "، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ
مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: " الْمُشْرِكُ "،
قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: " إِمَامٌ جَائِرٌ يَجُورُ عَنِ الْحَقِّ، وَقَدْ مُكِّنَ
لَهُ " [مسند أبي دواود/36] [الحكم على المتن: صحيح]
وعَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قُتِلَ
تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً فَقِتْلَةٌ
جَاهِلِيَّةٌ " [صحيح مسلم/1852] [الحكم على المتن: صحيح]
وعَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى
الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟
فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ،
قَالَ: وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا، فَقَالَ:
" مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ
اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" [صحيح
البخاري/123] [الحكم على المتن: صحيح]
وعَنْ أَبيِ هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ
لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي، أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا
نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ أَوْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ
عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ" [صحيح
البخاري/36] [الحكم على المتن: صحيح]
وعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم: " مَا تَرَكَ قَوْمٌ
الْجِهَادَ إِلا عَمَّهُمُ اللَّهُ بِالْعَذَابِ ". [المعجم
الأوسط للطبراني/ 3839] [الحكم على المتن: حسن ]
وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا شَحَبَ وَجْهٌ وَلَا اغْبَرَّتْ قَدَمٌ فِي عَمَلٍ تُبْتَغَى
بِهِ دَرَجَاتُ الْجَنَّةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ كَجِهَادٍ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ، وَلَا ثَقُلَ مِيزَانُ عَبْدٍ كَدَابَّةٍ تَنْفُقُ لَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
أَوْ يَحْمِلُ عَلَيها فِي سَبِيلِ اللَّهِ" [إتحاف
الخيرة/ 5839] [الحكم على المتن: حسن]
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَن رَسُولَ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ
نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي، إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ
حَوَارِيُّونَ، وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ،
ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ، يَقُولُونَ مَا لَا
يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ
فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ
جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ
الإِيمَانِ، حَبَّةُ خَرْدَلٍ" [صحيح مسلم/52] [الحكم على المتن: حسن]
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "مَا قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - قَوْمًا حَتَّى دَعَاهُمْ " [سنن الدرامي/2444]
[الحكم على المتن: صحيح]
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم: "مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ
يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ " [صحيح مسلم/1912]
[الحكم على المتن: صحيح]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
رَجُلُ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَهُوَ يَبْتَغِي مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا؟
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لا أَجْرَ لَهُ ". فَأَعْظَمَ
ذَلِكَ النَّاسُ، وَقَالُوا لِلرَّجُلِ: عُدْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه
وسلم - فَلَعَلَّكَ لَمْ تُفَهِمْهُ، قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
رَجُلُ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَهُوَ يَبْتَغِي مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا؟
قَالَ: " لا أَجْرَ لَهُ ".فَأَعْظَمَ ذَلِكَ النَّاسُ، وَقَالُوا لِلرَّجُلِ: عُدْ لِرَسُولِ
اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ الثَّالِثَةَ: رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،
وَهُوَ يَبْتَغِي مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا؟ قَالَ: " لا أَجْرَ لَهُ " [صحيح ابن حبان/4637] [الحكم على المتن: صحيح لغيره]
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلا غَزَا يَلْتَمِسُ الأَجْرَ
وَالذِّكْرَ مَا لَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لا شَيْءَ لَهُ، فَأَعَادَهَا
ثَلاثَ مَرَّاتٍ، يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لا شَيْءَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ:
إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلا
مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ" [السنن الكبى
للنسائي/4331] [الحكم على المتن: حسن]
وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"ذُرْوَةُ سَنَامِ الْإِسْلَامِ الْجِهَادُ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ" [مسند أحمد/ 21545] [الحكم على المتن: حسن]
* * *
ولما سأل رستم - عظيم الفرس - ربعي بن عامر - رضي الله عنه - "مَا
جَاءَ بِكُمْ؟ قَالَ: اللَّهُ ابْتَعَثَنَا، وَاللَّهُ جَاءَ بِنَا لِنُخْرِجَ مَنْ
شَاءَ مِنْ عِبَادَةِ الْعِبَادِ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ، وَمِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا
إِلَى سِعَتِهَا، وَمِنْ جَوْرِ الأَدْيَانِ إِلَى عَدْلِ الإِسْلامِ، فَأَرْسَلَنَا
بِدِينِهِ إِلَى خَلْقِهِ لِنَدْعُوَهُمْ إِلَيْهِ، فَمَنْ قَبِلَ مِنَّا ذَلِكَ قَبِلْنَا
ذَلِكَ مِنْهُ، وَرَجَعْنَا عَنْهُ وَتَرَكْنَاهُ وَأَرْضَهُ يَلِيهَا دُونَنَا، وَمَنْ
أَبَى قَاتَلْنَاهُ أَبَدًا حَتَّى نُفْضِيَ إِلَى مَوْعُودِ اللَّهِ. قَالَ: وَمَا
مَوْعُودُ اللَّهِ؟ قَالَ: الْجَنَّةُ لِمَنْ مَاتَ عَلَى قِتَالِ مَنْ أَبَى، وَالظَّفْرِ
لِمَنْ بَقِيَ". [تاريخ الطبري/ج3، ص 260] فعرض عليه إحدى ثلاث: الإسلام أو الجزية أو القتال.
* * *
الإسلام دين الرحمة والمحبة والسلام والرفق.. جاءت رسالته رحمة لكل
البشرية، رحمة لكل العالمين.. لكنها "رحمة ومحبة" ليست
"سلبية" إنما رحمة ومحبة "إيجابية" تنفعل وتتشابك مع الحياة،
لـ "تحرر" العبيد.. وتطلق الناس "أحراراً" كرماء ليس بينهم
وبين الله - جل جلاله - أي حواجز مادية.. ويَدفع الإسلام بخِيرة رجاله وأبنائه
ليبذلوا أرواحهم رخيصة لله.. دون انتظار أي جزاء مادي أو معنوي في هذه الحياة..
سوى "ابتغاء" رضوان الله.. ومن أجل هذا كان "الجهاد في سبيل
الله" هو أداة "حمل رسالة الله إلى العالمين" لم تكن أبداً غاية
هذا الجهاد اكتساب أرض، أو اغتنام ثروة، أو انتصار جنس، أو حمية لقوم، أو استئصال
لآخرين.. بل كانت غايته هي كبح جماح الشر والفساد والعنف والقسوة والإرهاب
والعنصرية والتطرف، واستباحة كرامة الإنسان، كانت غايته هي تدمير قوى الشر التي
تقف في طريق الإنسان، وتحول بينه وبين الله - سبحانه وتعالى - كانت غايته في كبح
جماح "شهوة التملك" التي تطغى على الإنسان فتجعله يدمر كل شيء في
سبيلها..
ولقد انطلق الإسلام أول مرة.. ليحطم قوى "الوثنية الفارسية
المجوسية" التي كانت تستعبد الإنسان، وتدمر كرامته وإنسانيته، وتجعله عبداً
لشهوته أو حاكمه.. وليحطم قوى "الوثنية الصليبية الرومانية" التي كانت تُحول
الإنسان إلى آلة للمتعة واللذة وتحطم إنسانيته، انطلق الإسلام ليحطم "الوحشية
الصليبية" الإرهابية المجرمة التي كانت تستبيح الشعوب، وتقهرهم قهراً على
اتباع "الصليبية الرومانية" المادية الجافة الخالية من أي معالم للروح..
فتُضيع عليهم الدنيا والآخرة.
انطلق الإسلام أول مرة، وأتم مهمته على أكمل وجه.. وتحررت الأرض من
"إرهاب" و"عنف" الفارسية المجوسية، والصليبية الرومانية..
وانطلق الناس أحراراً ليس بينهم وبين الله حجاب، والطريق مفتوح إلى الله لا يقف
طاغوت في وجهه.. ومن شاء فليؤمن؛ فيصبح أخاً للمسلمين، ولبِنة في مجتمعهم له ما
لهم، وعليه ما عليهم، ومن كفر.. فيعيش آمناً في المجتمع المسلم، لا يجبره أحد على
اعتناق الإسلام، فهو رسالة الحرية، ولكن في نفس الوقت.. لا يخرج على نظامه وشرعه.
* * *
ثم انحرف أهل الإسلام عن "رسالتهم" شيئاً فشيئ، حتى غابت
"رسالة" الإسلام - رسالة الحب والرحمة والسلام والرفق - عن الحياة..
فعادت وحشية وإرهاب "الوثنية الصليبية" من جديد.. ولكن عادت هذه المرة
بصورة وحشية إرهابية عنيفة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحياة والبشرية !! عادت
بوحشية مضاعفة مستخدمة "ثورة العلم" في تدمير الحياة والإنسانية في صورة
إرهابية طالت العالم أجمع باسم "العلمانية" - الوجه الآخر للصليب - وكان
لأهل الإسلام النصيب الأكبر من إرهابهم ووحشيتهم، وقسوتهم التي فاقت وحشية كل
الوحوش..
ولقد كانت بداية إرهاب "الوثنية الصليبية" مبكراً في
"كل" لحظة انحسر فيها أهل الإسلام عن رسالته..
وبعد أن مارست الوثنية الصليبية إرهابها على المسلمين في الأندلس،
وأعملت فيهم "سياسة الأرض المحروقة" و"حرب الإبادة الجماعية"
و"أجبرتهم على الدخول في الوثنية من جديد" بعد نور التوحيد.. ومن
الأندلس انطلقت الوحوش الإرهابية الرومانية الصليبية إلى أرض أمريكا فبدأ هذا
الإرهاب الصليبي العنصري بأمريكا لتعمل في سكانها الأصليين أكبر عملية إبادة في
تاريخ البشرية، بل وفي تصور العقول!! فقتلت عشرات الملايين.. قتلتهم بكل وسيلة، في
حقد صليبي إرهابي لم تشهده حتى خيالات البشر، وحصل نفس الشيء في أستراليا
ونيوزيلندا وفي كل مكان وطئته أقدامهم الوحشية النجسة، اختفى السكان الأصليين
وأصبحوا مجرد تاريخ وتراث.. ولا ننسى "إرهابهم" في أفريقيا واستعباد
أهلها، وجرائمهم في شبه القارة الهندية، وإبادة المسلمين هناك !!
ثم اشتعلت نيران الحقد الصليبي الإرهابي بين أهل الإرهاب أنفسهم،
فقتلوا في الحرب العالمية الأولى والثانية ما يقرب من 72 مليون نفس.. حتى أصبحت
أوروبا كومة من الرماد وأرامل بلا رجال !!
وقتل الوحش الصليبي الإرهابي الأمريكي من المسلمين عشرات
الملايين.. فقتل في العراق وحدها ما يقرب من 2 مليون مسلم، وقرابة المليون في
أفغانستان، وقتلت فرنسا ما يقرب من 3 ملايين في المغرب العربي، وقتلت روسيا ما
يقرب من المليون في القوقاز، ومثلهم في أفريقيا والهند... إلخ، إرهاب يجتاح العالم
كله، ليشفي الصدور التي تغلي بـ "الحقد والإرهاب والمقت والعنصرية" ضد
"كل" البشرية !!
ولم يغب نصيب "النصيرية والرافضية" فقتلت في سوريا في
مجزرة حماة ما يقرب من 45 ألف مسلم، وقتلت الآن ما يقرب من 250 ألف مسلم في سوريا،
وشردت ما يقرب من 5 ملايين، ناهيك عن جرائمهم في الأحواز، والعراق، وأفغانستان،
وفلسطين، ولبنان، واليمن!!
كان الفكر المادي الوثني الصليبي.. سبب تعاسة وشقاء وإرهاب البشرية
كلها، فلم يكن يقنع ببحور الدماء، وإرهاب العالم كله.. بل كان يستمر في استعبادهم
وإذلالهم، ولم يكن يقنع بسرقة ثرواتهم وأموالهم.. بل كان يسرق حتى عرقهم ودمائهم..
بل ولم يقنع بذلك فسرق أعضاء البشر وهم أحياء !!
كل ذلك حدث لما انحسرت رسالة الرحمة والسلام والمحبة عن حياة
البشر..
ولا عجب أن تسمي الوثنية والصليبية والفارسية "جهاد"
رسالة الإسلام.. ورحمته "الإيجابية" إرهاباً.. فهو بالفعل "يُرهب"
وحشيتها.. ويكبح شرورها، فرجال الإسلام لا يخافون وحشية الوثنية.. لأن معهم قوة
التوحيد، ولا يخافون الفكر المادي القاسي، لأن معهم الفكر الإسلامي الندي.. ولأن
معهم قبل هذا وذاك معية الله ونصره، لا معية الشيطان وفقره.
وإن كانت الأمة الآن في مرحلة دفع "صائل" الإرهاب عليها
سواء إرهاب الطواغيت أو إهاب المحتل الصليبي.. ومشغولة بتحرير نفسها من رجسهم
ودنسهم، فإن لها موعد آخر - بإذن الله - مع إنقاذ البشرية من هذا الإرهاب الذي
يجتاح العالم، ويُضيع على الناس الدنيا والآخرة ! لها عودة مع "تحرير
الإنسان" وكبح جماح إرهاب الصليب وتوابعه في كل مكان..
ولا بد من "محاربة" الإرهاب والعنف والتطرف والوحشية والقسوة
في حياة البشر كلها.. لا بد لأهل الإسلام من محاربة الإرهاب الصليبي والفارسي
والإلحادي والوضعي والوثني، حتى تنعم البشرية بالرحمة والمحبة والسلام التي يحملها
الإسلام لهم بحقه وعدله الرباني.
{ فَقَاتِلْ
فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى
اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً
وَأَشَدُّ تَنكِيلاً } [النساء : 84]
{ وَقَاتِلُوهُمْ
حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ
عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ } [البقرة : 193]
* * *