قائمة المدونة محتويات المدونة

17‏/04‏/2016

مجلة دابق.. الوجه الحقيقي

"الإخوان المرتدون".

"وعلى الرغم من ردة الرافضة.. فإن حسن البنا ورفاقه اتبعوا خطوات الحدثيين الماسونيين محمد عبده، والرافضي جمال الدين الأفغاني الذين كانا رائدين في الدعوة إلى الولاء بين المسلمين والرافضة ".

"اقتلوا أئمة الكفر في الغرب ( حمزة يوسف، بلال فليبس، صهيب ويب، ياسر قاضي، صلاح الدين بير فوجل، وغيرهم )".

"أيمن الظواهري.. دمية في يد رجل باكستان أختر".

"أبو خالد السوري إمام الصحوات".

"أبو مصعب السوري المتعاطف مع الإخوان".

هكذا جاء العدد (14) رجب 1437 هـ، من مجلة دابق - الصادرة عن مؤسسة الحياة - ومن شاء أن يرى أسوأ صورة إعلامية، وأضل صورة فقهية، فليطلع على هذا العدد الذي كفرت فيه المجلة جموع من الأمة، والعلماء والمشايخ فيها، فكان هذا هو الوجه الحقيقي الذي حاولوا المواربة فيه سابقاً.

جاء عنوان المجلة: "الإخوان المرتدون" وهذه المرة لم يكن حديثاً عن قيادات الإخوان - كقيادات إخوان العراق مثلاً - بل الحديث عنها منذ نشأتها 1928 م حتى اللحظة، وأتباع هذه الجماعة بالملايين في مصر، وملايين غيرهم في كل مكان؛ والمتعاطفون معهم، والمؤيدون لهم ملايين غيرهم، وبالتالي سينسحب الحكم بـ "الردة" على من يؤيد - أو يُقلد - الإخوان مثل الجبهة السلفية بمصر، والجماعة الإسلامية.. وبذلك سيصبح كافة التيار الإسلامي بمصر - على سبيل المثال - مرتداً ! والعجب من اتهام شيخ الحركة الإسلامية حسن البنا رحمه الله بأنه مرتد - أو يسير على خطى المرتدين! - وقد قُتل هذا الرجل من أجل دعوته - نحسبه بإذن الله شهيداً - وقد كان مقتله سبب لانضمام المفكر الإسلامي المجتهد سيد قطب رحمه الله لجماعة الإخوان، بعد أن رأى فرحة الأمريكان بمقتله.

" وقال سيد قطب: قلت في نفسي الآن حصحص الحق، وأيقنت أن هذه الجماعة على الحق المبين ولم يبق لي عذر عند الله إن لم أتبعها فهذه أمريكا ترقص على جمجمة حسن البنا وهذه بريطانيا تسخر أجهزتها وأقلام مخابراتها حتى داخل أمريكا لمحاربة الإخوان فصممت في قرارة نفسي أن أنضم إلى الإخوان المسلمين".

وإن تكفير جماعة الإخوان بالجملة وعلى العموم، لا شك سيجلب لها مزيد من المتعاطفين، وسيُعمى عن رؤية كوارثها المعاصرة، بعد الانحراف عن خط البنا، وخط قطب.. وبعد الغرق في تيه المواءمات السياسية.

ولم يكن غريباً أن تعرج المجلة على الطعن في المفكر الجهادي الكبير أبي مصعب السوري، حتى يكون هناك "اتساق وتناغم" فأبو مصعب معروف بخطه الجهادي المنضبط - في العموم - كما هو معروف بنقده للإخوان، ولكنهم يطعنون عليه، وعلى أبي خالد السوري الذي قالوا عنه "إمام الصحوات" the dead sahwah leader ومن هذا قد يتبين لنا أمرين:

- مفهوم الصحوات في منهج تنظيم الدولة يعني أنه مرتد حلال الدم؛ قتاله أولى من قاتل العدو الأصلي، وفي ذلك تُشير أصابع الاتهام إلى أن تنظيم الدولة هم قتلة "أبو خالد السوري".. سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

- الحقد الذي جاء تجاه أبو مصعب السوري - وهو أسير أو شهيد بإذن الله - ربما سببه فضحه لجرائم "الجيا -الجماعة الإسلامية المسلحة" الجزائرية التي كادت الآن تنطبق على تنظيم الدولة.

ثم بعد ذلك عرجوا على بعض الدعاة والمشايخ في أوروبا "أئمة الكفر" - بزعمهم وبغيهم -  وهو طعن رخيص، لمحاولة تحويل الشباب المسلم بأوروبا للانضمام لهذا التنظيم الذي كفّر جموع الأمة.

وبهذا تم تكفير عموم المسلمين، وقياداتهم، ومشايخهم.. سواء أكانوا أهل دعوة أو سياسة أو جهاد، ولا يوجد أحد منهم إلا وله أخطاء وعليه مآخذ، بل وله كوارث، ولكن هذه طبيعة البشر، وطبيعة الحركة، ولكن كل ذلك لا يجعلنا نُكفر بالجملة وعلى العموم، فهذا معاول هدم للأمة كلها، بل نشير إلى الأخطاء بلا تبرير؛ ونؤيد الصواب بلا تحيز، وبذلك لم يتبق من المسلمين إلا تنظيم الدولة ومن ناصرهم.

وبهذا أصبح تكفير سيد قطب، وأبو مصعب السوري على المحك أيضاً.. فكليهما متعاطف مع الإخوان - المرتدين بزعمهم - وهما ليسا على جهالة بل في القلب منهم، فما هو حكم من يتعاطف مع المرتدين وهو يعلم ؟ أليست هذه ولاية مُكفرة؟! إذن فلن نتعجب إذا تم تكفيرهم في العدد القادم !.

وسننشر في الأيام القادمة - إن شاء الله - مقتطفات من كتاب أبي مصعب السوري عن الجيا، وكذلك مقتطفات من كتاب "أصول السلفيين" للمجرم أبو عبد الرحمن أمين قائد الجماعة الإسلامية المسلحة.

***

ولقد ظل هذا الخبث يتكشف على صفحات هذه المجلة يوماً بعد يوم.. حتى وصل ذروته في عددها الأخير، وما مقال "أم سمية" منا ببعيد، والذي اعتبرت فيه بقاء نساء المجاهدين - المقاتلين - حالة زنا، لاعتبار ردة أزواجهم التي أصبحت مسألة بديهية، وهذا من أسخف وأفحش الصور الدعوية والفقهية.. تكشف عن حالة "هوس في التكفير" وتأليف وترطيب القلوب بكثرة ذكره !.

وكذلك دعوى استتابة المدرسين السورين بزعم موافقتهم على دستور نقابة المعلمين في نظام البعث، وهي حالة عجيبة ومن أشهر صور التكفير باللوازم والمآلات، ولكن العجب ليس في ذلك فحسب بل، لماذا قطاع المدرسين وحدهم ؟ فجميع قطاعات الدولة في سوريا بل والقطاع الخاص كان يستلزم هو الآخر استتابة وفق زعمهم، ولماذا في سوريا وحدها ؟ ولماذا لم يحصل استتابة لمدرسين العراق والحالة واحدة؟

ولقد كنت أصبر على مثل هذه الأمور، وكنت أرجو أن يتقدم العقلاء لمعالجة مثل هذا الهراء.. ولكننا وصلنا إلى مرحلة يجب فيها إعلان البراءة التامة من مثل هذا "العبث التكفيري".

***

وإن اللغة التي كُتبت بها مجلة دابق، هي نفس لغة "السلفية الجامية المُدخلية" - أخبث من تحدث عن الحركة الإسلامية، وأكثر الناس غلاً وحقداً ودجلاً على المسلمين، وأكثرهم قسوة في القلب وسلاطة في اللسان - ولكنها اليوم "جامية مُسلحة"، تريد إعادة إنتاج "دولة سعودية" جديدة في العراق والشام.

ولقد أصبح مصير تنظيم الدولة الآن - بعد تكفيره الأمة ورواد الحركة الإسلامية - هو إحدى سبيلين:

- مصير "الجيا" الجزائرية ( الجماعة الإسلامية المسلحة ) وخير من فضحهم وكشف جرائهم هو الشيخ أبو مصعب السوري في كتابه: "شهادتي على تجربة الجزائر".

- مصير "إخوان من طاع الله الوهابية" بعد أن خدعهم عبدالعزيز آل سعود، وتم القضاء عليهم بعد أن ضموا له أقاليم الحجاز ونجد بزعم قتال "المشركين".

ولقد كُنت أحد المخدوعين في هذا التنظيم، وكنت أظنهم لا يُكفرون المسلمين - وأن الغلو ظاهرة فردية قد يكون سببها الطبيعة النفسية أو التربوية أو بيئة القتال وخذلان الأمة - وكنت أناصرهم لجهادهم لا لتكفيرهم، ولقد نمى إلى علمي في أثناء ذلك دعوى اعتبارهم جبهة النصرة والإخوان طوائف ردة.. وقالوا إن شرعي بالدولة يقول ذلك، وحاولت التثبت من صحة ذلك فلم أستطع، وقالوا: إن من يقول ذلك هم الغلاة المسيئون للدولة الإسلامية.

ولقد كان كذباً وخداعاً ألا يقولوا ويعلنوا ذلك، فلو قالوا منذ اليوم الأول: "حسن البنا ورفاقه، وجماعة الإخوان، وحازم أبو إسماعيل، وأبو خالد السوري، وغيرهم" كفار مرتدون لاستبان لي الأمر، وعرفت أين يقفون ؟ وماذا يعتقدون ؟ إلا أن الأمر كان فيه مواربة وإخفاء، ظل يتكشف يوماً بعد يوم.. حتى ظهر "الوجه الحقيقي"! فاللهم إني أبرأ إليك من كل كلمة ناصرت فيها هذا التنظيم، اللهم إنك تعلم أنني لم أكتب إلا لنصرة هذا الدين، ورفعة هذه الأمة، وقتال العدو المعتدي.

***

بقيت شبهة سخيفة من المهم ذكرها.. يقول البعض مجلة دابق لا تُمثل الدولة ؟ وأن المجلات التي تصدر في باقي الدول ليس بالضرورة تُعبر عن رأي الدولة ؟ وهذا القول صحيح إذا كانت مجلة دابق تصدر من مؤسسة صحفية مستقلة، في ظل تعدد الأراء.. والمجلات التي تصدر في بقية الدول إنما هي تُعبر عن توجه ما في حرية من الصحافة، أو في معارضة ممكنة، أما الأمر في الدولة فهي "نشرة إعلامية" أو "بيان رسمي" يُعبر عنها.. وليست مجلة بالمعنى الموجود في غيرها من الدول، فهي تعبير دقيق عن توجه رسمي، وموقف عام. وإذا كان الأمر ليس كذلك، فما هو إذن الموقف الرسمي من اعتبار النصرة والإخوان طوائف ردة، وتكفير حازم أبو إسماعيل وغيره من العلماء والمشايخ ؟ وإذ لم يتبرؤوا مما جاء في المجلة.. فما ورد فيها لازم لهم بلا شك.

والشبهة الأسخف: زعمهم أن تكفير المسلمين خلاف سائغ، واجتهاد معتبر.. وقياساً على ذلك فاجتهاد من اعتبرهم "خوارج مارقين" أولى بالاعتبار، طالما أصبح رمي المسلمين بالشرك اجتهاداً يطلقه أي سفيه علينا.

وإني عازم - بإذن الله وتوفيقه - على معالجة ونقد الفكر التكفيري من جذوره والوقوف عند "محطات التكفير" بداية من القرن الأول الهجري، مروراً بالقرن الثالث، ثم القرن السابع، ثم القرن الثاني عشر.. حتى الكارثة التي نحن فيها الآن، دون محاباة لأولئك السابقين الذين ورطوا الأمة فكرياً فيه، ومحاولة تطهير المشروع الإسلامي المتعثر من هذه اللوثة الملعونة.

وإني أدعو كل مجاهد في تنظيم الدولة إلى البراءة من تكفير عموم المسلمين، والبراءة من تكفير قيادات الحركة الإسلامية مهما كانت أخطائهم، والتوقف عن الخوض في قضايا التكفير، واعلموا أن معاول الهدم لكل جهاد وكل حركة هو الخوض في تكفير المسلمين، ولا ينحرف الجهاد - طول تاريخ هذه الأمة، سيما الفترة المعاصرة - إلا بسبب التكفير، والقتال على الرياسة والبغي.. فالخلل في داخلنا وليس في قوة العدو، وليهنأ الأعداء، ولتطمئن أمريكا - وعملاؤها - ولترحل.. فليست بحاجة لهدمنا، فنحن من نهدم أنفسنا بأيدينا، ونكيد لأنفسنا، ونحن خير من يتآمر على أنفسنا.

***