قائمة المدونة محتويات المدونة

31‏/01‏/2018

تقسيم اليمن

قام ما يسمى "التحالف العربي" بقيادة السعودية والإمارات بشن الحرب على اليمن بطلب كما زعموا من رئيس الحكومة "الشرعية!" عبد ربه منصور هادي، بعد استيلاء جماعة "أنصار الله الحوثي" على العاصمة صنعاء..
طالت الحرب دون تحقيق أي نتيجة إيجايبة لصالح "التحالف العربي" لرد شرعية اليمن في زعمهم وكانت يد الإمارات الخبيثة تلعب في جنوب اليمن من أجل تحقيق الخطة "الصهيو أمريكية" لتقسيم اليمن، وجعل الجنوب دولة علمانية، وتفكيك "العصبة القبلية" وتدمير أي حاضنة لأي مشروع إسلامي ( سياسي أو جهادي ) وفي مقابل ذلك تسيطر الإمارات على موانى عدن وغيرها من الجزر..
بعد ثلاث سنوات من الحرب العبثية.. تكلفت ما يقرب من (85) مليار دولار! وملايين من الجوعى، وآلاف القتلى، وتدمير البنية التحتية للبلاد، إضافة إلى تفشي الأمراض المعدية، رغم الثروات الهائلة التي تجعل من اليمن دولة من دول العالم الأول لو كان يحكمها أهل دين أو خُلق ! فهل كان هذا هو "الحزم" و"الأمل" الذي ينتظر أهل اليمن؟!
في: 28/9/2013  نشرت صحيفة النيويورك تايمز مقالها الشهير: How 5 Countries Could Become 14 (كيف لخمس دول أن تصبح 14 دولة؟) وما يخص اليمن فيه.. تقسيمه إلى يمن شمالي، ويمن جنوبي، كما هو موضوح بالصورة:
خطة التقسيم هذه تهدف إلى تفتيت "المنطقة العربية" برمتها، ويجري العمل عليها بقوة، لتدمير ما تبقى فيها من قوة جيوسياسية، وإشغالها بأنفسها لعشرات الأجيال.. وتدمير ما تبقى من تاريخها، وثقافتها، ودينها، ومجتمعاتها !!
تركيا - حتى الآن - أحبطت خطة إقامة "الدولة الكردية" على حدودها، فقيام الدولة الكردية يعني تباعاً تقسيم العراق وسوريا.. لضم الأجزاء الشمالية من كلا الدولتين لحدود الدولة الكردية كما كان مخططاً.. ويبدو أن التعسر الكردي على حدود تركيا، أنعكس سريعاً على اليمن..

فحصل انقلاب على حكومة الشرعية، التي قام التحالف العربي من أجل ردها ! فالمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي يقتال الآن قوات هادي  ويحاول السيطرة على عدن برمتها، وقال رئيس الحكومة الشرعية بكل وضوح إن الإمارات تقود هذا الانقلاب، وسقط اللواء الرابع أهم الألوية التابع للجيش الموالي للحكومة الشرعية، والحكومة الآن محاصرة من قِبل القوات الإماراتية في القصر الرئاسي بعد سقوط كافة المؤسسات الحكومية بعدن، مما يعني أن التحالف العربي الذي عجز عن مواجهة جماعة أنصار الله الحوثي، يمضي في خطة تقسيم اليمن، ويبدو أنه لا يملك قراره السياسي، وقَدّم على طبق من ذهب لجماعة الحوثي "دولة شمال اليمن"، وعاصمتها صنعاء، ولا ندري أهو السفه والرعونة والغباء السياسي؟ أما التآمر والخيانة من البداية لتنفيذ الخطة الصهيو أمريكية؟! أم هو الصراع على السيطرة على "بحر العرب" حيث تمر أغلب التجارة السعودية عبره، وهل سيتم اقتسام عدن بين الإمارات والسعودية؟!
وقد أيد هذه الحرب كوكبة من المشايخ والعلماء، فقد أصدر أكثر من (100) عالم سعودي بياناً أيدوا فيه هذه الحرب، إضافة إلى مجموعة من المشاهير مثل: د. سلمان العودة، د. محمد العريفي، د. طارق سويدان، د. صالح المغامسي، د. يوسف القرضاوي. ومؤسسات إسلامية مثل: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ، الأزهر الشريف، هيئة كبار العلماء السعودية، جماعة الإخوان المسلمين بسوريا، تنظيم أحرار الشام السورية، دار الإفتاء الليبية..
فهل كان هؤلاء على علم بما يُخطط له؟ هل كان يقرؤون في السياسة الدولية تجاه المنطقة؟ وهل كان الطغاة والطواغيت أمناء على أمن غيرهم، وأمناء على إقامة العدل في غير بلادهم، وهم يفسدون في بلادهم؟! وهل كان تحالف السعودية مع الحوثي وصالح سابقاً جائزاً، وحينما تغير المزاج والمصالح أصبح لعنة؟ وأين كل هؤلاء بعد الوضع الكارثي لليمن ومشروع تقسيمه؟ وهل كانت قيادة التحالف العربي أمينة على ثورة اليمن، وقد قادوا عملية وأد "الثورات العربية" برمتها، والحفاظ على العلمانية والفساد بها؟ هل كان من يفسد أي مشروع إسلامي - سواء أكان دعوياً أو سياسياً أو جهادياً في مشارق الأرض ومغاربها أميناً على الحفاظ على اليمن؟!!
هل من كلمة اعتذار للأمة أو تراجع عن عبثهم؟ وهل كانوا يظنون أن طغاة التحالف العربي تنتظر كلمتهم وفتواهم.. أم هم مجرد "ديكور" وعوامل "تخدير" لحشد الجماهير الغافلة؟ وهل يُنظر لهؤلاء المشايخ من أجل علمهم والحق الذي معهم، أم لمجرد شهرتهم، وقدرتهم على الحشد والتأثير؟!
حقاً إنهم مأساة لا تقل عن مأساة اليمن ذاتها !!
هذا وقد استغلت الإمارات "السلفية الطاغوتية" من أجل هذا القتال، وقوات ما يسمى "الحزام الأمني" وغيرها من العصابات.. من أجل السيطرة على عدن، وبعد مقتل الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح على يد جماعة الحوثي.. حاولت السعودية التقرب من حزب الإصلاح الإخواني، لتحاول أن تركبه هي الأخرى في معركة ليست معركته، ولا يملك فيها قراراً ولا أمراً مجرد محاولة توظيف له.. والحركات الجهادية تقاتل من أجل القتال فقط !
فغياب الرؤية الجيوسياسية، بل وغياب المشروع السياسي برمته يجعل "الحركات الإسلامية" تؤدي الدور الوظيفي لألد أعدائها، وتتحول إلى محرقة للشباب باسم "الدين والشرع" !! ويتمكن من يملك "خطة استراتيجية" محكمة، وقوة تحقق هذه الخطة، ويتحرك ضمن حدود قوته، ويأوي إلى "ركن شديد" كما فعلت جماعة أنصار الله الحوثي بمساعدة إيران في اختطاف دولة بأكملها أصبحت تمتلك صواريخ بالستية تصل حتى العاصمة الرياض !.
وإن تم تقسيم اليمن لا قدر الله فالخطر يحوم حول السعودية أكثر من ذي قبل، فوجود دولة شيعية تحت إدارة إيران في جنوبها أعتقد أنه يهدد أمنها القومي.. بل إن الخطة تهدف إلى تقسيم السعودية ذاتها كما سبق التفصيل في مقال "تقسيم السعودية" فهم يخربون بيوتهم بأيديهم، وتصحبهم لعنات الضحايا والجوعى والمرضى.
وإن ترك "عصابات المافيا" التي تسمي أنفسها "حكومات شرعية" لحكم بلاد المسلمين، لا بد وأن يتركها خاوية على عروشها إما مقسمة ومفتتة، وإما فاشلة يضربها الفقر والتوتر الاجتماعي، وسرقة الثروات، وبيع الأوطان.. فلا شرعية لهؤلاء المجرمين، ولا شرعية للظلم، ولا للاستبداد، ولا للطغاة والطواغيت.
وحتى يتوقف هذا النزيف والسوس الذي ينخر في الأمة.. عليها أن تعود إلى رشدها، وتثور لتحرر أوطانها من هؤلاء الطغاة، بعد أن تستبين سبيل المجرمين.

***