قائمة المدونة محتويات المدونة

29‏/12‏/2019

المشهد الليبي


في ليبيا تكاد تدور حرب عالمية لإنجاح "الانقلاب المتعسر" منذ سنوات؛ وذلك (1) لوجود شرعية شعبية ودولية لحكومة طرابلس. (2) لوجود قوة عسكرية تحمي هذه الشرعية وتُدافع عنها. ومقارنة بالحالة المصرية نجد أن فقدان القوة العسكرية جعل "الانقلاب العسكري" لا يأخذ سوى ساعات معدودة لإتمامه!

المشهد الليبي الحالي يفتح أعيننا على حقائق باتت كالمسلّمات، وهي:
(1) لا غنى عن وجود شرعية شعبية وسياسية ودولية للكيان السياسي.
(2) لا غنى عن قوة عسكرية ذاتية منظمة تحمي هذه الشرعية.
(3) الغرب لا يعنيه مسميات "الديمقراطية، وحقوق الإنسان"، وخاصة الدول التي شنت على بلاد الإسلام الحملات الصليبية  مثل (فرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا، وألمانيا، وروسيا، والولايات المتحدة) فهي لا تريد الخير والفلاح لبلادنا، فكل ما يعنيها سرقة ثرواتنا عن طريق أنظمة فاسدة خائنة لدينها وأوطانها، ومنع أي نهضة حقيقية لهذه البلاد تمنع هذه السرقة والاستغلال.
(4) الأيادي المرتعشة في مواجهة هذه الحرب العالمية، ستخسر كل شيء في النهاية.
(5) استباق القضاء الشامل على رؤوس وجذور هذه الانقلابات أمام ثورات الشعوب هو الحل، وليس محاولة استجداء النظام الدولي، ودعوته إلى الالتزام بالقيم التي ينادي بها.
(6) الحلول السياسية، إنما هي ثمرة "النجاح العسكري" والسيطرة على الأرض، وليس العكس.. ومن يغفل عن هذه الحقيقة يخسر كل شيء.
ويتضح كل يوم تشكل الجبهات:
-         جبهة صهيونية عربية.
- وجبهة شعبية ثورية.
ومقومات القوة في الجبهة الصهيونية العربية:
(1) الدعم المالي الغير محدود.
(2) الدعم العسكري والجوي الوفير.
(3) تأييد النظام الدولي لهذه الجبهة تارة بالتصريح، وتارة بالخفاء حفاظاً على قدرته على خداع البسطاء والسذج.
وعوامل الضعف في هذه الجبهة:
(1) الشر الخالص الذي تحمله، والمكر السيء الذي يحيق بأهله في النهاية.
(2) عدم وجود عقيدة وغاية يقاتل عليها أفراده سوى أطماع الحياة الدنيا.
(3) عدم وجود الظهير الشعبي القابل لهذا الشر والفساد.
ومقومات القوة في الجبهة الشعبية الثورية:
(1) القضية العادلة التي تنافح عنها، والعقيدة القتالية الصادقة في استرداد الحقوق، وبناء الدولة، وتخليصها من الهيمنة والتبعية.
(2) ازدياد الوعي، وإدراك أهمية القوة العسكرية بعد فشل شعارات السلمية، وانكشاف خدعة الدول الغربية، ومعرفة أن المعركة صفرية مع هذا العدو.
(3) الظهير الشعبي، والحاضنة المجتمعية التي ترفد هذه الحراك بمقومات الحياة.
وعوامل الضعف في هذه الجبهة:
(1) ضعف القوة العسكرية مقارنة بالجبهة العربية الصهيونية، خاصة "السيطرة الجوية" دفاعاً وهجوماً.
(2) إيمان البعض بقدرة المؤسسات الدولية والغرب على إنصافهم، مما يؤدي إلى التذبذب في المواجهة.
(3) خطورة انقسامها أمام المغريات، والوعود الوهمية من الجبهة العربية الصهيونية والغربية.
وسيظل هذا التدافع مستمراً، حتى ينتصر أحدهما على الآخر.. والأمر مرشح للانفجار أكثر فأكثر.
وكلما كانت قضيتك عادلة تريد بها الحق والعدل، وحميتها بكل عوامل القوة الممكنة.. كلما كان النصر – بإذن الله – واقعاً، والحق لا ينتصر - في هذه الدنيا - وحده دون قوة تحميه وتُدافع عنه؛ وذلك لعلة الوجود الإنساني على هذه الأرض.. وهي "الابتلاء" فهي "دار عمل" لا "دار جزاء".
***

تحديث: بخصوص مؤتمر برلين المُنعقد بتاريخ: 19 /01 / 2020 م
بينما كان يَتحضر السراج لمؤتمر برلين، كان حفتر: (1) يسيطر على الموانئ النفطية، (2) ويشن غارته قدر ما تطول يداه الخبيثة. في حين كان السراج يطلب الحماية الدولية!
حفتر يضرب دون تردد، وينهب دون التفات، وهو المجرم الأجير، ولكنه يفهم (السياسة) جيداً.
في مؤتمر برلين سيقول الجميع - بلا استثناء - لا حل سوى (الحل السياسي)! وهم جميعاً يكذبون! فلا حل إلا بالقوة التي تحميك، وإلا بفرض الأمر الواقع، وإلا بالسياسة المتوازنة الحكيمة، وخلق الشرعية المحلية والدولية لنظامك.
في مؤتمر برلين - وما شابهه من مؤتمرات - لا مكان للحق والعدل. بل للمصالح.
السراج - ومن نحى نحوه - لا يعرف حتى الآن (خريطة العدو)، ولا (تعريف العدو) فضلا عن كيفية مواجهة هذا العدو! ولذلك هذا النوع المرتعش (المُستجدي) حقه، و(المُشتكي) خصمه.. يفشل سياسياً وعسكرياً.
ليبيا ليست بحاجة إلى (حماية دولية) فهي مظهر جديد من مظاهر الاحتلال والهيمنة والتبعية.. ليبيا بحاجة إلى سواعد الصادقين من أبنائها، وإلى أسلحة دفاع جوي، وطائرات حربية متطورة لتحرير بنغاي من عصابة حفتر، ولا مكان لرئيسين في بلد واحد.
ومازالت الدروس والعِبر تتوالى؛ حتى نتعلم، وحتى نُغير ما بأنفسنا.
***