ومن ثم.. فالفكر والعقيدة والنمط والنظام اليساري هو "دين مكتمل الأركان" له مرجعياته، وأنبياءه ـ (ماركس، ولينين، وإنجلز) و(وفرويد ودوركايم وداروين وكينزي وجيفارا وسارتر وسيمون دي بوفوار، وجميعهم ملاحدة إباحيين، وبعضهم شواذ) ـ وله كتبه، وله تفسيره الخاص للحياة والوجود والتاريخ والأخلاق، وسواء أكان في صورة ناعمة مُتموضعة في داخل المجتمعات المسلمة، ومتعايشة مع حالتها المتدينة المُحافظة، أو كان في صورته الوحشية المحاربة والمعادية لكل شعائر وشرائع الإسلام.. فهو في النهاية دين غير دين الإسلام، بل هو دين يحارب الإسلام ـ سواء بصورة ناعمة أو وحشية ـ ويحارب وجوده الاجتماعي والسياسي، ويناقض تفسيره للحياة والوجود والإنسان، ويسعى إلى زحزحته عن أي دور قيادي أو مرجعي.. ويجعل المرجعية لأنبياء اليسار والإلحاد والإباحية! والثورة والإصلاح والتغيير باسمهم لا باسم الله.
واليسار أنواع.. فقد يكون اليسار يساراً في الثقافة والفكر ونمط الحياة، وليبرالياً رأسمالياً في الاقتصاد.. وهكذا.
واليسار السياسي نفسه أنواع؛ منه اليسار الديمقراطي واليسار الثوري المسلح. واليسار كذلك يختلف جغرافياً، فمنه من يرفع شعارات القومية، ومواجهة الصهيونية والإمبريالية، ومنه من يكون صهيونياً، وإمبريالياً ومحققاً لمشروعهم!
والكلام بشكل عام عن الفكر المادي ـ سواء أكان يسارياً أ وليبرالياً أو وجودياً (وبالجملة علمانياً)، والذي يُزاحم الإسلام في محاولة أهله إعلاء كلمة الله.
والله ـ جل جلاله ـ لا يَقبل أن يكون المسلم يُسلم وجهه لله في العبادة، ولا يُسلم وجهه لله في الشعائر والنظم الاجتماعية والسياسية والتشريعية والثقافية والفكرية... إلخ؛ فيكون مُسلما في العبادة، ويَسارياً أو ليبرالياً (علمانياً) في شؤون الحياة؛ فهو بذلك لم يُسلم وجهه لله على الحقيقة.
كما أنه ـ سبحانه وتعالى ـ لا يَقبل من المسلم مجرد الانتساب والاسم.. بينما لا يؤدي شعيرة، ولا يعبأ بشريعة، ولا يَقضي بما قَضى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى:
﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ [لقمان: 22]
﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: 112]
﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [النساء: 125]
﴿فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ﴾ [الحج: 34]
﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [الزمر: 54]