"أجهزة الاستخبارات الفكرية" أحد الأجهزة التي تساهم في إخضاع الأمة للقوى الغربية ودول المركز وهي من أخطر الأجهزة، وتضم أكبر عقول البشرية، وصانعي القرار، وخريجي أعرق الجامعات، وخزانات التفكير، ولها ميزانيات مفتوحة؛ ومنوط بها مهام عظيمة وخطيرة.. مثل:
ـ تفريغ الإسلام من الشرع، والجهاد.
ـ تفريغ الإسلام من مضمون رسالته العالمية.
ـ الاختراق والعبث الفكري تجاه قيادات العمل الإسلامي.
ـ وضع المحددات والمؤشرات التي يتحرك عليها خط الفاعلية.
ـ تحديد ورسم خط الفاعلية.. وتحديد المنطقة الآمنة والمنطقة الخطرة.
ـ التنسيق بين الأجهزة الفكرية الأخرى لتوسيع الرؤى وتحديد ما هو مناسب لكل دولة على حدا.
ولعل أهم مكونين لأجهزة الاستخبارات الفكرية هما:
ـ خط الفاعلية.
ـ المحددات، المؤشرات.
خط الفاعلية
تَضع النظم الجاهلية العلمانية خطاً بينها وبين الإسلام، تسميه "خط الفاعلية" الذي به تحسب وتحدد ما تسمح به من هذا الدين، وما تمنع! فهي قد تسمح بكل شيء قبل هذه "الفاعلية".. من خطب ومحاضرات وندوات وكتب ومشاركة سياسية وبرلمانات...إلخ، وتسمح لكل داعية أو سياسي - قبل خط الفاعلية - أن يتكلم فيما يحلو له في "حدود" الدائرة المرسومة له، بل وتدعم الحكومات هذه الجهود لأنها "قبل خط الفاعلية.. أي: بلا فاعلية" من جانب، ومن جانب آخر: إنها تستهلك جهد الناس ومشاعرهم في قضايا "هامشية"..
وتحديد خطوط الفاعلية هذه، لا يتم بشكل عشوائي أو عفوي أو فردي.. إنما يقوم به "جهاز استخبارات فكري" على وعي بالحراك الديني والثقافي والفكري والواقعي للمجتمعات المسلمة.. فتجد - مثلاً - ما هو ممنوع في بلد، يُسمح به في بلد آخر، وليس كما يتوهم البعض أنها "الحرية" ولكنها "خطوط الفاعلية" التي تختلف من بلد لآخر..
وجهاز الاستخبارات الفكري هذا، يعمل على رصد كل حراك فكري وواقعي داخل المجتمعات، ويرصد مدى تأثيره على أمن "النظم الجاهلية" ويضع الخطة المناسبة لاحتواء وتفريغ هذا الفكر.
وخطوط الفاعلية التي يضعها هذا الجهاز الاستخباراتي، هي التي تحدد حركة العاملين للإسلام تحديداً.. لأن الإسلام هو عدو النظم الجاهلية.. إذ إنه النظام الوحيد الذي لا يقر بشرعية تلك الأنظمة، وليس هذا فحسب، بل من أصول مبادئه تحطيم هذه الأنظمة الباغية الفاسدة.. ولأن المعركة تبدأ في الأفكار التي تحدد السلوك، فلهذه الخطوط ولهذا الجهاز الاستخباراتي أهميته القصوى، ورجاله المتميزون.
والوظيفة الأولى والأساسية لخطوط الفاعلية، والجهاز الاستخباراتي هي: المحافظة على "الخدر العام" لجموع الأمة، وأي أحد كائناً من كان يحاول إيقاظ هؤلاء النائمين، فهو المجرم، المعتدي، الذي تعتبر فعلته هذه "جريمة تستحق الإعدام".
لذا، فهم يدرسون هذا الدين بوعي، وينظرون إلى مفاصله وقواعده، لتوجيه الضربات القاتلة إليه، ويتركون البقايا تلوكها ألسنة الدعاة كيفما شاءوا!
وعندما يصل أحد إلى "مرحلة الفاعلية" في فكره أو عمله أو حركته.. تُشن عليه حرب شعواء لا هوادة فيها.. فالصعود إلى خط الفاعلية أو تجاوزه، من شأنه أن يحرك العقول الراكدة، والنفوس المستكينة، والقلوب الميتة، الأمر الذي إن حدث على نطاق شامل في كيان الأمة، يمكن أن يغير وجه التاريخ، ويضع ملامح جديدة للمستقبل.
وإذا حدث أن تجاوز فعل أحد "مرحلة ما قبل الفاعلية" وصعد إلى "مستوى الفاعلية" دون أن يلحقه أذى من "النظم الجاهلية" فسوف يعملون على نزع فتيل الفكرة قبل أن تنفجر في قلوب النائمين وتسري في دمائهم.
ونزع الفتيل هذا يتم إما بزيادة جرعة التخدير، بكثير من المشكلات الحياتية التي تأخذ الإنسان في دوامة لا نهاية لها، أو بعض من المخدرات الجنسية والفكرية.
فما هو خط الفاعلية هذا؟
الفاعلية: هو أن يسود حكم ونظام الإسلام في الأرض، رغم أنف الطغاة والمتكبرين والمتجبرين.. وحين يقترب أحد من هذا الأمر بقول أو فعل أو حتى خاطرة.. فقد ارتكب جريمة في حق الطغاة.. وهي فعلاً كارثة للطغاة، وخلاص للإنسانية.
نعم.. إن هذه دعوة الإسلام.. في كل الأرض، يريد أن يحكم ويسود، يريد أن يسود عدله وشرعه، وتصوراته وقيمه، وأخلاقيته وسلوكياته، ومن أجل ذلك أرسل الله الرسل وأنزل الكتب: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد : 25] ومهما بُذل من تضحيات بالنفس والمال، فهي قليل في هذا الطريق.
هذه هي الفاعلية التي لا يريدها الأعداء.. وهذا هو الإسلام الذي يَقض مضاجع الطغاة.
أما ما هو دون ذلك من حديث عن الإسلام، فلا يضر مصالح الطغاة في شيء، بل على العكس قد يستخدمونه في أحيان - عن طريق الكهنة - لترسيخ تسلطهم، وملكهم!
ولا عجب أن الحديث عن جزئيات الإسلام منفصلة عن روحه وأصل أصوله وهو "النظام الذي يتمثل فيه" لا يأتي بشيء جذري في الواقع، سوى نفوس مضطربة، وسلوكيات متناقضة، وعقول حائرة، وقلوب تائهة، ومزيد من المشكلات التي تتعقد يوماً بعد يوم، وجيلاً بعد جيل.. ثم تعود لتتساءل: أين السبيل؟ وتعود الكَرة من جديد.. بحث في الفراغ، وحديث في الفراغ، وعمل في الفراغ!
فلا مفر أمام كل مسلم، وبخاصة الدعاة إلى الله، إلا أن يصدعوا بدعوة الحق، وليفعل الله بدينه وعباده ما يشاء، ولا يخافوا في الله لومة لائم.. فهما كانت التضحيات، فالحق أحق أن يتبع.
* * *
محددات، ومؤشرات أجهزة الاستخبارات الفكرية
لكل منطقة من مناطق الجهاز الفكري محددات ومؤشرات.. يتحرك المؤشر لأعلى، ولأسفل بدقة ومرونة.. طبقاً لحالة "ظهور وانتشار الإسلام" على أرض الواقع، فيتحرك المؤشر طبقاً لذلك.. إذا كان للإسلام انتصار يتحرك المؤشر لأعلى ليفسح المجال لحرية محدودة ومحددة للإسلام؛ ليحبط بها انتصارات الإسلام الواقعية، وإذا كان الإسلام في انحسار؛ يتحرك المؤشر لأسفل ليضيق عليه الخناق أكثر، رغبة منه في القضاء عليه تماماً!
والصورة المثالية "المنطقة الخضراء" لـ الوضع الذي رُسم بعد سقوط الخلافة ويضمن عدم وحدة المسلمين وسيادتهم من جديد، هي: أربع نقاط لا مجال للتفاوض أو العبث أو حتى الاقتراب منها أو وجود مصدر تهديد أو إزعاج لها:
1. أمن ما يُسمى "إسرائيل" (عسكري الحضارة الغربية).
2. عدم عودة الخلافة وتوحيد الأمة (وقيام نظام حكم إسلامي حقيقي).
3. عدم الاجتماع على الإسلام، والانتساب للشرع والتحاكم إليه (احترام العلمانية والقوانين الوضعية الغربية).
4. الحفاظ على النفوذ الغربي وإمدادات الطاقة والثروات داخل بلادنا لصالح الهيمنة الغربية والشركات الكبرى.
وتصبح "المنطقة الحمراء" - التي تعني نشوب حرب عالمية - هي قيام عمل حقيقي ضد: [إسرائيل - الطغاة – العلمانية - النفوذ الغربي ومصالحه]
وتكون "المنطقة الرمادية" التي تلي المنطقة الخضراء، هي: مجرد "محاولة" الخروج من المنطقة الخضراء للتحرر من هذه العبودية، وعندها يتحرك المؤشر وفق دقة بالغة، وعملية مدروسة تتحكم فيها أكبر عقول الاستخبارات وصناع القرار.
وتكون "المنطقة الصفراء" هي: "النجاحات الجزئية" للخروج من المنطقة الرمادية، وعندها تبلغ الاستعدادات الدرجة القصوى لمنع الوصول إلى المنطقة الحمراء؛ مثل الدفع بالمشاركة السياسية أو غض الطرف عن تغييرات شكلية في النظام السياسي.. وبهوية علمانية!
إذن.. نحن أمام أربع حالات للمؤشر ومحدده:
المنطقة الخضراء = حيث العلمانية مستقرة، وناجحة والناس إليها مطمئنون.
المنطقة الرمادية = حيث العلمانية مضطربة، وفاشلة، والناس يحاولون البحث عن بديل، وخروج منها، والسماح بممارسة بعض شعائر الإسلام!
المنطقة الصفراء = حيث وجود "نجاحات جزئية" ضد العلمانية، والسماح بمشاركة سياسية!
المنطقة الحمراء = حيث الاقتراب من مناطق الخطر التي تعني حرباً عالمية: [إسرائيل - الطغاة – الحكم الإسلامي - النفوذ الغربي ومصالحه].
والآن إلى دراسة كل مؤشر على حدا..
* * *
المنطقة الخضراء
الحالة الخضراء والآمنة والمثالية للمحدد والمؤشر هي:
ـ الانسلاخ التام من الإسلام.
ـ تأليه الإنسان.. ووضع الإنسان مكان الإله!
ـ اتباع ملة الجهاز "العلمانية" المتطورة عن النصرانية.. قلباً وقالباً.
ـ الجهل، وعدم الرغبة في تعلم أبسط بديهيات الإسلام.
ـ النفور من لغة القرآن، والجهل بها، والاستخفاف بها، والتحدث بلغات أخرى.
ـ اندثار شعائر الإسلام مثل الأذان، الحجاب، الصلاة... إلخ.
ـ عدم الاهتمام بالغيب والتفكير الروحي، والركون إلى الحياة الدنيا روحاً وفكراً وعملاً وتخطيطاً.
ـ إلغاء التعليم الديني، وتجفيف منابعه.
ـ التفكير من خلال المناهج الفكرية المادية الوضعية كـ (الرأسمالية - الليبرالية - الاشتراكية - البراجماتية - الديمقراطية - الشيوعية... إلخ).
ـ اعتبار الحضارة الغربية هي القدوة والمثال.. ونهاية التاريخ.
ـ السيطرة على مناهج التربية والتعليم، والإعلام، والثقافة، والفن.. حتى تكون علمانية خالصة.
هذه هي الصورة المثالية التي يكون فيها المؤشر في المنطقة الخضراء، وفي حالة استرخاء، وفي استقرار تام، ولكن غالباً ما تحدث إخفاقات سياسية وإدارية لوكلاء المحتل نتيجة الفساد والظلم والاستبداد فيفشلون في إنجاح العلمانية، وتضطر الناس للبحث عن بديل، وتجد أصواتاً تنادي أن الطريق هو الإسلام!
وكل منطقة من مناطق الجهاز لها وضع "مثالي"، ووضع "مُقلق":
وهذه المنطقة الخضراء:
وضعها المثالي: يعني الاستقرار والصورة المثالية فالمؤشر في حالة مستقرة، ومجرد ارتفاعه لأعلى يعني: اضطراب في حالة الاستقرار، والحد المثالي للمؤشر هنا هو علو العلمانية، واندثار الإسلام وشعائره.
وضعها المُقلق: يعني ارتفاع المؤشر لأقصى درجة داخل "المنطقة الخضراء" وإنذار بالخروج من هذه المنطقة كلها إلى المنطقة الأخطر التي تليها وهي: "المنطقة الرمادية".. وفي هذه المنطقة يتوقف الهجوم على الإسلام، ويتوقف الخطاب المُعادي له، ويتخفف من الحديث عن الإباحية والإلحاد... إلخ.
وما بين الحد المثالي والحد المُقلق المضطرب تتأرجح "محددات" المؤشر، ويجب أن نفهم أن مؤشر الجهاز ومحدده لا يعمل بصورة جامدة أو منفردة.. بل هو شديد المرونة، سريع الحركة.. ويعمل في أكثر من منطقة في وقت وحد ليكون المُخرج النهائي من "أجهزة الاستخبارات الفكرية" صورة ضبابية غير قابلة للتفسير!
* * *
المنطقة الرمادية
وضعها المثالي: هو الحفاظ على "الهوية العلمانية" مصونة، وتوقف الخطاب المُعادي للإسلام!
وضعها المُقلق: هو الحفاظ على "الهوية العلمانية" مصونة، والسماح بممارسة شعائر الإسلام.. كالحجاب، والصلاة، وبعض تشريعات الإسلام الأسرية في بعض البلدان... إلخ من "علمانية معتدلة"!
ولا ننسى.. ما يُسمح به في بلد، قد يُمنع في بلد آخر، طبقاً للعوامل الاجتماعية والنفسية والتاريخية والسياقات السياسية.. ووفق ما يحدده الجهاز من خطورة.
يبدأ الناس في البحث عن هذا "الإسلام" وماذا يمكن له أن يحل من مشكلاتهم! فيتلقون الإسلام وهم بهذا الإرث الهائل من العلمانية.. فتستجيب له "الذرية" من الشباب غير المُثقل بلوثات العلمانية، ويقبل عليه بقلوب طاهرة، بينما يتكلس ويتجمد الكبار على ما ألفوه أول مرة..
ويأتي الإسلام "بعضاً" من ثماره.. فيضطر "مؤشر أجهزة الاستخبارات" بالتحرك لأعلى لاحتواء هذه الثمار، وعدم تركها إلى أن يستفحل أمرها.. فتسمح بما كان ممنوعاً سابقاً، فليكن هناك مثلاً:
ـ حجاب وعدم التضييق عليه، من باب "الحرية الشخصية".
ـ صلاة جماعية في رمضان، من باب "الحرية الشخصية".
ـ دروس وخطب حول التدين الفردي، والخلاص الذاتي، شبيهة بنمط التنمية البشرية الغربية.
ـ تخفيف القبضة الأمنية والملاحقات على دعاة الإسلام.
ثم يراقب الجهاز أثر هذه المساحة التي تركها، هل مازالت تتحرك لأعلى، وتريد الدخول في "المنطقة الصفراء" أما رضيت بهذا الوضع؟
إذا رضيت بهذا الوضع.. سيعمل الجهاز من خلال "أجهزة الإعلام" عن إفساد المساحة التي سمح بها، ليعود المؤشر مرة ثانية إلى "المنطقة الخضراء" والوضع المستقر؛ لأن الأصل في الجهاز، والحالة المثالية هي: "بقاءه في المنطقة الخضراء"..
وإذا وجد أن أثر هذه المساحة يتجه للدخول في "المنطقة الصفراء" سيعمل الجهاز من خلال "أجهزة الأمن" على تقويض الدعاة وإفشال حركتهم، ومحاولة تجميدهم عند "المنطقة الرمادية"..
ويتم في هذه اللحظة "الاختراق الفكري" للدعاة وأصحاب العمل الإسلامي.. باستخدام "سلاح التقزيم"! كالتالي: إن أي حركة للأمام ستهدد "مصلحة الدعوة" وإنه يجب الحفاظ على "المكتسبات الحالية وعدم التفريط فيها"، وعدم "التهور" للانتقال لدرجة أعلى.. فإن البقاء في "المنطقة الرمادية" أفضل بكثير من "المنطقة الخضراء" للعلمانية التي كانت تحظر حتى الحجاب، وتحارب أبسط مظاهر التدين على سبيل المثال..
انظر إلى ثمرة ما نحن فيه من صلاة وحجاب وشعائر ونحن في "المنطقة الرمادية".. يجب أن نحافظ على هذه المكتسبات ولا نفرط فيها، ونتحرك بهدوء وحكمة وروية.. وبمرور الوقت سيتغير الناس، وسيقتنعون بنا وبمنهجنا.. هذه هي "عملية الاختراق" لمنع أي محاولة للانتقال من "المنطقة الرمادية" إلى "المنطقة الصفراء". فهي محاولة لتقزيم وخنق المجال والفضاء الإسلامي الواسع الذي يشمل كل نشاط الحياة، والقناعة والرضى ببعض المكتسبات الهشة!
* * *
المنطقة الصفراء
وضعها المثالي: المشاركة السياسية في النقابات والبرلمانات باسم الإسلام، والاكتفاء بذلك.
وضعها المُقلق: الوصول إلى كرسي الحكم والمراكز القيادية "ضمن إطار الدولة العلمانية".. وغض الطرف عن إصلاحات جزئية تكون تحت السيطرة والتقويض، و"ضمن إطار هوية الدولة العلمانية"!
والإسلام يملك قوة ذاتية، لا يدري أحد متى وكيف ينبعث؟! وسيظل ينبعث إلى يوم الدين! وعندما ينجح البعض في الخروج من "المنطقة الرمادية" إلى "المنطقة الصفراء" وتفشل معه عملية "الاختراق الفكري" التي كانت تؤمل قعوده عن الحركة والانطلاق للأمام.. تبدأ عملية التقويض لأي مكتسبات باسم الإسلام، وجعلها مكتسبات هشة ضعيفة، وربما إدخال البلاد في حرب اقتصادية، وأزمات مفتعلة لإفشال كل حل يأتي باسم الإسلام أو تحت دعوته ورايته.
والمنطقة الصفراء: منطقة واسعة جداً، والعمل فيها بالنسبة لأجهزة الاستخبارات معقد، وصعب، ودائم التغير لاتساع رقعة هذه المنطقة، وتعدد خطوطها.. وابتعادها ظاهرياً عن العلمانية، تبدأ هذه المنطقة بنقطة "السماح بالدعوة" وتنتهي إلى نقطة "السماح بممارسة السياسة" داخل إطار الدولة العلمانية!
السماح بالدعوة: تحدد أجهزة الاستخبارات الفكرية - وبمعاونة أجهزة الأمن - مجال الدعوة المسموح به، فلا يخرج عن إطاره المرسوم فلا حديث عن قضايا سياسية أو نوازل الأمة.. الحديث فقط في مجال: (الأخلاق - التزكية - الرقائق – فقه العبادات... إلخ) ولو ظلت الدعوة آلاف السنين لا يجب أن تخرج عن هذه المحددات!
ولكل منطقة داخل البلد الواحد محدداته الخاصة، فيما يُسمح به في محافظة (ولاية)، يُمنع في أخرى! وهذه تحددها الطبيعة والتركيبة الاجتماعية لأهل المحافظة، وغيرها من العوامل الدقيقة التي يصعب رصدها!
وتتم عملية الاختراق الفكري كالتالي:
انظر في حال أهل المنطقة الخضراء - أهل العلمانية المحضة - وانظر إلى حال أهل المنطقة الرمادية، كيف كانوا والآن الدعوة نجحت وأتت ثمارها فها هي: [الصلاة - والقيام - والاعتكاف - وانتشار الحجاب - واللحية - والمعاهد الدينية - وحفظة القرآن - والقنوات الدينية... إلخ] فيجب المحافظة على هذه المكتسبات من أجل "مصلحة الدعوة" وعدم التهور والاندفاع أكثر من ذلك.. بفعل أفعال طائشة لا تُقدر الواقع ولا توازن بين المصالح والمفاسد.. وهو كلام ذو وجاهة، ومكتسبات بالفعل يفرح لها كل مسلم، ولكن مشكلتها الخطيرة هي أنها مكتسبات هشة ضعيفة، يمكن أن تأتي عليها العلمانية بين ليلة وضحاها من قواعدها، فكل مكتسب لا تحميه بقوة وشباب الإسلام هو مكتسب هش ضعيف في مهب الريح من ناحية الوزن السياسي، ومن ناحية الوزن الشرعي يجب أن يكون "باسم الإسلام"، وليس "بإذن العلمانية".
السماح بالسياسة: مجرد السماح بالسياسة أمر يزعج أجهزة الاستخبارات ولا تفضل أن يدخله أحد باسم الإسلام، فهذا يُعقد ويُصعب من طبيعة عملها، وعلى كل حال يجب توظيف كل شيء، والاستفادة من كل وضع.. فيتم السماح بممارسة السياسة في إطار محدد ودقيق، لا يتجاوز موضوعات: "الخدمات العامة - التطوير الاقتصادي - بعض العدالة الاجتماعية" ولا يتطرق بأي صورة من الصور إلى "هوية الدولة العلمانية القومية" أو يتطرق إلى "تحكيم الشريعة وحدودها" فشرط الممارسة السياسية معقود على بعض الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية فقط لا غير؛ التي تخفف من حالة الاحتقان جراء الظلم والفساد، كما لا تفضل أجهزة الاستخبارات أن يبقى من يمارس السياسة "بوجه إسلامي" - ولو صورياً - مدة طويلة حتى لا يظن الناس أن الإسلام قادر على إدارة حياتهم أفضل من العلمانية! وأهم شيء هو الحفاظ على شرعية الوجود العلماني، بل وسيادته، وما أتى السياسي المسلم إلا بإذن العلمانية، وبشروطها، وبقوانينها، ومن ثم فهو مجرد تنافس سياسي على الخدمة العامة للمواطنين.
وتتم عملية الاختراق الفكري كالتالي:
انظروا أين كنتم؟! انظروا كيف كان أهل المنطقة الخضراء والرمادية.. بل انظروا إلى أهل الدعوة في "المنطقة الصفراء" المسموح لهم فقط بالدعوة، أما أنتم: فالآن لكم صوت ووجود، والآن أنتم في البرلمان والحكومة والنقابات... إلخ تستطيعون أن تصلوا متى سنحت الفرصة، وتصلحون قدر المستطاع، ولا يُكلف الله نفساً إلا وسعها! وهذا هو المتاح، فيجب الحفاظ على هذه المكتسبات من أجل "مصلحة الدعوة" والإسلام الآن له دور سياسي، فلا يمكن التهور، والاندفاع للأمام..
ولا يمكن ترك "المتاح الواقعي" إلى "الخيال المثالي".. وهذا هو غاية الجهد، والوسع.. ويجب أن نتحرك وفق آليات "الديمقراطية" فالنظام الدولي، والمجتمع الدولي، والمؤسسات الدولية.. تنزعج من مجرد ذكر الإسلام في "مؤسسات الحكم" فيجب وإن كنا بوجه إسلامي، احترام النظام الدولي، وعلمانية الدولة، فنحن لا نقدر على مواجهة النظام الدولي.
في هذه "المنطقة الصفراء": تموج العديد من الأفكار والتيارات التي تنتسب للإسلام.. لكنها لا تخرج عن "محدد الدعوة والسياسة"، فهناك من يمارسها "دعوة محضة"، وهناك من يمارسها "سياسة براجماتية خالصة"، وهناك من يحاول دمج الاثنين معاً، وهناك من يحاول تكثيف العمل السياسي بجرعة إسلامية عالية حتى ولو كانت تقترب من "الشريعة"! وهناك من يطرح "مشروعات لتطبيق الشريعة".
كل هذه الأشكال والصور يحاول الجهاز النظر في أخطرها طرحاً وقوة.. ثم يدفع بـ "الأقل" طرحاً وقوة ليواجه به الأخطر، دون تدخل أو كبير جهد منه!
أي: يضرب "أقوى" مشروع سياسي إسلامي، بـ "أضعف" مشروع سياسي إسلامي، وينتصر للأضعف والذي يسهل "السيطرة عليه والتحكم فيه"، وبعد الانتصار للأضعف يقضي عليه أيضاً.
وفي النهاية.. تكون شروط المشاركة السياسية:
ـ الإقرار بشرعية النظم القائمة، وهويتها العلمانية.
ـ عدم التعرض لإسرائيل (المقصود: عدم العداء أو الوقوف على الحياد أو عدم التفوق العسكري عليها، مع التطبيع السياسي والأمني والاقتصادي معها).
ـ تشكيل حكومة وحدة وطنية علمانية، وعدم انفراد الإسلام بصورة سياسية وحيدة.
ـ الإبقاء على النفوذ الغربي كما هو.. دون محاولة الانفلات منه أو مشاركته السيطرة والهيمنة.
ـ عدم الاقتراب من الجيوش وأجهزة الأمن بأي صورة من الصور لتغيير عقيدتها القتالية أو الأمنية فهي أُنشئت فقط لحماية "الهوية العلمانية".
وفي هذه "المنطقة الصفراء": يُسمح بالمزج بين الإسلام والعلمانية، ومحاولة الاقتراب في مساحة مشتركة بينهما.. فتكون - مثلاً - القناة الإعلامية الواحدة تقدم مزيجاً من الإسلام والعلمانية! لتخرج شخصية "المتدين العلماني" الذي يحافظ على بعض شعائر الإسلام - ممارسة الإسلام على الطريقة النصرانية - ويؤمن كذلك بعلمانية الدولة وعلمانية السياسة والاقتصاد!
وفي هذه المنطقة يظل مؤشر الجهاز في حالة ترقب وتحفز دائم، فهي منطقة غير مأمونة، وغير مريحة.. وقد تحدث انقلابات فكرية في أي لحظة، لذا يقظة الجهاز لكل كلمة وموضوع تكون حاضرة دوماً!
وينشط الجهاز في هذه المنطقة للعودة بالناس مرة واحدة ليس إلى المنطقة الرمادية بل إلى "المنطقة الخضراء" وهي العلمانية الخالصة.. فهذه نقطة الاستقرار لديه؛ ويحاول إفشال "الإسلام السياسي" ـ كما يسميه ـ من كل طريق؛ ويستعمل بكثافة "أجهزة التوجيه والإعلام" في إطلاق الإباحية جنباً إلى جنب مع القنوات الدينية.. في محاولة منه لـــ :
ـ تفريغ العاطفة الدينية.
ـ ترسيخ إفلاس الإسلام - في ذهن الناس - وعدم قدرته على المواجهة وإدارة الحياة، أو على أقل تقدير استواءه وغيره من المناهج العلمانية، بل وتفوق العلمانية عليه!
ـ إطلاق عقال الشهوات والتكثيف المستمر في الإباحية والعري اللفظي والجسدي والمعنوي حتى تفتك بالبنية السوية للإنسان.. وتخر قواها عن حمل شيء ذات قيمة، فتركن للمتاع وتلتصق بالأرض، ويستسهل عليها العودة إلى العلمانية المحضة.. بل إلى الإلحاد.
وينشط الجهاز في هذه المنطقة أيضاً، ويدفع بأجهزة الأمن لتخفيف قبضتها الأمنية ووحشيتها، حتى يأمنها العامل في الدعوة والسياسة، ويشعر أنها تغيرت، وأنها تابت عما اقترفته من شرور وآثام، ومع الشعور بالأمن يتم اكتشاف كل الخطط، وكل الكوادر، وكل المساحات التي كانت مجهولة للأجهزة الفكرية والأمنية؛ وبذلك:
ـ تستعد أجهزة الاستخبارات للمواجهة المحتملة مع الأفكار الجديدة.
ـ محاولة إحباط الأفكار الجديدة قبل البدء في تنفيذها أو دعوة الناس إليها.
ـ الضربة الأمنية الاستباقية الخاطفة، دون أن ينتبه أحد.
* * *
المنطقة الحمراء
وضعها المثالي: المقاومة المسلحة والجهاد، ولكن بصورة شبه فردية، معزولة، منقطعة عن المجتمع، والحاضنة الشعبية، ومن ثم يتحول أمر الجهاد إلى مجرد مناوشات لجماعات إرهابية خارجة عن القانون والنظام والمجتمع، سيتم القضاء عليها عاجلاً أو آجلاً.
وضعها المُقلق: هو "نقطة الفاعلية القصوى" وهي: المقاومة والثورة المسلحة، والجهاد.. ولكن بصورة لها حاضنة اجتماعية، وشعبية راسخة، ومشاركة عامة، ومشروع سياسي، وقوة ذاتية، ومن ثم يتحول أمر الجهاد إلى حقيقة اجتماعية وسياسية، لمجتمع يريد التخلص من العصابات الحاكمة التي أفسدت وتفسد النظام والمجتمع، كما تريد التحرر من الهيمنة والنفوذ الغربي.
مجرد الانتقال إلى "المنطقة الحمراء" يعني إعلان الحرب، ونهاية هذه المرحلة هي "الحرب العالمية" بكل معان الكلمة!
يتم الانتقال لهذه المنطقة نتيجة لثورة فكرية، وإفلاس مشروعات الدعوة والسياسة.. وتكوّن جيل حي من الشباب لم تستطع أجهزة الاستخبارات أن تخترق وعيه.
نحن الآن في منطقة: [التحرر من الطغاة – تهديد أمن إسرائيل – نظام الحكم الإسلامي - النفوذ الغربي ومصالحه]
أي عمل يهدد إسرائيل أو النفوذ الغربي أو يحاول الاجتماع على الإسلام وعودة الحكم الإسلامي فهذا "إرهاب عالمي" خطر على البشرية، وأكبر خطر يهدد الوجود الغربي كله بما فيه (أمريكا وأروبا كلها والصين وروسيا) ويهدد كل القوى الاقتصادية العالمية ومجلس الأمن والبنك الدولي ومجموعة الدول الصناعية الكبرى!
وهنا ستُستخدم كل الأسلحة، وكل الوسائل، وكل الإمكانات!
لنتناول أولاً بمزيد من الشرح محددات الخطورة في المنطقة الحمراء:
أمن إسرائيل: المقصود به تفوق إسرائيل عسكرياً وأمنياً على المنطقة العربية مجتمعة، والخطر الحقيقي لها: هو محاولة استئصالها من جذورها، واسترداد بيت المقدس كاملاً.
الشرع، والحكم الإسلامي: المقصود به الاجتماع على الإسلام، والانتساب للشرع، والتحاكم إليه، فيعلو.. ولا يُعلى عليه، ويقام كاملاً - على الحاكم والمحكوم - بحدوده ومقاصده.. ويكفر بالهوية العلمانية.
النفوذ الغربي ومصالحه: وهو الأثر المترتب على ما سبق، والمقصود منه: طرد النفوذ الغربي، وهيمنته واحتكاره للثروة، وتمتع الأمة باستخراج ثرواتها، وتحرير وتطهير اقتصاد الأمة من دورة رأس المال الربوي العالمي التي يتحكم فيها اليهود!
تبدأ المنطقة الحمراء بمحاولة الاقتراب من هذه المحددات، وتنتهي بالحرب العالمية!
أجهزة الاستخبارات الفكرية.. تدرك ذلك بكل وضوح، وتستعد له، وتعمل بدقة، وتراقب بشدة، وتتحرك بحذر، فهي ليست - كما يظن البعض - في غفلة! أو لا تدرك خطورة الإسلام! بل هي ما أُنشئت إلا لتواجه "خطر الإسلام" وتحبط عمله، ولتضع العلمانية مكانه.. كما سبق الشرح في المناطق الخضراء، والرمادية، والصفراء!
وفي كل منطقة من مناطق أجهزة الاستخبارات الفكرية نقطة "مثالية"، ونقطة "مُقلقة".. فهي لا تريد أن يصل الإسلام إلى نقطة الذروة في المنطقة التي هو فيها، بل تريد أن يبقى في قاع المنطقة الخضراء حيث العلمانية الخالصة، فإن ارتفع، عملت على أن يبقى في الحد الأدنى من المنطقة التي هو فيها، فإذا بلغ الحد الأقصى من منطقته عملت على ألا ينتقل إلى المرحلة والمنطقة التالية التي هي أكثر خطورة .. بمعنى: إنه إذا كان الإسلام في المنطقة الرمادية، عملت أجهزة الاستخبارات على أن يبقى في "الحد الأدنى" منها، وإذا ارتفع إلى "الحد الأقصى" من المنطقة الرمادية، عملت على أن لا ينتقل إلى "المنطقة الصفراء" فإذا انتقل إلى المنطقة الصفراء عملت على أمرين:
ـ ضرب المنطقة الصفراء عن طريق "محددات المنطقة الرمادية".
ـ محاولة عدم وصوله إلى الحد الأقصى من المنطقة الصفراء وبقائه في حدها الأدنى؛
عن طريق عمليات الاختراق الفكري المستمر والتي سبق شرحها، وهكذا في كل منطقة: ضرب المنطقة الأعلى عن طريق "محددات المنطقة الأسفل"، والعمل على عدم تجاوز الحد الأقصى للمنطقة التي هو فيها!
أما في "المنطقة الحمراء" فسيكون الضرب من جميع الاتجاهات، بالقوة المفرطة، بكل الوسائل، بكل المحددات، بكل شيء بلا استثناء!
ـ سيتم ضرب المنطقة الحمراء عن طريق جميع محددات المنطقة الخضراء من العلمانية المحضة.
ـ وسيتم الضرب عن طريق جميع محددات المنطقة الرمادية، وأدواتها.
ـ وسيتم الضرب عن طريق جميع محددات المنطقة الصفراء، وأدواتها ووسائلها!
كل السهام، وكل الضربات، وكل القذائف الفكرية، والأمنية، والاستخبارية، والعسكرية.. متجهة صوب نقطة واحدة فقط لا غير "الحد الأقصى من المنطقة الحمراء"؛ لأن هذه نقطة "الفاعلية القصوى"، ونقطة التحول الكبرى في التاريخ البشري كله إذا تحررت الأمة المسلمة، واستردت سيادتها ووحدتها وحريتها!
وستحشد أجهزة الاستخبارات الفكرية كلها أدواتها "الفكرية والأمنية والإعلامية" وجميع محددات المناطق "الخضراء والرمادية والصفراء".. لضرب "المنطقة الحمراء" كلها مجتمعة! فهدف أجهزة الاستخبارات النزول من "المنطقة الحمراء" نهائياً إلى "المنطقة الخضراء" حيث المؤشر الفكري مستقر، وراسخ.. في صورة العلمانية الخالصة السابق شرحها..
ولكن الجهاز مضطر الآن أن يحشد محددات المناطق الأخرى؛ ليخرج من المنطقة الحمراء، ولو إلى الصفراء مؤقتاً.. لكن مجرد الوصول إلى المنطقة الحمراء.. يسبب وحده - حتى دون تحقيق شيء يُذكر – حالة استنفار عام له، يجعله يستخدم كل الأدوات المتاحة، وما يملكه من أدوات اختراق.
كيفية الاختراق؟!
ـ التكفير: وهو السلاح الفعال الذي تطلقه الأجهزة ليفسد الروابط الأخوية والاجتماعية، ويتحول لحالة من الغلو والهوس الذي يدمر الحراك ذاتياً.
ـ القضاء على القيادات المميزة: إطلاق عمليات نوعية تستهدف القيادات الكاريزمية المميزة، حتى يصبح الحراك فاقد التوجيه والقيادة والحشد.
ـ الاستئصال الاجتماعي: عزل المقاومة عن المجتمع، لتكون جسماً غريباً معزولاً ليس له جذور ولا إمدادات ولا روافد، ومن ثم هلاكه الحتمي مسألة وقت. ولا مانع لديهم في استئصال المجتمع نفسه في "إبادة جماعية" إذا ظل داعماً للمقاومة، كما هي طبيعة الوحشية الغربية والصهيونية المعروفة! وبكل طغيان وتجبر وإفساد فإنهم يسمون الإبادة الجماعية للمسلمين ـ في كل مكان ـ بالإضرار الجانبية "Collateral Damage".
ـ الحصار الاقتصادي: إصدار القوانين التي تمنع المساعدة، وتحاصر الدعم المالي للمقاومين.
ـ العزلة السياسية والأوهام: محاولة إطلاق الوعود بإمكانية الحل السياسي السلمي، ومقاومة اللاعنف، وعزل أصحاب القوة عن الجماهير، وعن التحالفات، وتعليق الناس بالأوهام والأماني الكاذبة والبدائل الخادعة.
ـ الحصار الإعلامي: التشويه الممنهج واختلاق الأكاذيب، والشيطنة المستمرة حتى ينفض الناس عن أهل المقاومة.
ـ التلاعب السياسي: إذا حقق الحراك نجاحات وانتصارات على أرض الواقع، تأتي محاولة التلاعب السياسي بهم؛ حتى لا يكون لهذه المكتسبات أي صدى على أرض الواقع، وتضييع ثمراتها.
* * *
المحددات والمعايير الصحيحة للعمل الإسلامي:
إنَّ فهم طبيعة عمل هذه الأجهزة، ومحدداتها سوف يضعنا على الطريق الصحيح ـ إن شاء الله ـ ويعصمنا من أن نعمل من خلال خطة العدو، أو نكون إحدى أدواته دون أن نشعر!
ويجعلنا لا نقنع بما ننجزه للإسلام والأمة، حتى يتم لها الحرية التامة، والسيادة الكاملة، وعلو الحكم الإسلامي الحقيقي في بلاد الإسلام، ورد عدوان النظام الغربي وأدواته علينا بكل وسيلة.
وإنَّ العمل الإسلامي إذ يستهدف بناء الشخصية المسلمة الربانية، فإنه يستهدف بالأساس بناء المجتمع المسلم الرباني، والنظام الحاكم المسلم الرباني.. ودون ذلك النظام فليس إلا العلمانية الجاهلية.