قائمة المدونة محتويات المدونة

26‏/01‏/2020

رابطة العالم الإسلامي.. ودعم الصهيونية!

في إطار التحولات التي تشهدها بلاد الحرمين، نحو علمنة المجتمع السعودي، وتحويله من الصيغة "المحافظة" إلى الصيغة "العلمانية" بعدما جاءت الأوامر العليا بذلك، تم استبعاد الشخصيات المحسوبة على التدين والمحافظة في جميع الدوائر الحكومية والهيئات، وإحلال شخصيات ووجوه أخرى تُحسب على ما يسمى "الاعتدال والوسطية" وهي علمانية.

من ذلك تم استبعاد الشيخ عبد المحسن التركي من رئاسة الرابطة، ووضع محمد العيسى وزير العدل السابق بدلاً عنه، لم تكن الرابطة تفعل شيئاً ذا بال يخدم الإسلام، وقضايا المسلمين، فقد أُنشأت للدفاع عن النظام السعودي، ودعمه دينياً، وإضفاء العباءة الدينية عليه! كما لم تكن "إدارياً وفكرياً" بالمستوى الذي يرقى لتبني قضايا المسلمين.. إلا أنها كانت تحافظ على "الشكل" الإسلامي لها، فتدعم حلقات القرآن الكريم، وتُصدر الفتوى الجامعة عبر أذرعها الأخرى، وانتسب إليها كثير من المخلصين الذين يبذلون جهدهم فيما يستطيعون من الخير.
إبان تعيين العيسى في عام (2016) م، حاولت صحيفة إسرائيلية التواصل مع الرابطة لترتيب لقاء معه، وأرسلت إيميلات (رسائل إلكترونية) تحاول البحث عن وسيلة للتواصل معه! حينها لم يكن واضحاً ما الذي يدفع صحيفة يهودية أن ترسل رسالة بالعربية لترتيب لقاء مع الأمين العام الجديد للرابطة.. وكيف تأتيها الجراءة على فعل ذلك؟ ويأتي الجواب بعد أربع سنوات!
الأمين العام للرابطة يصدم المسلمين بالصلاة عند النصب التذكاري للهولوكوست! فكيف عرف يهود ميول الرجل قبل (4) سنوات؟ وما سابقته وفضله الذي جعل الصهاينة يلجأون إليه؟!! ولا ننسى أن الرجل في عامي (2018، و2019) كان يكتب في ذكرى المحرقة، أما هذا العام فأراد مزيداً من الإحسان.
وأما الذي نظم هذه الزيارة فهي "اللجنة اليهودية الأمريكية" بنيويورك.
دافع العيسى أحر دفاع عن الهولوكوست وضحاياه.. وصلى عند نصبهم أمام الكاميرات، ليُثبت وسطيته! وها قد انتقل الأمر من نفاق المسلمين إلى الإحسان إلى الصهاينة! أو بتعبير القرآن الكريم "المسارعة فيهم"..
والعيسى يفعل ذلك بأمر سيده، فهو (عبد) المأمور، وسيده يرى في الصهاينة خير داعم، وحافظ، ومُعين.. والولاء لهم، والبراءة من عدوهم أصل من أصول الحكم!
واعتبر زعيم حزب "أزرق أبيض" الإسرائيلي بيني غانتس، زيارة وفد سعودي لمعكسر "أوشفيتس"، إشارة إلى عملية "تغيير مهمة في الشرق الأوسط، وفرصة كبيرة لإسرائيل".
وقال ‏المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي: "هذا هو الإسلام الحقيقي! رجل الدّين السّعودي محمد العيسى وبعثته يصلّون لذكرى ضحايا الهولوكوست اليهود في معسكر أوشفيتز شاهدوا الفيديو واتّعظوا، فالتآخي بين الديانات علّة كلّ خير!"
فوصل بنا الوهن والغثائية أن يُعرّفنا متحدث الجيش الإسرائيلي "الإسلام الحقيقي"!
عيسى والرابطة لم يَهمهم هدم يهود لمساجد المسلمين، واستباحة دمائهم وحرمتهم، واستباحة المسجد الأقصى المتكررة يومياً، ومنع الناس من الصلاة فيه، وإذلالاهم غاية الإذلال عند كل شعيرة!
ولم يهمهم استباحة المسلمين في تركستان الشرقية، وإجرام النظام الشيوعي الصيني.
ولم يهمهم استباحة المسلمين في كشمير على يد الهندوس المتعصبين.
ولم يهمهم الإبادة الجماعية لمسلمي الروهينجا في مينامار.
وغيرها الكثير من مأسي المسلمين.. (ومن لم يَهتم بأمر المسلمين، فليس منهم).
ولكن الذي استفزهم هو الدفاع عن ضحايا الهولوكوست! في قضية تاريخية لم يكن المسلمون طرفاً فيها، مرّ عليها أكثر من (75) عاماً! بل كانت بلاد المسلمين هي الملجأ الذي يلجأ إليه المضطهدين في دينهم! فعلام يغضب العيسى؟! كما لم يغضب العيسى - وغيره - لضحايا النازية الآخرين من "الغجر الروم" "والمعاقين" "والمعارضين" و"الملونين"، ولم يغضب لـ "محاكم التفتيش" في الأندلس وفظائع الأسبان، والإبادة الجماعية للسكان الأصليين في القارة الأمريكية والأسترالية، وغيرهما.. 
  ولكنه يغضب حسب مقاس سيده، وحسب ما يفرضه اللوبي الصهيوني من ضغوط! 
ويستنكر العيسى كل من يحاول إنكار الهولوكوست، فهناك العديد من الدراسات تُنكر الأرقام المبالغ فيها لضحاياه، وتعتبرها رغبة صهيونية في تضخيم المأساة، وفرض التعاطف الإجباري ليهود، وإلا فتهمة "معاداة السامية" معممة عالمياً ! من هذه الدراسات  -على سبيل المثال – كتاب: "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية" لروجي جارودي.
وهل سنرى العيسى في أرض فلسطين يصلي من أجل ضحايا المسلمين الذين سقطوا في "الهولوكوست الصهيوني" إبان إقامة دولة الاحتلال؟!
وإنه لمن الحزن والقهر أن تكون جزيرة محمد – صلى الله عليه وسلم – مرتعاً للمنافقين، والبغاة، والفجرة، والفسقة، والمتجبرين، والمحادين لله ورسوله! وأمام هذا العجز، وقلة الحيلة، وتقطع الأسباب لا نملك إلا الدعاء، فاللهم طهر جزيرة حبيبك محمد – صلى الله عليه وسلم – من المنافقين، والبغاة، والفساق، وردها مهداً للإسلام، ونصرة للمسلمين.
***