قائمة المدونة محتويات المدونة

14‏/07‏/2020

مشكلة التحرش الجنسي

يناقش هذا المقال:  طبيعة الرجل والمرأة النفسية، والضوابط الإسلامية في العلاقة بينهما، وطبيعة المجتمع العلماني، وطرق العلاج العلمانية، وطرق العلاج الإسلامية لمشكلة التحرش الجنسي.

 

طبيعة الرجل:

خلق الله ـ سبحانه وتعالى ـ الرجل ليكون له القوامة، وزمام قيادة العلاقة مع المرأة، وتكوينه النفسي والعضوي يجعله هو الطرف المُبادر، والمُنفعل برؤية زينة المرأة، ويبدأ هذا الانفعال بمجرد الرؤية البصرية فقط، فلقد ركب الله ـ اللطيف الخبير ـ في تكوينه النفسي أن تتحرك مشاعره على نحو سريع وعجيب، في سر إلهي لا يمكن تفسيره.. سوى بإرادة الله أن يكون الجنس البشري وبقاءه على هذا النحو! وإذا فهمنا ـ من الناحية الفسيولوجية ـ مسألة الهرمونات، فكيف نفهم الاستجابة والانفعال النفسي والروحي العجيب؟!

هذه الاستجابة اللحظية لزينة المرأة، والتي يمكن أن تتم في ثوان معدودة فقط، جعل الله ـ سبحانه وتعالى ـ لها من الضوابط، ما يضمن العلاقة النظيفة بين الرجل والمرأة، واستمرار انجذاب الرجل للمرأة على هذا النحو، فبدون هذا الانجذاب وهذا الانفعال اللحظي، والرغبة المُلحة.. لم يكن ليستمر الجنس البشري، ولتكاسل الرجل على أداء أي دور له سواء في علاقة شرعية أو مُحرمة!

طبيعة المرأة:

جعل الله ـ سبحانه وتعالى ـ المرأة هي الطرف المُستجيب في هذه العلاقة، وصانها بحجاب "الحياء" حتى لا تستجيب لكل داعٍ، إنما تتريث وتتمنع، وجعل استجابتها الجنسية على العكس من الرجل الذي ينفعل بمجرد الرؤية البصرية! إنما استجابة المرأة عملية مُعقدة وطويلة وبطيئة، ويتداخل فيها العاطفي بالنفسي بالجسدي بالقولي.. فالمرأة تحتاج إلى تمهيد طويل، ومقدمات كثيرة.. وحتى يكون انفعال الرجل بها ودعوته إليها، انفعال صادق ودائم ـ وليس مجرد نزوة عابرة ـ صان الله ـ الغفور الرحيم ـ العلاقة بـ "الميثاق الغليظ" وهو الزواج، عبر ترتيبات أخذ موافقة وكيل المرأة، وإشهار العلاقة... إلخ؛ صيانة للمرأة ولبيتها ولأبنائها.

***

الضوابط الإسلامية في العلاقة بين الرجل والمرأة:

لما خلق الله ـ سبحانه وتعالى ـ الرجل والمرأة على هذا النحو، شرّع سبحانه الضوابط الأخلاقية والتنظيمية بين الرجل والمرأة، وجعل العلاقة بينهما آية من آياته سبحانه وتعالى، فقال: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ[الرّوم (21)]

فجعل المرأة هي سَكن الرجل، والمكان الذي تهدأ فيه أعصابه، وتستريح فيه رغباته.. وجعل الرجل حامي المرأة، ومُحتويها.. وخلق لهما مودة ومحبة عاطفية، ورحمة في المعاملة السلوكية؛ ليستمر ويتمدد كيان الأسرة.

وأَمر الله ـ تعالى ـ الرجل:

ـ بغض البصر،  حتى لا يتمدد نظره بعيداً فلا يهنأ ولا يسعد:

قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ[النّور (30)]

ـ بعدم الخلوة بالمرأة الأجنبية:

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ: "لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ..." [صحيح البخاري/ 5233]

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ: " إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ"، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: " الْحَمْوُ: الْمَوْتُ " [صحيح البخاري/ 5232] "الحَمو أَخُو الزَّوج وما أَشبَهَهُ مِن أَقارِب الزَّوج ابن العَمّ ونَحوه."

ـ بالترغيب في الزواج:

عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :"مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ" [صحيح البخاري/ 1905]

ـ بمشروعية التعدد:

قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿... فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً...﴾ [النساء (3)]

ـ بالاستعفاف، والصبر:

قَالَ سُبْحَانَهُ و تَعَالَىٰ: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ...﴾ [النّور (33)]

وأَمر الله ـ تعالى ـ المرأة :

ـ بغض البصر:

قَالَ تَعَالَىٰ: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ... ﴾ [النّور (31)]

ـ عدم إبداء الزينة:

قَالَ تَعَالَىٰ: ﴿... وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ...﴾ [النّور (31)]

ـ بالاحتشام:

قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا[الأحزاب (59)]

حتى أبسط من يُثير عاطفة الرجل الجنسية، أمر الإسلام المرأة بإخفاء أقل ما يظهر منها.. حتى في زينة قدَمِها ! فقال تعالى: ﴿... وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النّور (31)] وسبحان من له: {الخَلق والأمَر}.

وذلك حتى لا يكون الرجل تحت الاستثارة الجنسية الدائمة، ولا تكون المرأة هي التي تحرك هذه الإثارة بزينتها.

وأمر الإسلام الرجل والمرأة الحفاظ على الفطرة السوية التي خلقهم الله عليها، فلا يتشبه أحد بالآخر؛ حتى يظل الانجذاب بينهما على وضعه الفطري، وحتى لا تُمسخ الفطرة، وتفسد الحياة والعلاقة بينهما: "عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ" [صحيح البخاري/ 1904]

***

من جانب آخر: وبعد أن أقر الإسلام الضوابط والأخلاقيات الضرورية بين الرجل والمرأة، جعل العقوبات لمن ينتهك هذه الأخلاقيات:

ـ فجعل عقوبة الزنا لمن يقفز في علاقة مُحرمة غير مشروعة.

قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ و تَعَالَىٰ: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النّور (2)]

ـ وجعل عقوبة القذف لمن ينال من أعراض المؤمنات الصالحات.

قَالَ اللَّهُ جَلَّ و عَلَا: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النّور (4)]

      ـ وجعل عقوبة خطف المرأة بالقوة وتحت تهديد القتل والسلاح، والاعتداء الجنسي عليها.. إفساداً في الأرض، حده حد الحرابة، كالقتل أو النفي من الأرض.

قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ و تَعَالَىٰ: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [المائدة (33)]

ـ وتَوعد الذين يُحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع المسلم بأشد العقوبة في الدنيا والآخرة.

قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ[النّور (19)]

ـ وحرّم البغاء، والتكسب من ورائه.

قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿... وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ[النّور (33)]

" هذا النهي عن إكراه الفتيات على البغاء ـ وهن يردن العفة ـ ابتغاء المال الرخيص كان جزءا من خطة القرآن في تطهير البيئة الإسلامية، وإغلاق السبل القذرة للتصريف الجنسي . ذلك أن وجود البغاء يغري الكثيرين لسهولته؛ ولو لم يجدوه لانصرفوا إلى طلب هذه المتعة في محلها الكريم النظيف.

ولا عبرة بما يقال من أن البغاء صمام أمن، يحمي البيوت الشريفة؛ لأنه لا سبيل لمواجهة الحاجة الفطرية إلا بهذا العلاج القذر عند تعذر الزواج. أو تهجم الذئاب المسعورة على الأعراض المصونة، إن لم تجد هذا الكلأ المباح !

إن في التفكير على هذا النحو قلباً للأسباب والنتائج . فالميل الجنسي يجب أن يظل نظيفاً بريئاً موجها إلى إمداد الحياة بالأجيال الجديدة . وعلى الجماعات أن تصلح نظمها الاقتصادية بحيث يكون كل فرد فيها في مستوى يسمح له بالحياة المعقولة وبالزواج . فإن وجدت بعد ذلك حالات شاذة عولجت هذه الحالات علاجا خاصا . . وبذلك لا تحتاج إلى البغاء، وإلى إقامة مقاذر إنسانية، يمر بها كل من يريد أن يتخفف من أعباء الجنس، فيلقي فيها بالفضلات، تحت سمع الجماعة وبصرها !

إن "النظم الاقتصادية" هي التي يجب أن تعالج، بحيث لا تخرج مثل هذا النتن . ولا يكون فسادها حجة على ضرورة وجود المقاذر العامة، في صور آدمية ذليلة ." [في ظلال القرآن ـ تفسير سورة النور]

والعقوبات في الإسلام تُبني على قاعدة "التقوى والخشية" من الله جل جلاله، فهو الأولى ـ سبحانه ـ بالخوف والوجل.. وهو الذي يعلم السر وأخفى: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[الحديد : 4] ولهذا فالعقوبات مرتبطة بالتربية.. مرتبطة بالإيمان.. مرتبطة بنظام المجتمع.. في بناء واحد وضيء مستسلم لله، ولشرعه، ولحكمه.. يخاف الإنسان فيه من الله أكثر مما يخاف من البشر، فالحق ـ جل جلاله ـ أحق بالخشية من كل أحد.. ومتى امتلأ القلب بخشية الله، ورقابته.. كانت كافية في حفظ المجتمع، وصيانة وحدة بنائه.. الأسرة.

والإسلام يعطي عناية بالغة وشديدة بالأسرة والمجتمع، ويعالجهما بالتشريعات والحدود.. بدءاً من علاقة الإنسان بربه، وعلاقة الرجل بالمرأة.. وعلاقات الزواج والطلاق ورعاية الأطفال، ويدخل على النفس من كل أقطارها؛ حتى يحفظ هذا البناء، الذي تماسكه يعني تماسك المجتمع المسلم.. وتشريعاته جاءت من لدن حكيم خبير، عليم بالإنسان، وما يُصلح الإنسان: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[الملك : 14] ﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ[الأعراف: 54]

***

ومن جانب ثالث: وبعد إقرار الضوابط والأخلاقيات والحدود.. فإذ يأمر الإسلام بالزواج، ويدعو إليه، ويُحبب فيه.. فإنه لا يغفل أبداً قضية "العدالة الاجتماعية"، والتوزيع العادل للثروة.. فهي قضية محورية، فمنع الإسلام الظلم، والاستبداد، وتداول المال بين الأغنياء فقط، وأمر بالزكاة، وإقرار حقوق الجميع، حتى لا يكون هناك فقيراً، ولا محروماً..

فنجد تشريعات الإسلام تنطلق في كل مجال: أخلاقي، واجتماعي، واقتصادي، وسياسي؛ حتى تخلق البيئة النظيفة والصحية للنفس الإنسانية، وحتى تصل إلى التوازن الصحيح الذي يريده الإسلام.

فالإسلام لا يُوقع "أقصى العقوبة" على المجرم، قبل أن يكون أنزل "أقصى الرحمة" على المجتمع.. فلا يدع لمجرم سبباً ولا عذراً إلا الرغبة في العدوان والاعتداء.. وهذا يتناوله الإسلام بأقصى العقوبة بحق.

***

المجتمع العلماني

لما حصلت الثورات الأوروبية على الكنيسة والدين والأخلاق ـ للأسباب المعروفة تاريخياً ـ ثم ما يُسمى بـ "الثورة الجنسية" في الستينات من القرن الماضي.. انتهت هذه الثورات ـ من الناحية الأخلاقية والاجتماعية ـ إلى "الإباحية" الجنسية التامة في العلاقة بين الرجل والمرأة.. وليس ذلك فحسب بل امتدت إلى إقرار جميع العلاقات الشاذة، وزواج المحارم والحيوانات... إلخ في صورة لا تنتهي من الانحطاط والتسافل والانحراف. وظهرت تباعاً ومعها حركات "الهيبز، والنسوية، والمثليين، والتعري العلني... إلخ متأثرة بأفكار فرويد، وماركس وغيرهم من الملحدين.

وتحول الأمر إلى "صناعة" تُدر مليارات الدولارات سنوياً على أصحابها.. صناعة الإباحية، والعُري، والموضة، وكذلك صناعة الأفلام والروايات والمجلات... إلخ.

وانتهى المجتمع العلماني إلى حالة من:

- العُري التام للمرأة.

- التخمة الجنسية.. والإباحية الجنسية الكاملة.

- جعل زينة المرأة وجمالها صناعة وإثارة مستمرة في كل مكان ومشهد.

- حرية الرجل في اتخاذ ما يشاء من النساء، وكذلك المرأة.

هذا الأمر ـ من الناحية النظرية ـ قلل من مسألة التحرش بالمرأة بشكل عام، فعلى سبيل المثال: كنت استقل إحدى المواصلات العامة في بلد غربي الثقافة.. وكانت النساء ترتدي ما يُعتبر ملابس النوم، فما تكشفه أكثر مما تستره، وكان الشباب بهذه المواصلات لا يَعنيه ما يراه ولا يلتفت إليه؛ ذلك لأن لديه "تُخمة جنسية" ومن الخليلات والصديقات العشرات!

ومن الناحية ـ العملية ـ فالتحرش بالمرأة لا يتوقف حتى مع التُخمة الجنسية!! فحالات الاعتداء على المرأة، وإغرائها، واغتصابها في أعلى معدلاتها في هذه البلدان ذات الثقافة الإباحية، بل واتخذت بعض الدول الأوربية من صناعة الإباحية مصدراً للدخل القومي! فهولندا ـ على سبيل المثال ـ  تحصل على ضرائب من تجارة الدعارة والمخدرات القانونية عندهم بمقدار (2.5) مليار يورو سنوياً. حيث تدفع الفتيات العاملات في الدعارة (33%) من دخلهن للحكومة.. أي: الحكومة هي القواد الأكبر! [المصدر: أمستردام.. الأزقة الحمراء، إنتاج قناة الجزيرة]

ورغم "التُخمة الجنسية ووفرتها" إلا أن قرب المرأة للرجل في أمكان العمل والترفيه والرياضة والأسواق وغيرها.. وخروجها بكامل زينتها ومفاتنها.. يُغري الرجل بالتجربة والممارسة، ولو على سبيل الفضول وتذوق الجديد، ويسبب له "الاحتقان النفسي والجنسي" المستمر! بل تؤدي الإباحية الجنسية إلى فقدان اللذة الطبيعية لقيمتها، مما يدفعهم إلى البحث عن صور أخرى، ويدفعهم دفعاً إلى الشذوذ في كل شيء!

***

ومع الاحتلال الغربي لبلادنا الإسلامية.. كان لا بد له أن ينشر ثقافته هذه.. ثقافة الإباحية، تحت دعوات براقة من "تحرير المرأة"، وهي دعوى كاذبة.. فهي تعني فقط استعباد المرأة وتسليمها للرجل مجاناً، ولأي رجل!

وبالفعل المرأة كانت بحاجة إلى التحرر، مثل الرجل في بلادنا، فكانت واقعة تحت ظلم واستبداد، فجاء الاحتلال ليأسر الجميع الرجل والمرأة، ويُحولهم إلى عبيد له، وبعد رحيل الاحتلال عسكرياً، بقي الاحتلال ثقافياً وسياسياً واقتصادياً عبر خونة وعملاء.. أسروا شعوبهم، وسرقوا ثروتهم؛ فحوّلوهم إلى عبيد "بلا كرامة، وبلا حقوق".

ولكن تمسكت الشعوب بالقيم الأسرية.. رغم عمليات التجريف الأخلاقي المستمرة، ولكن بقيت في حالة من "الاختلاط الثقافي".. فرغم تمسك الشعوب بالقيم الأسرية وبقاء التشريعات إسلامية في جانبها رغم علمنة الدولة، بقي هناك خط ثقافي وأدبي يدفع في اتجاه الإباحية والانحراف من خلال الأفلام والأدب والسينما.

ومع أسر الشعوب وأخذها رهينة.. واستلاب حقوقها وسرقة ثرواتها.. ظهرت "المشكلة الجنسية" في بلادنا، فما زال المجتمع يحترم القيم الأسرية ـ بنظرة إسلامية ـ ولكنه في ذات الوقت لا يستطيع الزواج؛ لقلة ذات اليد، ووضع عراقيل جاهلية أمامه.. ومن جانب آخر هناك دفعة إباحية من خلال الثقافة والأغاني والأفلام والروايات... إلخ.

ومن المشكلة الجنسية ظهرت مشكلة "تحرش الرجل الجنسي بالمرأة" في الشارع، وأماكن العمل، بل وداخل بيتها !

وظهرت مشكلة أخرى موازية، وهي: "تحرش المرأة الجنسي بالرجل" في الشارع، وأماكن العمل، والترفيه.. وفي كل مكان، من خلال إبراز زينتها بتفنن عجيب، إبراز الزينة بأدق تفاصليها.. مما يُثير الرجل بصورة طبيعية، فقد خلقه الله على نحوٍ يُثار فيه سريعاً لأدنى مُثير. ولكن ذلك ـ من جانب آخر ـ لا يُبرر بحال تحرش الرجل بالمرأة.. ولكن نحاول رؤية الصورة كاملة. فالتحرش لغة هو: "الاستفزاز والإثارة" بغض النظر عن جنس الفاعل.

ولعل دافع المرأة في ذلك.. هي الرغبة في إثبات قدرتها على الإثارة كأنثى، في واقع تنافسي من العُري.. تستطيع فيه أنثى واحدة أن تُثير جمع من الرجال ـ كما يحدث في الأغاني الإباحية، والأفلام والمسلسلات ـ فتجد المرأة نفسها في حاجة إلى إثبات قدراتها كأنثى جميلة قادرة على الجذب والإثارة.. وبدافع تقليد الأخريات كذلك.

ولكن من جانب آخر لا تريد أكثر من ذلك.. الشعور النفسي بمزاياها كأنثى جميلة مثيرة.. لا تريد أن يلحق بها أي رجل، ولا أن يقول كلام جنسي كاشف! فقط تريد إعجاب الرجل بها كأنثى..

كما يأخذ الأمر بُعداً مادياً وثقافياً آخر، فالمرأة لا تريد أي متحرش، فهي تكره الابتذال والكلمات النابية والمكشوفة وهيئات الشباب دون المستوى الثقافي والاجتماعي والمادي، ولكنها قد تُعجب بالمتحرش صاحب المستوى المادي والاجتماعي العالي، وحسن الهيئة والشكل.. وتحاول هي جذبه!

فمثلاً: التشبيب بالمرأة.. أي: قول الغزل الفاحش في محاسن النساء.. كان معروفاً في الشعر الجاهلي العفيف والصريح، والتشبيب بمرأة أجنبية بعينها مُحرّم عند جمهور الفقهاء، فهو عندهم ذكر المثير من الفُحش، وهتك الستر والتشهير بمُسلمة. ومن مشاهير الإباحية في العصر العباسي الشاعر الإباحي "أبي نواس"، ومن إحدى قصائده: "ومشتعل الخدين يسحر طرفه له سمة يحكي بها سمة البدر.. إذا ما مشى يهتز من دون نحره وأعطافه منه إلى منتهى الخصر". وقول النابغة الذبياني: "مخطوطة المتنين، غير مفاضة.. ريَّا الروادف، بضّة المتجرّد"!  وهذا نوع من التحرش بالمرأة.. ولكن على طريقة القوم قديماً.. فلو قال قائل اليوم هذه الأبيات لامرأة، لاستغربت المعنى؛ لصعوبة أن تفهم المقصد بصورة مباشرة، في حين إذا قال معنى الأبيات متهتك بلغة القوم اليوم، لكن المعنى في منتهى الفحش، وقلة الحياء.

وما يحدث غالباً عند محاولة المرأة أن تكون جاذبة مثيرة ـ في مجتمعنا ـ هو تعرضها للتحرش بالقول والفعل من أسافل الناس.. بل وحتى تتعرض للتحرش من خرجت مُحتشمة ساترة لنفسها، وذلك إما لحالة الهياج الجنسي العام، أو الكبت الجنسي المستمر، أو الخضوع المستمر للمواد المُخدرة التي تنتشر في مثل هذه الظروف من أسر الشعب واستلاب حقوقه وامتهان كرامته؛ فيُعوض هذا الكبت، بإطلاق الخيال الجنسي تصوراً وواقعاً ليُنفس فيه غضبه.. حيث يكون المرء هيناً على نفسه، متهتكاً لا يعرف الأخلاق ولا يخشى الفضيحة، ويعلم أنه في نظر الناس لا يُساوي شيئاً.. لسانه حاله: "أنا الغريق فما خوفي من البلل !"

ولا نغفل كذلك فشل التجربة الجنسية في كثير من حالات الزواج.. لأسباب تتعلق بالثقافة والتربية والأمراض النفسية! فلا يحصل الرجل على ما يُشبعه جنسياً من الزواج، ولا تحصل المرأة على حقوقها الجنسية من هذا الزواج؛ مما يُزهد في الزواج بشكل عام، وفي قدرته كذلك على حل المشكلة الجنسية!

وهناك بعد آخر.. وهو تعلق الرجل بالمرأة، وتعلق المرأة بالرجل فيما يُسمى "الحب ـ العشق" ـ دون علاقة زواج ـ بسبب الاختلاط في أماكن التعليم والجامعات، وأماكن العمل... إلخ، وهذا يخلق حالة من "السيولة العاطفية" المسكوبة في الطرقات بلا سَكن، ولا زواج.. وتخرج المرأة للرجل في أبهى صورة كأنها تُزف إليه! وذلك أيضاً مما يُغري الآخرين رجالاً ونساءً بالتقليد والتجربة.

ويتطور الأمر إلى محاولة الاعتداء الجنسي على المرأة، وممارسة الفاحشة رغماً عنها، تحت تأثير الكبت أو المُخدر، مما يؤدي إلى حالة من الفوضى الاجتماعية، وهدم للقيم الأسرية المقدسة.

***

طرق العلاج العلمانية

تَعتبر العلمانية ـ في بلادنا ـ أن حل المشكلة الجنسية والتحرش الجنسي يكمن في:

(1)   الإباحية الجنسية الكاملة على الطريقة الغربية.

(2)   فتح وتقنين بيوت الدعارة أيضاً على الطريقة الغربية.

ويعتبرون أن أي حل غير ذلك هو إنكار للمشكلة، ويسخرون من الإسلام والتدين كما هي عادتهم.

فالفكر العلماني في بلادنا يَعِدنا أمرين: الفقر والفحشاء.. كما قال تعالى: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ...﴾ [البقرة (268)] وكما قال سبحانه أيضاً: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا[النساء (27)]

ويَضع المُشرع الوضعي العلماني عقوبات متفاوتة للمتحرشين ما بين الغرامة والسجن والتعهد بعدم التعرض... إلخ. ولا يضع هذا المُشرع عقوبة للمُتحرشة بزينتها لكل الرجال. وقد قضت محكمة مصرية منذ يومين ـ ولا شرعية ابتداء للقضاء المصري ـ على شاب تحرش بفتاة لفظياً وجسدياً (الإمساك ببعض جسدها) في طريق عام، بالسجن (15) سنة! وهو حكم جاهلي جائر لا معنى له سوى تدمير حياة إنسان لا تقويمه، ولا نُهون من جريمة المتحرش، لكن قد يكون النظام وقضائه هو أول المجرمين، والمستحق لأشد العقوبة على نشره الفساد والسرقة والظلم والاستبداد وقهر الإنسان.

ودخلت "الحركات النسوية" على هذا الخط بقوة.. فهم يريدون للمرأة أن تتعرى بالكامل (بكل إباحية)، وفي نفس الوقت يريدون من الرجل أن يُمسك نفسه عن أي انفعال، رغم أن هذا ضد فطرته، وتعري المرأة المستمر يُمثل له ضغطاً نفسياً وجنسياً هائلاً.

كما استغلت بعض النساء ـ خاصة في الغرب ـ موضوع التحرش الجنسي ليكون مصدراً للتربح والدخل السريع، فلا تكاد امرأة تعمل في مكان، أو مع شخصية مشهورة أو سياسية.. إلا وتتهمه بالتحرش الجنسي، وتُطالب بالتعويض، وتجعل من نفسها "مناضلة حقوقية" ـ وربما سياسية فيما بعد! ـ تناضل من أجل حقوق المرأة، وعادة لا يكون هذا الأمر إلا نوعاً من الابتزاز واستغلال مسألة حقوق المرأة!

والمرأة عادة في هذا الجو.. هي التي تُهيأ للرجل عملية التحرش، وتُسهلها له، وتدفعه إليه، وتذهب معه بكامل إرادتها.. ثم بعد ذلك تتهمه بالتحرش والاغتصاب الجنسي؛ لتُطالب بالتعويض، والدفاع عن حقوق المرأة !.

***

طرق العلاج الإسلامية

ليُقدم الإسلام علاجه، لابد أولاً أن يكون له السيادة، ولأمته القيادة.. لا بد أن يقود وأن يكون له موضع التوجيه والأمر، فيُقر أولاً الحلال والحرام، ويُربي المجتمع على ذلك، ومن ثم يحمي هذا المجتمع بحدود وعقوباته المناسبة.

فالإسلام لا يُعالج المشكلة الجنسية بمزيد من الإباحية، ولا يُعالجها كذلك بمزيد من الكبت.. إنما هو التوازن الذي أراده الله ـ سبحانه ـ للإنسان. والتخفيف على الإنسان.. المخلوق الضعيف، كما قال سبحانه وتعالى الرحيم به: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا[النساء (28)]

والإسلام عندما يكون له السيادة: فإنه يُحرر الإنسان أولاً، ويرد إليه كرامته، وحقوقه، ويمنع أن يظلمه أحد أو يستبد به، ويُنظف البيئة من دواعي الإثارة، وشيوع الفاحشة، ويمنع الاحتكار والربا وتداول المال بين الأغنياء، ويمنع الخمور والمخدرات، وما يُذهب العقل، ويُخرج المرأة للمجتمع كإنسان شقيق للرجل، لا كأنثى مثيرة للرجل، مع مراعاة عدم الخلوة، ومنع ازدحام الرجال بالنساء والنساء بالرجال لأي سبب.. ويُحبب ويُقرب إلى الناس الإيمان والأخلاق الحسنة، ويُكرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان.. ويمنع الإسلام التجسس، واتهام الناس بلا دليل، ويحفظ حرمة البيوت، ولا يدخلها بلا استئذان، ويُحرم الغيبة والنميمة.. فيجعل الرقابة من الناس على أنفسها، ومن داخل ضمائرها أشد من رقابة المجتمع والدولة على محارم الله، وحدوده.

 فيتحرك على كل صعيد ليخلق البيئة المناسبة للإنسان.. ويُسهل الزواج، ويُتيح التعدد لمن يستطيع ويريد. هذا باختصار شديد طريقة العلاج الإسلامية لمشكلة التحرش.

ومن الناحية التربوية:

فبعض المتحرشين: قد يكون ضحية التعرض لمؤثرات جنسية مستمرة، وضحية التصورات الاجتماعية الجاهلية، وضحية الحرمان.

وبعض المُتحرِشات: قد تكون ضحية الإباحية، ودفعها لتنافس الإناث في قطيع الذكور للفوز بالذكر المناسب! وضحية تصورات اجتماعية جاهلية.

ونؤكد أنه لا خلط بين الناحية التربوية، والناحية العقابية، فالبُعد التربوي يهدف إلى التحليل والتشخيص والعلاج (لا التبرير)، والبعد العقابي يهدف ـ بعد تنظيف البيئة ـ إلى الردع، والتزام الصواب والانضباط.

وتأتي العقوبة للمتحرش بـ "القول" (الرجل) والمُتحرشة بالمفاتن والزينة (المرأة غير المُحتشمة) عقوبة يضعها الفقيه طبقاً لظروف الواقع ـ حيث لا نص فيها ـ تهدف العقوبة إلى "التأديب" لا "الانتقام" وإلى "التربية" لا "الانحراف" فقد تكون العقوبة صوم شهر أو غرامة مالية أو البقاء في صحبة صالحة لمدة إلزامية مُعينة، ومع التكرار قد تزيد العقوبة طبقاً لظروف كل شخص، وأما تحرش الرجل بـ "الفعل" (محاولة ملامسة أجساد النساء الخارجية) فعقوبته أشد من المتحرش بالقول.. تربية له، وصيانة للمجتمع، وضمان حُرمة وحقوق المرأة. فيجب التفرقة بين المتحرش بالقول، والمتحرش بالفعل، والاعتداء الجنسي غير الكامل، والاعتداء الجنسي الكامل "الاغتصاب تحت تهديد القوة".

مع مراعاة أن الإسلام في جميع القضايا الأخلاقية يهدف دوماً إلى "الستر" ولا يريد الفضيحة لأحد، ولا إلى إغراء أحد بتكرار الفعل، فيعتبر هذا نوعاً من شيوع الفاحشة الذي يحاربه الإسلام، ويمنع التطبيع والتكيف مع هذا النوع من القضايا حافظاً على أخلاق المجتمع، ومنعه من تداول وتناول أعراض الناس، وهذا من رحمة الإسلام وسماحته، (مع ضمان ردع المعتدين).

والمجتمع المسلم لا يتناول المذنب ـ رجلاً وامرأة ـ باليأس من رحمة الله.. بل بالرحمة والمغفرة والصلاة والدعاء له..

ويَسع الإنسان الواقع في حدود الله، وهو مستور الحال.. أن يرجع ويتوب إلى الله، فالله يغفر الذنوب جميعاً: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[الزمر : 53] ومن يتبجح بالجريمة، ولا يعبأ بحرمة شيء ويستعلن المعصية فيراه الناس؛ فهذه جريمة فادحة في حق المجتمع المسلم، وفي حق الأسرة المسلمة، وفي حق الأخلاق والحياء، وفي حق الإنسانية، وفيها الجرأة على انتهاك الحرمات.. واستسهال الجريمة، والتفحش بها! وهذا يتناوله الإسلام بالعقوبة المناسبة لردعه، وردع غيره.

***