كرسي الحكم.. وقوة الدولة
من يصل إلى كرسي الحكم بلا أن تكون له:
1- قوة عسكرية: مؤمنة بنفس عقيدة الحاكم وقيمه.
2- قوة اقتصادية: ضاربة مؤمنة بنفس منهجه تُخدّم على مشروعاته.
3- قوة سياسية وعلمية: على نفس عقيدة الحاكم وموازينه وتصوراته. السياسية تمشي
في حاجة الناس وخدمتهم، والعلمية تُحصل كل قوة، لتصل إلى الريادة.
4- قوة إعلامية: مؤثرة مؤمنة بنفس عقيدة الحاكم، ترسم ملامح الوعي العام،
وتقطع الطريق على التدليس والفتن واستلاب العقول.
الحاكم الذي يصل إلى كرسي الحكم بلا هذه القوى؛ فهو ريشة في مهب الريح (مرسي
نموذجاً)
ومن يملك هذه القوى، ولا يهتم كثيراً بموضوع "كرسي الحكم" - بل
ويسمح للناس أن يأتي الحاكم بانتخابات حقيقية وكرنفالات واحتفالات، ويغيرونه متى
شاؤوا -؛ هو الحاكم الفعلي والقوة الحقيقية (اليهود نموذجاً). و (الكنيسة المصرية الأرثوذكسية
نموذجاً في طور التكوين يملك هذه القوى بنسب متفاوتة).
***
إن الجماعات الدعوية والخيرية والإصلاحية لا تصلح على الإطلاق قيادة ثورة أو
حكم دولة.. ذلك لأن لديها من الطيبة والسذاجة التي بها يستطيع أصغر سياسي ابتلاعهم.
وإن أي من هذه الجماعات عندما تقتحم ميدان الثورة أو الحكم فإنها تُهلك نفسها
ومن تبعها.
والأمر يكون أشد كارثية ودموية عندما يكون التغيير المنشود "قلب نظام
الحكم من أساسه" و"استرداد هوية الدولة الأصلية المسلوبة" لأنها
ستفشل في ذلك، وستفرغ الطاقات، وستقف في منطقة رمادية لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء..
ثم في النهاية تُستأصل وتُعامل على أنها عدو!
هذا باختصار واقعنا المعاصر.
لنتخيل ماذا يحدث لو أن صلاح الدين والدولة الأيوبية - وهي خريجة مدراس
الإحياء التي أساسها أبي حامد الغزالي - أراد الدعوة والخير في الدولة الفاطمية
التي بنت الأزهر وقتها!
وانتهجت نفس أسلوب الجماعات الدعوية الحالية أو ما يسمى "الإسلام
السياسي" ؟!
بالطبع ستكون النتيجة، تمدد الدولة الفاطمية، وسيطرة الصليبيين على بلاد الشام
والعراق.
ولكن صلاح الدين كان يفكر بعقلية القائد المجاهد صاحب الرسالة.. لذا فليس
عداؤه مع الشعب المصري، بل مع الدولة الفاطمية بحاكمها وحراسها ومؤسساتها. فقرر -
بكل وضوح - القضاء عليها تماماً.. ويعيد للشعب حقوقه وكرامته، وتحويل أزهره إلى
السنة.
لم يقل وقتها صلاح الدين: "دول بنوا الأزهر" "الدم المصري كله
حرام" بل استرد دولة للمسلمين مسلوبة، وصد الخطر الصليبي وقتها.
ولم يقل صلاح الدين: "الدم المصري كله حرام" ثم يدفع الناس بصدور
عارية لمواجهة قوى وحشية دموية لا ترقب في إنسان ولا حيوان ولا جماد إلاً ولا ذمة.
بل عرف ماذا يريد؟ وعرف الطريق الذي يوصل إلى ما يريد؟
هذا هو الفارق، وهذه هي النتائج !!