قائمة المدونة محتويات المدونة

14‏/06‏/2014

مستقبل الثورة المصرية

حتى يكون المسلم متبعاً لسنن الله سبحانه، ويكون متبعاً لصراطه المستقيم فإنه:
(1)      يجب أن يفهم مفردات الحياة التي يتعاطى معها من خلال التصور الإسلامي لا العلماني.
(2)      يجب أن يستعد لمواجهة: [دعوية - سياسية - جهادية - قتالية] مع أعداء هذا الدين، تحقيقاً لسنة التدافع بين الحق والباطل.
(3)      يجب أن يرفع راية الإسلام وحدها بلا شريك، وأن يجتمع الناس حولها.
(4)      يجب أن يفهم الواقع حوله بأسلوب دقيق، وعلمي، واستباقي، بكل تجرد.. وإخلاص.. وموضوعية، بلا ارتجالية، ولا عفوية، ولا أهواء.
وللأسف عندما نواجه واقعنا.. نجد اختلاط المفاهيم الإسلامية بالعلمانية، ونجد اتباع الهوى لا الصراط المستقيم، ونجد الارتجالية والفوضى، والعمل بدون خطة، حتى إننا لا نفهم إلا عند وقوع الكوارث.. بل هناك من لا يريد الفهم حتى بعد وقوع المصائب.
ولهذا كنت أقول دوماً أن المشكلة ليست في مكر العدو، وبطشه، وعدته، وعتاده، واجتماعه علينا.. بل المشكلة فينا نحن، كما قال تعالى: { قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } [آل عمران : 165] { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ } [الشورى : 30]
طوال الفترة الماضية - والتي قاربت العام - كنت أكتب محاولاً - بما مَنّ الله به علي - تصحيح مسار الثورة المصرية، وتعريف الثورات، وكشف الثغرات... إلخ، محاولة متواضعة من مسلم غيور على دنيه وعلى المسلمين، وينصح بكل ( الحب - النصرة - الولاء ) لعموم المسلمين.
ولا أجد ضرورة لهذا التكرار هنا، فمن شاء فليرجع له.. ولكن أود في هذا السطور القليلة التحاور مع القارئ لمحاولة فهم مستقبل الثورة المصرية، وقد يكون تصوري خاطئاً - هذا شيء طبيعي - ولذا يجب أن تتسابق العقول وتجتمع لوضع جميع الاحتمالات والتوقعات و"السيناريوهات" لاستباق الحدث، وعدم الانفراد برؤية، أو تصور واحد، أو احتمال واحد.
ولا يليق أبداً بمسلم أن تكون حركته عفوية أو ارتجالية.. ليس فيها استعداد ولا تخطيط ولا اتباع تام وكامل للمنهج الإسلامي.. ولا يجوز أن تكون حركة المسلم كذلك هي مجرد "رد فعل" يتوقعه العدو، ويحبطه دوماً..
وقبل الحديث عن الثورة المصرية.. يجب أن أشير إلى أن هناك فئة من "المنافقين" وفئة من "اليائسين" وأحياناً كثيرة يصعب التفرقة بينهما.. فأما المنافقون: فإنهم يبثون الرعب، ويُرجفون في قلوب الثائرين.. أن لا مقام لكم فاستسلموا، فلن تستطيعوا فعل شيء. وأما اليائسون: فإنهم يشعرون بالهزيمة، وضياع الفرصة، ولم يعد هناك أمل.. لا سيما مع الضربات المتتالية التي لا تتوقف من هذا العدو الوحشي. وكلا الفئتين لا يصلحا لعملية التقييم والتقويم للثورة المصرية، ويجب أن نفرق بين النفاق واليأس من جانب، وبين محاولة تصحيح مسار الثورة، ومحاولة توجهيها الوجهة الصحيحة من جانب آخر.. وهو أمر لا شك يتطلب النقد، والمراجعة، والتصحيح الذي لا يتوقف.. طالما أن هناك حركة !
ولا داعي في هذه السطور القليلة أن نرجع إلى بداية الثورة، وما بعدها خلال الثلاث سنوات التي مرت - فقد سبق الحديث عن ذلك - ونكتفي بنقد الأطروحات القائمة الحالية، وأساليب وأدوات المواجهة:
(1)      الاعتصام: بدأت مواجهة الانقلاب أو "الاحتلال العلماني الصليبي" بالاعتصام في الساحات، كخيار وحيد "مرحلي - وتكتيكي - واستراتيجي" لا خيار سواه، ولا بديل عنه ! وهذا أمر لا شك مخالف لسنن الله.. في مواجهة عدو لا يرقب في مؤمن إلاً ولا ذمة. وكانت المواجهة مع العدو.. حتى بلا دفاع عن النفس، الأمر الفطري والشرعي الذي لا يحتاج إلى شرح أو بيان. ثم وقعت كارثة الفض.. تقبل الله الشهداء ورحمهم رحمة واسعة.
(2)      التظاهرات: بعد الفض جاءت التظاهرات، كخيار وحيد: "مرحلي - وتكتيكي - واستراتيجي" لا خيار سواه، ولا بديل عنه ! وهذا لا شك مخالف لسنن الله في مواجهة عدو قام أمام أعيننا: بقتل الرضع والأطفال، وحرق المساجد والمصاحف، وقتل النساء والشيوخ، والإجهاز على الجرحى وحرقهم أحياء، ثم إخفاء الجثث.. تقبل الله الشهداء، ورحمهم رحمة واسعة، وربط على قلوب أهليهم.
(3)      المحاكم الدولية: بدأ التنوع في المقاومة "السلمية" عن طريق التعلق بالمحاكم الدولية الصليبية.. وأنى لمسلم عرّفه الله عدوه، وعدو دينه وقال له: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } [البقرة : 120] ثم يذهب يبكي الصليبي - الذي أشرف وأقر وساند على قتل أخيه المسلم - يذهب إليه ليطلب منه العدل؟!! ثم مضينا في هذا "الوهم" حتى ردوا الباب في وجوهنا.. لتكون هذه الصفعة إيقاظاً لنا بأنه لا ناصر لنا إلا الله، وأن النصر إنما هو باتباع صراط الله المستقيم.
(4)      الرفض الدولي: تعلق المسلم برفض الاتحادات الدولية ومعها بعض الدول الاعتراف بالانقلاب، واعتبرها فاتحة النصر المبين، وجهل من هو العدو؟! فاستخف به الذين لا يوقنون، ثم مضى في هذا "الوهم" حتى ردوا الباب في وجوهنا.. لتكون هذه الصفعة إيقاظاً لنا بأنه لا ناصر لنا إلا الله، وأن النصر إنما هو باتباع صراط الله المستقيم.
(5)      منظمات حقوق الإنسان: تعلق المسلم بتحريك قضيته، وقضية آلاف الشهداء.. أمام منظمات صليبية تسمي نفسها "حقوق الإنسان" ونسي أن يعرف ما هو الإنسان الذي يقصدونه؟! إنه: الصليبي أو العلماني أو الملحد أو الشاذ أو المرأة التي تريد أن تتعرى...إلخ. نسي أن هذه المنظمات ما هي إلا "المكياج" الذي يخفي قبح ووحشية أشد الوحوش في تاريخ البشرية. ومهما بلغت تقاريرها فلن تسقط أصغر مخبر في الداخلية. وهي لن تنتصر لنا أبداً - وإن فعل البعض فهي حالة شاذة فردية - بل هي شامتة ومؤيدة لكل ما يحدث لنا. ثم انتظر المسلم هذا الوهم، حتى ردوا الباب في وجوهنا.. لتكون هذه الصفعة إيقاظاً لنا بأنه لا ناصر لنا إلا الله، وأن النصر إنما هو باتباع صراط الله المستقيم.
(6)      سوار الذهب: والمقصود منه: جنرال عسكري شريف، ينقلب على الانقلاب - كما حدث في السودان - ويعيد الرئيس المختطف لحكم البلاد من جديد، ونسي المسلم أن يعرف طبيعة التشابكات الاقتصادية والعائلية والاستخبارية الأمريكية داخل الجيش، وأن جميع القيادات العليا بلا استثناء مجرد مرتزقة، تنفذ أوامر أسيادهم في الغرب، وتبيع لمن يدفع أكثر، وأن مهمتهم تتلخص في: (أ) حماية أمن إسرائيل. (ب) ضمان الملاحة في قناة السويس، والأولوية العسكرية والمدنية لإلههم أمريكا. (ج) توفير الدعم اللوجستي والتدريب والمساعدة الاستخبارية لصالح الصليب. (د) قمع الشعوب، ومنع قيام أي تغيير - ولو بسيط - إسلامي. (هـ) تغيير عقيدة الجنود القتالية نحو الحرب على "الإرهاب" والإرهاب: هو من تحدده الصليبية الأمريكية واليهودية.
(7)      التوحد: بين التيارات الإسلامية والعلمانية.. وهذا المستحيل الذي لن يحدث أبداً أن يتوحد الإسلام مع العلمانية، بأي شكل من الأشكال.. وبأي صورة من الصور! فكلاهما عدو للآخر، ولن يلتقيا في أول الطريق، ولا في منتصفه، ولا في نهايته. فالإسلام يعطل عمل العلمانية، والعلمانية تعطل عمل الإسلام.. والإسلام لا ينتصر ولا يعمل إلا برايته المنفردة، وعندما يظن البعض أن لا غبار على دعم العلمانيين للمسلمين المستضغفين، فهذه وساوس الشياطين.. العلمانية: أقصى درجات الإلحاد. والإسلام: أقصى درجات الاستسلام لله رب العالمين.
(8)      الإفلاس وثورة الجياع: وتم التعويل عليها كثيراً، باعتبار أن الناس ستكتشف الخدعة، وستزداد المعاناة.. وبالتالي سينفلت النظام الاقتصادي وتنهار بنيته لكثرة الفساد! وهذه في الحقيقة مسألة ليست بالسهولة انتظارها أو اعتبارها هي التي ستسقط الانقلاب أو "الاحتلال العلماني الصليبي" فقد حدد "كسينجر" من قبل أمن مصر القوي: "بين الخبر والانهيار" أي: لا تتجاوز مرحلة الخبز ولقمة العيش. ولا يدعونها تنهار وتتفكك. نسي المسلم طبيعة الدعم الدولي للعلمانية في مصر، ونسي حالة انهيار القيم والمبادئ، وإعادة بناء حاجز الخوف من جديد.. بعد تهدمه في "ثورة يناير" وأثر نشر الخوف والرعب بجرعة مكثفة؛ لتنهار "روح المقاومة"، وزرع الفرقة والاختلاف.. والفشل في الاجتماع على راية الإسلام. وكارثة اعتماد "الخطاب المادي" في حياة الناس وجعله هو محور الاجتماع. فحتى لو حدثت "ثورة جياع" فمن يدفع للجياع أكثر سيكون هو "السيد". إضافة إلى الفشل في فهم نظرية "التشبع الاجتماعي".
(9)      العصيان المدني: لم يتم الدعوة إلى عصيان مدني شامل من قبل، ربما لا يوجد إمكانيات لذلك، لاسيما وأن العصيان المدني في القطاع الخاص شيء شبه مستحيل، لأن الناس بالكاد تستطيع العيش، أما القطاع الحكومي وجيش الموظفين الذي يصل إلى حوالي 6 ملايين موظف لا يمكنهم ذلك، في ظل الرقابة الأمنية الشديدة والسيطرة التامة، والخوف على لقمة العيش، يبدو مستحيلاً كذلك، وحتى لو حدث.. فإن أقصى فاعلية له هو تحسين الراتب، أو تحسين الأداء الحكومي.. ولا يسقط دولة على الإطلاق.
(10)    السلمية: وقد اسهبت الحديث عنها من قبل، لكن نحب أن نقول لنبي السلمية "جين شارب" - رضي الغرب عنه - أن كل ما قاله في كتابه "البدائل الحقيقة" اعتمده المسلم، وآمن به.. ونفذه، ولم يحدث شيء، فما هو جوابكم؟! أكانت البدائل لأهل الصليب لا لأهل الإسلام؟!.. يبدو الخطأ عندنا لا عنده. يراجع فيها: ( بحث: حكاية سلمية، بحث: أوهام كالجبال ).
وهكذا أفسلت كل هذه الأطروحات، وعصينا الله سبحانه: (أ) بالغفلة عن اتباع سننه. (ب) وبالانحراف عن اتباع صراطه المستقيم. (ج) والجهل بالعلوم الصحيحة التي تؤدي للفهم الصحيح.
وهذا الإفلاس دُفعت ضريبته كاملة: [ آلاف الشهداء - 20 ألف مصاب - 40 ألف معتقل - مئات الحرائر المعتقلات والمغتصبات - إعدامات بالجملة - ضرب كافة كوادر الحركة الإسلامية - الطعن في دين الله - علو الصليب والعلمانية ].
( لقد غفلنا عن أن "القوة الناعمة" لا بد لها من "قوة خشنة" تحميها.. و"القوة الخشنة" لا بد لها من "قوة ناعمة" تزيد وترسخ من تأثيرها )
أدرك "الانقلاب العلماني الصليبي" ذلك.. لم يكتفي بالسلاح والقوة الخشنة، بل استخدم "القوة الناعمة" فاستطاع استلاب العقول، وقلب الموازين، وضرب كل القيم، وإقناع الجميع بأي شيء يريده، بل وصنع تظاهرات واعتصامات حتى بلغ الهزل مبلغه فصنع ثورة مدتها 6 ساعات، وأقنع الناس أنها ثورة !!
ولأن الغرب يرعى عملائه، وأذرعه فدعمه من كل طريق: سياسياً، ومادياً، وإعلامياً.. لكن للضحك علينا ولـ "هندسة الغضب" ادعت بعض الأطراف الوقوف بجانبنا.. وتصنعت الرفض، حتى نتعلق بأوهامهم.. ثم جاءت الصفعات تلو الصفعات، ومنا من لم يفق من غفلته بعد !!!

إن سير الثورة المصرية في هذه البدائل المُفلسة.. حتماً سينتهي بها إلى الإفلاس والموت، وفي أحسن الأحوال - ويبدو الأمر بعيداً - مصالحة بشروط القوي ومن يملك السلاح !
***
كيف تعرف أن الثورة المصرية قامت؟
(1)  عندما تهرب القوات المتعددة الجنسيات من سيناء.
(2)  عندما تُغلق السفارة الأمريكية أبوابها وتسرح رعاياها.
(3)  عندما تهرب قيادات الدولة العليا هم وأسرهم.
(4)  عندما تتحرك القطع الحربية في البحر المتوسط قبالة السواحل المصرية.
(5)  عندما تعلن إسرائيل النفير العام.
وأما دون ذلك.. فنحن في "مرحلة المخاض"، ونتصارع في إطار الدولة العلمانية، وتحت تحكيم النظام الدولي.
ولهذا لا بد للثورة المصرية من ثورة داخلية تعيد رسم ملامحها من جديد وأول هذه الملامح:
(1)      رفع راية الإسلام نقية، والحديث باسمه بلا شريك.
(2)      رفع لواء شرع الله، يعلو ولا يُعلى عليه.. عليه نجتمع، وإليه نتحاكم.
(3)      البراءة والتوبة إلى الله - سبحانه - من الديمقراطية، وعودة "المسار الديمقراطي".
(4)      البراءة والتوبة إلى الله - سبحانه - من السلمية، والكفر بنبي السلمية، واتباع سنة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي حطم رؤوس الكفر، وأطاع أمر ربه فضرب فوق الأعناق.. وضرب منهم كل بنان.
(5)      التعلق بالله وحده لا شريك له، والتوكل عليه، واتباع سننه.. والخروج من حظوظ النفس، وأهوائها.. إلى حمل الرسالة، والتجرد لها.
(6)      أن هدف الثورة ليست إسقاط "شخص" أو حتى "نظام سياسي" بل استئصال العلمانية من جذورها بكل مؤسساتها ونظم حكمها، وعودة الإسلام إلى سدة الحكم، ونظم الحياة؛ لتكون كلمة الله هي العليا.. وكلمة الذين كفروا هي السفلى.
فإذا مَكّن الله لنا فمن الله الفضل، وعنده الجزاء.. وإذا اتخذ الله منا الشهداء، فقد أدينا الأمانة، وبلغنا الرسالة.. ومتنا تحت راية الإسلام ولواء شرع الله.
( في مصر ما يقرب من 20 مليون شاب، لو اجتمعوا تحت راية الله وشرعه، فإنهم يستطيعون ليس فقط إسقاط العلمانية واستئصالها من مصر، بل إسقاطها من كل العالم.. ولو اتخذ الله منهم مليون أو مليوني شهيد؛ فقد وهبهم الله حياة عنده، ووهبت الأمة الحياة تحت ظلال الله وشرعه )
***
لمزيد من التفصيل حول مفهوم الثورات، ومعنى الثورة الإسلامية.. وكيف تنتصر الثورات؟ يراجع بحث: الثورة الإسلامية.
روابط ذات صلة: