قائمة المدونة محتويات المدونة

25‏/05‏/2021

سد النهضة.. والخداع الاستراتيجي

سد النهضة الإثيوبي يهدد الأمن المائي (والأمن القومي) لدولتي مصر والسودان معاً (دولتي المصب)، ويهدد اقتصاد مصر الزراعي، وحصتها في المياه، وقدرتها على إنتاج الكهرباء من سد أسوان العالي، وفوق كل هذا، تَحكّم دولة المنبع في حصص مصر والسودان من مياه النيل، فكيف تعامل النظام المصري مع هذه القضية الخطيرة، التي تمس حياة المصريين اليوم وغداً وفي مستقبل الأجيال القادمة؟

بداية.. مَن كان يظن أن النظام المصري الحالي كان سيتعامل بأمانة ووطنية ومسؤولية في هذا القضية الخطيرة، عليه أن يراجع قراءته الواقعية، ووعيه السياسي من جديد، فهذا النظام ـ بوضعه الحالي ـ يعمل على "تفريغ" مصر مِن كل مقوماتها، وإضعافها لصالح أعدائها ـ كما فعلت الأنظمة العسكرية الطاغية السابقة ـ وقد اتبع هذا النظام الخائن "خطة خداع استراتيجي" لتسليم نيل مصر، للصهاينة.. بغطاء إثيوبي، ومن معالم هذه الخطة في الخداع:

ـ استبعاد أي عمل عسكري ضد السد، وكان هذا هو الحل الوحيد، وكلما تأخر، كلما أصبح صعباً وغير ممكناً.

ـ تحميل الشعب المصري، وثورة يناير مسؤولية بناء السد، وكذب كذباً صريحاً على الشعب المصري، فخطط بناء السد قديمة جداً.

ـ تقنين بناء السد عن طريق التوقيع على اتفاق المبادئ عام (2015)، ونزع الشرعية عن أي عمل عسكري، وتسهيل تمويل بناء السد بهذا الاتفاق.

ـ الرضى بسياسة الأمر الواقع الذي فرضته إثيوبيا.

ـ في الاستعداد للملء الثاني للسد، حاول داخلياً إظهار بعض العنتريات الفارغة، بالتلويح بالعمل العسكري، والمناورات مع السودان، حتى إن بعض إخواننا الإسلاميين صدقوا هذا الدجل كعادتهم!! وقد كانت مجرد تصريحات للاستهلاك المحلي فقط. بل ودعى البعض لعقد مصالحات سياسية من أجل التوحد لمواجهة الخطر الأثيوبي!

ـ صرحت السودان ـ بدون عنتريات ـ إن أقصى تصعيد يمكن عمله هو اللجوء لمجلس الأمن، والمفاوضات، وليس مطروحاً أي عمل عسكري.

ـ عند الملء الثاني للسد يتم لليهود ما أرادوا من التحكم في منابع النيل لمصر والسودان، وما كانت إثيوبيا إلا غطاءً لذلك، بمساعدة الخائن اللعين حاكم مصر. وبذلك يكون هذا الخائن أفقد مصر أمنها المائي وسلّمه لليهود، وأفقد مصر سيادتها على بوابة البحر الأحمر بتسليمه تيران وصنافير للسيطرة اليهودية، وما كان النظام السعودي إلا غطاء لهذه الخيانة.

ـ وآخر ما صرّح به وزير خارجية السيسي في: 18 / 05 / 2021 ، قال: "مصر لديها ثقة في أن الملء الثاني لن يضر بمصالحها المائية، فلدينا رصيد كاف من المياه في خزان السد العالي، ويمكننا التعامل مع الأمر من خلال الإجراءات المحكمة لإدارة مواردنا المائية". [المصري اليوم]

يُصرح كأنه وزير خارجية إثيوبيا، فلا يمكن وصف هذا التصريح بالغباء السياسي، بل بالخيانة السياسية.. فحتى لو كان هذا العام لن يتم التأثر فعلاً بعملية الملء نظراً لوفرة المخزون في بحيرة السد العالي، أو وفرة الأمطار، فماذا عن السنوات القادمة، وسنوات الجفاف، وقلة الأمطار؟ ماذا سنفعل حينها؟!

وهل يمكن إطلاق مثل هذا التصريح على الملأ، ليُشجع إثيوبيا على مزيد من التوحش، والتغول على حقوق مصر، وبناء مزيد من السدود الأخرى على النيل؟! أليس في هذه التصريحات تشجيع مبطن لدول حوض النيل، لعمل هي الأخرى سدود على النيل مثل إثيوبيا؟!

وبالفعل أعلنت إثيوبيا، في يناير (2021)، وضع حجر الأساس لسد مائي جديد في إقليم أمهرة، تصل طاقته التخزينية إلى (55) مليون متر مكعب من المياه. [العربي الجديد]، وتخطط إثيوبيا لبناء (3) سدود كبرى بخلاف سدّ النهضة، وهي سدود "كارداوبة" و"بيكو أبو" و"مندايا"، والتي تقدر سعتها التخزينية بحوالي (200) مليار متر مكعب من المياه. [العربي الجديد]

هذا غير الجهالة التامة بمعامل أمان السد، وخطورة انهياره، وتأثيره المدمر ـ في حالة انهياره ـ على السودان، ومصر.

ولقد رحبت إثيوبيا بتصريحات وزير الخارجية المصري.. واعتبرته دعما لموقفها.. فإلى هذه الدرجة من العبث والخيانة لقضية مصيرية وأمن استراتيجي لمصر.

ثم بعد هذه الفضيحة حاولت الخارجية التراجع عنها.. وهي بالأساس تقارير المخابرات التي أمرت سكرتارية الحكومة بترويجها، والتصريح والتراجع ما هو إلا محاولة لخداع الشعب واستغفاله، و"الفوضى" هي طبيعة عمل السكرتارية المتخبطة بين الأجهزة الأمنية المختلفة، والتي تُنفذ التعليمات الصادرة إليها بدون أدنى تفكير، أو رأي.. فهي تنفذ الأمر العسكري فقط.

***

لقد بَدت الأمور أن الحكومة المصرية بقيادة خائنها الأكبر تعمل لصالح إثيوبيا، ومارست الحكومة المصرية الخداع الاستراتيجي مع المصريين، بداية من اتهامهم بأن ثورتهم في يناير هي المسؤولة عن بناء السد، بينما التخطيط لبناء السد من قديم، وهي في النهاية كانت مسؤولية المجلس العسكري، ثم طمأنتهم بصورة تأكيدية تامة على حقوقهم المائية، ثم توقيع اتفاق المبادئ مع إثيوبيا، ثم المضي في مفاوضات استهلاك الوقت، وفرض الأمر الواقع، ثم التصريحات العنترية عن عدم المساس بنقطة مياه من حصة مصر، ثم المناورات الجوية مع السودان "نسور النيل" و"حماة النيل"، ثم وضع خطوط حمراء لإثيوبيا، وانفتاح مصر على كل الخيارات! وصرحت إثيوبيا بكل اطمئنان أن هذه المناورات لا تحمل أي شر لإثيوبيا. أي أنها استعراض محلي لخداع البسطاء وطمأنتهم، وربما لترضية بعض قيادات الجيش الوطنية كذلك.

 ثم في النهاية.. تصريح وزير الخارجية المصري إن الملء الثاني لن يضر مصر بشيء.. ثم انتهت اللعبة، وخانوا مصر! كما هو متوقع منهم، فهم لا يُأتمنون على حمل بعير.

وسيعمل الخائن على تحميل مصر فاتورة خيانته، فسيرفع أسعار المياه، وسيتحكر الجيش إنتاج المياه المعدنية، وسيجبر المزارعين على سياسات مائية مُكلفة مادياً لهم، وفرض ضرائب السحت عليهم، وسيتم ري الزراعة بمياه معالجة من الصرف الصحي، التي تؤثر على صحة المصريين، وسيدفع المصريون الثمن من أموالهم، وصحتهم، وأقواتهم!

***

ولو أنه لم يكن خائناً لكان بإمكانه عمل الآتي:

ـ توجيه ضربة عسكرية مبكرة للسد، وكان يستطيع أن يتفادى كلفتها السياسية، في فترة مبكرة من حكم الرئيس مرسي ـ رحمه الله ـ أو حكم عدلي منصور، إلا أنه كان من أشد الرافضين لفكرة أي عمل عسكري من أي نوع، ولا أرى لها كلفة سياسية، بل هي شرف وطني عظيم، مُفترض التنافس عليه، والانتساب إليه.

ـ الجميع يعرف أن الكيان الصهيوني يخطط من سنين طوال لهذا الأمر، وهذا تصرف طبيعي متوقع لعدو شديد العداء للمسلمين عامة، ولأهل مصر خاصة، وكان بالإمكان الضغط على هذا العدو الصهيوني بفتح معبر رفح، والتخفيف عن قطاع غزة المحاصر من (14) سنة!! وليس ذلك من أجل الله ورسوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ ولا من أجل الأخوة العربية والإنسانية، ولا من أجل الأخلاق، بل من منطق براجماتي نفعي بحت، ومع ذلك لم يفعل الخائن اللعين.

ـ كان يستطيع أن يمتنع عن تسليم تيران وصنافير للسيادة الصهيونية ـ بالغطاء السعودي ـ حتى تُحسم قضية السد، ويقول هذه بتلك مثلاً، ولكنه أبى إلا الخيانة والعمالة، والإحسان المجاني للصهاينة. فكان المحتل البريطاني ـ الذي ضمن حصة مصر من مياه النيل ـ أحن على مصر، من خائنها الأكبر.

وقد راهن هذا الخائن بالاستقرار السياسي لنظامه ـ بسبب الآثار التدميرية لسد النهضة ـ من أجل دعم يهود!! ويحقق لهم حلمهم من "النيل إلى الفرات"!

تنويه: تابع الموسوعة المرئية على قناة يوتيوب: "السيسي.. خادم بني صهيون".

***

دور الكيان الصهيوني في سد النهضة:

ـ "تؤكد مصادر مختلفة وجود طابق كامل في مبنى وزارة المياه والكهرباء الإثيوبية يقيم فيه خبراء المياه الإسرائيليون، وهم يقدمون الخبرة التفاوضية والفنية للفرق الإثيوبية، ووجود أعداد كبيرة من الإسرائيليين يعملون في السد الذي يتم بناؤه بتمويل غربي وأمريكي (البنك الدولي، وإيطاليا، وبنك الاستثمار الأوروبي)، وبنك التنمية الإفريقي، والصين، وإسرائيل". [ورقة علمية: الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه سدّ النهضة الإثيوبي أ. د. وليد عبد الحي]

ـ في عام (2016) قام نتنياهو بزيارة وصفها بـ"التاريخية" إلى أديس أبابا، خطب في حينها أمام البرلمان الإثيوبي قائلاً: "اليوم أفتخر بأن أعلن بأن إسرائيل عادت إلى إفريقيا بكل قوة".

ـ "كشف موقع "تيك ديبكا" الاستخباري الإسرائيلي النقاب عن سعي تل أبيب إلى تحصين سد النهضة الإثيوبي، ومساعدة أديس أبابا على حماية سدها الذي قد يتعرض في أسوأ الأحوال إلى هجمات في حال فشل المفاوضات مع مصر والسودان. وذكر الموقع أن طواقم من ثلاثة مصانع متخصصة في الصناعات العسكرية والدفاعية والجوية في إسرائيل أنهت مؤخراً (2019) العمل على نصب منظومات دفاعية جوية متطورة من طراز "Spyder-MR"  حول سد النهضة الإثيوبي." [المصدر]

ـ "تسعى "إسرائيل" إلى جعل أثيوبيا ممراً لها باتجاه أفريقيا، ومنفذاً استراتيجياً يخولها فتح قنوات سياسية وأمنية وعسكرية في القرن الأفريقي تكون داعماً في صراعها المستمر في المنطقة من خلال تعاونها مع دول أثيوبيا وأرتيريا وجيبوتي، وقد تعزز ذلك من خلال التطورات في منطقة البحر الأحمر ولا سيما اليمن." [المصدر]

ـ الدعم الخليجي لبناء السد، ودفع مصر للتوقيع على اتفاق المبادئ، مساهمة منه في تحقيق الرؤية الصهيونية. [المنافع السياسية والاقتصادية لإسرائيل من أزمة سد النهضة. شادي إبراهيم]

فحتى مع ضمان خيانة نظام السيسي، وتضيعه لنهر النيل ـ بعد تسكين المصريين بخطته في خداعهم طوال سنوات بناء السد ـ كان الكيان الصهيوني حريصاً على ضمان حماية السد، وضمان تمويله، وتسليح منطقته، ومراقبتها بالأقمار الصناعية، لدرجة أن لهم طابقاً كاملاً في وزارة المياه المسؤولة عن تشغيل السد، بمعنى أنه: سد صهيوني خالص الإدارة لهم، وإن انتفعت إثيوبيا به، لكن قيمته السياسية والأمنية والاستراتيجية بيد الصهاينة اليهود.

***

ولقد ترك هذا النظام اللعين بعد خيانة الله ورسوله، مشكلات مدمرة للأمن الاستراتيجي المصري، ومعضلات لمن يأتي من بعده، ومنها:

ـ تسليم خليج تيران، وصنافير للكيان اليهودي الصهيوني بغطاء سعودي؛ وتحويل مياهنا الإقليمية إلى مياه دولية؛ لتسهيل مرور السفن والتجارة الإسرائيلية في البحر الأحمر.

ـ التحكم في منابع النيل عن طريق سد النهضة، وأصبح تحت سيطرة يهود بغطاء إثيوبي، وفقدان الأمن المائي، والسيادة الإقليمية.

ـ تدمير زراعة الأزر المصري ذات السمعة العالمية، وقد كانت مصر تزرع حوالي (1.2) مليون فدان منه، وتم تقليل هذه المساحة إلى حوالي (700) ألف فدان، وبذلك ضياع الأمن المائي، والأمن الغذائي معاً. فعمل على تدمير زراعة الأرز الاستراتيجية والذي هو علامة تجارية عالمية وإضعاف الأمن الغذائي لمصر، مثلما دمر الخونة من قبله صناعة القطن. خسارة للميزة التصديرية وخسارة في الدخل القومي.

وقد حققت مصر سابقاً الاكتفاء الذاتي منه، بل وفائض للتصدير، وأصبح من يزرع الأرز اليوم مهدداً بالاعتقال في المحافظات الغير مسموح بالزراعة فيها! وأدى هذا إلى حدوث فجوة استهلاكية تقدر بحوالي (3) ملايين طن، اضطرت فيها مصر للاستيراد من الخارج!

ـ فقدان ميزان القوى؛ وجعل مصر دولة ضعيفة هشة يسهل تركيعيها والضغط عليها.

ـ التفريط في حقوق غاز البحر المتوسط، والتنازل عن جزء من المياه الإقليمية لصالح الصهاينة، ونكاية في تركيا.

ـ تدمير رفح المصرية، وجعلها منطقة عازلة لصالح الصهاينة، دون الاكتفاء بسيناء التي تعتبر كلها منطقة عازلة لهم!

ـ تعويم وتدمير العملة الوطنية.

ـ الاستدانة المجنونة وبيع أصول الدولة، وترك الاحتياطي النقدي مجموعة من الديون.

ـ زيادة نسبة البطالة والفقر وارتفاع الأسعار.

ـ تدمير وعي الأجيال الناشئة واغتصاب عقولها؛ وتسليمها للوهم والدجل والإلحاد.

ـ إبقاء سياسة الدولة محصورة في حل المعضلات والكوارث الداخلية، وجعلها تدور حول نفسها؛ ومن ثم ضعفها عن أداء أي تأثير إقليمي أو عالمي.

وما يقال عن مصر فعن السودان مثله وأشد.. لا سيما بعد التطبيع مع العدو اليهودي الصهيوني، وأصبح أمن بلدين بحجم مصر والسودان في يد الصهاينة والأثيوبيين الموالين لهم، والخليج المسلم العربي يهرول لدعم يهود، ويدفع الشعوب الإسلامية للتطبيع مع يهود.. والمغرب الغربي يمضي في نفس طريق الهلكة؛ فكأن يهود تحاول أن تُحكم قضبتها على العالم الإسلامي العربي من شرقه لغربه!

***

وهذه هي ضريبة الذل، وظلام الاستضعاف، والهوان.. ضريبة باهظة أفدح بكثير جداً من ضريبة الهوية والكرامة والحق والعدل.. سنظل ندفعها، حتى يأذن الله بفجر للحرية جديد؛ يحطم كل رؤوس الطغيان، ويستعيد الدين، والهوية، والكرامة، والإنسان.. ومقدرات الحياة، وثروات الأمة من يد خونة الداخل، وأعداء الخارج.

***

تنويه: كُتب هذا المقال ـ بفضل الله ـ أثناء المناورات العسكرية مع السودان "حماة النيل"، وقبل بدأ الملء الثاني للسد، في: 25 - 05 - 2021م.

***

تعقيب (1) بتاريخ: 04 – 07 – 2021م

من الأدلة الإضافية على خيانة النظام المصري في موضوع "سد النهضة":

(1) مجلس الأمن: كان أقصى سقف للنظام المصري هو اللجوء لمجلس الأمن، وقد رد مجلس الأمن بعدم الاختصاص في هذا الشأن، فكيف لنظام بوزارة خارجيته وأجهزة مخابراته لا يعرف اختصاصات مجلس الأمن؟! وكيف لنظام يذهب لمجلس الأمن هذا ليعرض عليه قضيته، ولا يعرف موقفه ـ قبل أن يجعله هو أقصى سقف لتهديداته ـ وكيف لا يعرف موقف الدول الأعضاء فيه، تلك الدول التي هدفها إضعاف جميع الدول الأخرى، ونزع أي مقومات تجعلها دولاً ذات استقلالية وقوة وسيادة يمكنها أن تنافس أعضاء المجلس، فالمجلس يريد الضعف للجميع، وإن اعتراض دولة واحدة من دوله على قرار ما، تُلغيه تماماً.

(2) انتصار المتمردون في إقليم تيجراي: وهذا يدل على مدى هشاشة وضعف "الدولة الأثيوبية" التي تمزقها الصراعات الأثنية والعرقية، واختلال منظومة الحكم فيها، فكيف تستطيع أن تفرض قوتها وموقفها على دولة بحكم مصر والسودان معاً، إلا أن يكون هناك خيانة، وضعف في كلا الدولتين، وإن من يقف وراء السد ليس إثيوبيا، وإنما يهود، ومن يريد تركيع مصر.

(3) القاعدة البحرية في مطروح: بنى النظام المصري قاعدة بحرية بمطروح على الحدود مع ليبيا، وهي دولة شقيقة تجمعنا بها الأخوة في الدين، واللغة، والتاريخ، وهي منا، ونحن منها، ولكن ربما نظام السيسي يُخطط لعمل انقلاب هناك فيعد العدة لذلك، ويُنفذ أوامر كفيله الإماراتي.. بينما لم يبنَ قاعدة في جنوب السودان ـ كما زعموا! ـ لمواجهة خطورة السد، وهذا يوضح العقلية المجرمة التي يُفكر بها النظام المصري..

فالأمن القومي المصري في حساباتهم هو: أمن السيسي ونظامه ورجاله، ولا يعنيه حقوق مصر المائية، ولا حقوقها في المتوسط من الغاز والمياه... إلخ، فهو مستعد للمساومة والتفريط ليس فقط بالمياه، بل بالشعب كله والدولة كلها في سبيل بقائه في الحكم هو وعصابة المافيا التي قامت بالسطو المسلح على مصر وأهلها.

والسياسة الخارجية في الإسلام قائمة على التعاون على البر والتقوى ـ لا الإثم والعدوان ـ ونحن نرجو الخير لأثيوبيا، بل نسعى فيه من واجب رسالي، ودعوي، وأمني، وسياسي.. ولكن ما يحصل هو تخريب لمصر، وإضعافها. "وحسب الأرقام الصادرة عن مؤسسات دولية ومصرية، فإن سد النهضة الإثيوبي سيؤدي إلى تبوير 4 ملايين فدان من الأراضي الزراعية في مصر، وتكبد قطاع الزراعة خسائر تقدر بنحو 150 مليار جنيه سنوياً، وتكبد الاقتصاد المصري خسائر تقدر بنحو 1.8 مليار دولار سنوياً، وفقدان 1.3 مليون فرصة عمل، وبالتالي زيادة عدد العاطلين عن العمل بنسبة تصل إلى 38% وربما أكثر، وتراجع صادرات مصر الزراعية، وبالتالي حدوث مزيد من الضغط على الجنيه المصري، وتقليص الإنتاج الكهربائي للسد العالي بدرجة كبيرة." [عربي بوست] 

***

تعقيب (2) بتاريخ: 07 – 07 - 2021م

إثيوبيا تُبلّغ مصر (رسمياً) بِبدأ الملء الثاني للسد، وهذا الأمر له دلالة وأهمية سياسية ودولية لأثيوبيا، إذ يجعل الملء الثاني ليس عملاً سرياً، ولا نقضاً للاتفاقيات، بل عملاً طبيعياً مشروعاً لا حرج فيه، يمضي مع اتفاق المبادئ 2015!

رد النظام المصري: ألف مبروك الملء الثاني للسد، ونشكركم على حسن تعاونكم معنا في خداع الشعب المصري طوال سنوات التفاوض.

وأما "المُهرج العسكري" الذي قال: إن جيش مصر سيتحول إلى قوة لا تبقي ولا تذر، عندما يتعرض الأمن القومي المصري للخطر، فهو يعرف أنه يؤدي دور المُهرج على المسرح، فاتفاق المبادئ ـ في بنده العاشر ـ ينص على "التسوية السلمية للنزاعات" وشرط أي عمل عسكري في هذا الموضوع، أول خطوة فيه "الانسحاب من اتفاق المبادئ"، وبالمناسبة اتفاق المبادئ 2015، تم برعاية الجندي الصهيوني العربي الأول "دحلان"، بإشراف "شيطان" أبو ظبي، فالموضوع منتهي من يومها، وكما قالت إثيوبيا إنها مجرد تصريحات للاستهلاك المحلي للداخل المصري.

وقد نقض اتفاق المبادئ 2015، اتفاقية 1902 م التي كانت تمنع بناء سدود على مجرى النيل.

قضية السد انتهت تماماً، أما مرحلة التفاوض الجديد فستكون على "حصص مياه مصر" من النيل، وما يمكن الحصول عليه، وما يمكن شراءه. فالمُستهدف من السد هو "الشعب المصري" الذي يُريدون له أن يظل يدور في مشكلات ومتطلبات الحياة الأساسية من الطعام والشراب، فلا يُفكر أن يرفع رأسه يوماً، أو يخرج من دوامة "البحث عن لقمة العيش" والتخبط في الفقر والحاجة.. وكذلك شراء مياه النيل لصالح إسرائيل، مروراً بالأراضي المصرية ـ عبر سيناء ـ إلى صحراء النقب، تنفيذاً للحلم الصهيوني القديم لهرتزل! وليس طلب مسؤول مصري رفيع المستوى ـ في الفجور ـ وساطة إسرائيل في ملف سد النهضة من ذلك ببعيد!!

وإن الذي سيتحدث ـ بعد ذلك ـ عن كارثة السد، سيكون إرهابياً، مثيراً للقلائل، ويزعزع استقرار البلد!! وسيتم القبض عليه، مثلما فعلوا في قضية "مضيق تيران"، وستنطلق أبواق الشيطان تتحدث عن حكمة النظام المصري الكبيرة في إدارة هذا الملف، وإن مصر فعلت كل ما تستطيع!!

وإنَّ أخطر شيء على مصر، ليس هو سد النهضة ـ فهو مجرد عرض لمرض ـ إنما أخطر شيء عليها هو هذا النظام المجرم الطاغي الفاسد، الذي يتعمد توريط مصر في مشكلات لا تقوم منها، وأول خطوة لإنهاء مشكلة السد، وللحفاظ على أمن مصر القومي في كافة الموضوعات، هو التخلص من هذا النظام العسكري المجرم، المُتسبب والمُتعمد لكل مشكلات مصر المصيرية.

***

تعقيب (3) بتاريخ: 19 – 07 – 2021م

لقد راهن "جمال عبد الناصر" بمستقبله السياسي في سبيل تحقيق كارثة "يونيو 67"، من أجل الكيان الصهيوني، والإخلاص في عمالته وخيانته، وتدميره المتعمد للجيش المصري، فقد كان على علم بموعد الحرب قبلها بثلاثة أيام، وتم تجميع قيادات الجيش جميعها، لاستقبال طائرة المشير عامر، التي عطلت الدفاعات الجوية أثناء تحليقها.. راهن بمستقبله السياسي، ولكنه نجح في خداع الشعب المصري، واستمر في الحكم، رغم تدمير الجيش المصري، وتسليم سيناء بالكامل لإسرائيل، والجولان، والضفة الغربية والقدس، وخط حدوداً جديدة للكيان الصهيوني، وقُتل الآلاف من الجيش المصري (دون قتال) وظل السفهاء يُصفقون له..

واليوم يُراهن "عبد الفتاح السيسي" بمستقبله السياسي في سبيل تحقيق كارثة "سد النهضة" من أجل الكيان الصهيوني، والإخلاص في عمالته وخيانته، فقد كان على علم بخطورة سد النهضة الكارثية على مصر، ورغم ذلك وقع على اتفاقية المبادئ، وتلاعب بالشعب المصري، تارة بين أهمية التفاوض وجدواه، وتارة بين التلويح بالحرب! وهو كذاب أشر.. لا يمض في تفاوض جاد، ولا في حرب عسكرية، إنما هو الدجل الذي يخدع به الشعب المكلوم.. راهن بمستقبله السياسي من أجل تعطيش مصر، وتدمير مستقبلها وأمنها القومي، وتوصيل المياه لإسرائيل، وقريباً سيعتقل كل من يتحدث عن خطورة السد، لقد قال مثلما قال عبد الناصر نصاً (بعد كارثة 67) إنه على استعداد للرحيل هو والجيش إن أصاب مصر ضرر! وهلل له الناس بجنون، مثلما فعلوا مع عبد الناصر سابقاً، الذي اعتبر أن الهزيمة الحقيقية هي تخليه عن السلطة والحكم، لأنهم يحمون مصر من الأشرار! وهو على يقين أنه مهما حصل لمصر من كارثة السد، فهو باق في الحكم، ولن يمنعه أحد من ذلك، وسيقول له السفهاء من الشعب: بقاؤك وعيونك أغلى عندنا من نهر النيل!

وما السيسي إلا نبتة مجرمة من شجرة نظام يوليو العسكري الخبيث الذي طلعه رؤوس الشياطين!!

والتاريخ لا يُعيد نفسه، إنما "السنن الإلهية"  تعمل في النفوس والمجتمعات، إننا أمام نفس الخائنين، وأمام نفس الدجالين، وأمام نفس الفاسقين، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا، وكذلك نُولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون، والظالمين ـ بالنص القرآني ـ ليس فقط البغاة والطغاة والفراعين، إنما هم أيضاً المستضعفين الذي دعموا هؤلاء الطغاة، وكانوا وقوداً لهم.

فهذا المجرم يجب محاكمته بتهمة الخيانة العظمى، وتضم لائحة الادعاء ثلاث (جرائم وطنية) خالصة، وهي:

ـ تفريطه في مياه نهر النيل ـ شريان الحياة في مصر ـ وتوقيعه على اتفاق المبادئ (والإصرار على عدم الانسحاب منه)، وأعطى الشرعية القانونية لبناء السد، وتدفق التمويل المالي عليه، وإفشال المفاوضات السياسية وتغيير سنوات الملء، وإفشال أي عمل عسكري، وخداع الشعب في ذلك.

ـ تفريطه في خليج (مضيق) تيران، بوابة البحر الأحمر، من أجل عيون الصهاينة ـ بغطاء سعودي ـ وتحويل البحر الأحمر إلى ممر دولي!

ـ تفريطه في حقوق مصر من الغاز وثروات البحر المتوسط لصالح الصهاينة، والتفريط في ثروات مصر، وبيع أراضيها وشركاتها لمن يدفع، وتدمير رفح المصرية لتكون ظهيراً صحراوياً للصهاينة.

وهذا مما هو معلوم بين الناس، وما خفي أعظم، ونحن نعتقد إن هذا السيسي هو "جاسوس إسرائيلي" خالص، وليس مجرد خائن لوطنه ودينه، لا سيما وأمه يهودية الأصل اسمها "مليكة تتياني"، وهو الوحيد الذي نجى من تفجير طائرة علماء الذرة وقادة الجيش القادمة من نيويورك عام 1999.. وسواء أكان ذلك أم لا، فجرائمه التي نراها رأي العين كل جريمة منها كفيلة بمحاكمته بتهمة الخيانة العظمى.

وأدعو إلى عمل حملة توقيع إلكترونية لمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى، غرض هذه الحملة: زيادة الوعي الشعبي بهذه الجرائم، والضغط الإعلامي والسياسي، وإيقاظ الناس بكل وسيلة حتى لا يستمر "السحر" فنعمل على إبطال السحر، ونؤكد على أن المحاكمة الحقيقية على هذه الجرائم، وإيقاف هذه الكوارث لا يمكن ولا يكون إلا باستئصال هذا النظام من جذوره، وتطهير مصر من خيانته وجرائمه.

***