قائمة المدونة محتويات المدونة

29‏/03‏/2020

الشخصية المسلمة

الشخصية المسلمة: أرادها الإسلام أن تكون شخصية (متوازنة) لا يطغى فيها جانب على آخر، ولا يُهمل فيها خط من خطوطها، فأرادها أن تكون (وسطاً)، لا انحراف فيه، ولا تشوه، ولا نقصان، ولا شذوذ، ولا طغيان، ولا غلو.
لتحميل البحث نسخة (PDF).. لطفاً (اضغط هنا).

ويمكننا القول: إن القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة.. أرادت للشخصية المسلمة ثلاثة مسارات متوازية، ومتممة بعضها بعضا.

***

المسار الأول: التقوى الفردية.

وفيها أرشد الوحي الإلهي الإنسان.. إلى تقوى الله، وعبادته، وإقامة شعائره، إلى ذكره الدائم، وإخلاص النية التام، وصلاح القلب، وطهارته من أمراض: الحسد، والغل، والبغضاء، والضغائن. وطهارة النفس: من التواكل والكسل، والتنطع والتشدق، والغلو والتشدد.. فكانت الصلوات والخلوات وأوقات الذكر، والدعاء، كانت قراءة القرآن، وقيام الليل، والصيام والقيام..

كما قال تعالى:

﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران (191)]

﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًاۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ [الفتح (29)]

﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء (103)]

وكما في الأحاديث الشريفة:

"مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ" [صحيح البخاري/ 6405]

"مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ" [صحيح مسلم/ 2694]

"صَلَاةُ الْجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وَأَتَى الْمَسْجِدَ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ وَتُصَلِّي يَعْنِي عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ" [صحيح البخاري/ 477]

"مَنْ تَوَضَّأَ هَكَذَا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ، لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ، غُفِرَ لَهُ مَا خَلَا مِنْ ذَنْبِهِ" [صحيح مسلم/ 233]

"مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ" [سنن أبي داود/ 1455، إسناده متصل، رجاله ثقات]

"مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ، وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا" [صحيح البخاري/ 2840]

"مَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ "، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم:" تَامَّةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ ". [جامع الترمذي/ 586، وإسناده ضعيف، فيه هلال بن بشر الأزدي وهو ضعيف الحديث، ونورده للاستئناس]

"عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: "لأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مِنْ صَلاةِ الْغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ، أَحْسَبُهُ قَالَ: مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَلأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مِنْ صَلاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ، أَحْسَبُهُ قَالَ: مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ" [البحر الزخار/ 7244، إسناده حسن]

وفي صلاح القلوب والنفوس جاء عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:

" إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى" [صحيح البخاري/ 1]

"... أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ" [صحيح البخاري/ 52]

"قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ"، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ، قَالَ: "هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ" [سنن ابن ماجة/ 4216، إسناده حسن]

فيدفعه الوحي إلى السماء دفعاً، وإلى الشوق إلى الآخرة سبقاً.. حتى إذا وجده يُحلق بعيداً عن الأرض، أعاده إليها؛ لينشر فيها الخير، ويُعمرها بالخلافة الراشدة فيها، ويجعل من ذلك أيضاً طريقاً إلى الجنة. ولذلك كانت المسار الثاني والثالث في الشخصية المسلمة.

***

والمسار الثاني: التقوى الاجتماعية.

وهي ثمرة التقوى الفردية.. فالإسلام لم يُرد للشخصية المسلمة أن تكون فقط مجرد شخصية تذكر الله في الخلوات، أو تقيم الليل في الظلمات، بل أراد لهذا الذكر أن يصبح (سلوكاً) تقياً.. وإذا كانت التقوى الفردية غايتها أن تجعل النفس الإنسانية تخشى الله، وترجو ما عند الله، فإن التقوى الاجتماعية، تريد أن تجعل الإنسان فاعلاً إيجابياً ربانياً في محيطه الاجتماعي، ولذلك فالإسلام يعتبر الرهبانية (انحرافاً) وغلواً؛ فهو يريد للذي سلك المسار الأول، أن ينعكس سلوكياً وأخلاقياً في المسار الثاني..

كما قال تعالى:

﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ١ فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ٢ وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ ٣ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ٤ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ٥ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ٦ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ٧ ﴾ [الماعون]

﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل (90)]

﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء (58)]

فجعل الله سبحانه: التكذيب بالدين في أولئك الذي يتركون اليتيم، والمسكين.. ولا يحققون العدالة الاجتماعية في محيطهم، وفي أولئك الذي يخرجون للصلاة ويكثرون منها رياء وسمعة – أو تكون صلاتهم صلاة لا تنهى عن الفحشاء والمنكر – وفي أولئك الذين يحتكرون الطعام وغيره، مما يقتات عليه الناس، فيمنعونه: إما ظالماً، أو طلباً للمال الحرام..

وكل هذا السلوك المنحرف، جعله الله "تكذيباً بالدين"! ولمَ لا؟ والدين أمر بتحقيق الحق والعدل، وإشاعة الخير، ومنع الظلم، وأمر بالعدل والإحسان والأمانة، ونهى عن المنكر والبغي.

وأجمل ما قاله الرسول – صلى الله عليه وسلم – في ذلك، وهو يُلخص دعوته كلها، فيقول – عليه السلام - :

"إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ" [مسند أحمد/ 8729، إسناد حسن]

وقال أيضاً – عليه السلام -:

"مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ" [مسند أحمد/ 27006، إسناده متصل، رجاله ثقات]

"إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ ؟ قَالَ: "مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ، وَيَدِهِ" [صحيح مسلم/ 43]

"الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ" [جامع الترمذي/ 2627، إسناده حسن]

"عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَا النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم - أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ ؟ قَالَ: " تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ" [صحيح البخاري/ 12]

"لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا، وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ، حَرَامٌ دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ". [صحيح مسلم/ 2565]

"مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" [صحيح مسلم/ 2587]

"إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ" [صحيح البخاري/ 481]

"لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" [صحيح البخاري/ 13]

"سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "تُدْخِلُ عَلَى أَخِيكَ الْمُؤْمِنِ سُرُورًا، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تُطْعِمُهُ خُبْزًا" [الترغيب في فضائل الأعمال/ 374، إسناده متصل، رجاله ثقات]

"خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ" [جامع الترمذي/ 3895، إسناده متصل، رجاله ثقات]

"عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَة، مَا كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم -:  يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: " كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ " [صحيح البخاري/ 676]

"عَنْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ" فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ، قَدْ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ ذَلِكَ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ، قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الْأُولَى، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم - تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ: إِنِّي لَاحَيْتُ أَبِي، فَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ، فَعَلْتَ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَنَسٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثَ، فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ وَتَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ – جل جلاله - وَكَبَّرَ، حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلَّا خَيْرًا، فَلَمَّا مَضَتْ الثَّلَاثُ لَيَالٍ، وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ، قُلْتُ يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنِّي لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ وَلَا هَجْرٌ ثَمَّ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ " يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ " فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلَاثَ مِرَارٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ، لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ فَأَقْتَدِيَ بِهِ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، قَالَ: فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ " [مسند أحمد/ 12286، إسناده متصل، رجاله ثقات]

"رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا، إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى" [صحيح البخاري/ 2076]

"أَوْثَقَ عُرَى الإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ فِي اللَّهِ، وَأَنْ تُبْغِضَ فِي اللَّهِ". [مسند الروياني/ 399، إسناده متصل، رجال ثقات]

"عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ "، قَالَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: "يَعْمَلُ بِيَدِهِ، فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ، وَيَتَصَدَّقُ"، قَالَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَفْعَلَ؟ قَالَ: "يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ"، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: "يَأْمُرُ بِالْخَيْرِ، أَوْ: بِالْعَدْلِ"، قَالَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَفْعَلَ؟ قَالَ: "يُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهُ لَهُ صَدَقَةٌ" [مسند أحمد/ 19036، إسناده متصل، رجاله ثقات]

"تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلَالِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ" [جامع الترمذي/ 1956، إسناده حسن في المتابعات]

"لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ" [صحيح مسلم/ 2629]

"حُرِّمَ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّاسِ" [مسند أحمد/ 3928، إسناده متصل، رجاله ثقات]

"مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ " [صحيح مسلم/ 2702] وجمع هذا الحديث بين المسار "السلوكي الاجتماعي"؛ مثل: تفريج الكرب، والتيسير على المعسر، وستر المسلم، وعونه، وطلب العلم كل ذلك ابتغاء مرضاة الله، وبين المسار الفردي التعبدي – وجاء أيضاً في صورة اجتماعية – كذكر الله في بيوت الله، وامتداد التواصل الاجتماعي المتين المبني على ذكر الله عبادة، ومساعدة المسلمين سلوكاً، ثم خُتم بالدعوة إلى كثرة العمل الصالح، حيث لا يُغني النسب والقوم من الله شيئاً: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾ [المؤمنون (101)]

وقال – عليه السلام - عن الذي لا تنعكس عبادته سلوكاً وأخلاقا:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم - قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: "إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ" [صحيح مسلم/ 2584]

"لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا" [سنن أبي داود/ 5004]

"لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرِ الْكَبِيرَ، وَيَرْحَمِ الصَّغِيرَ، وَيَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ" [صحيح ابن حبان/ 458، إسناده منصل، رجاله ثقات]

"مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا " [مسند أحمد/ 27500، إسناده  متصل، رجاله ثقات]

"لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ"، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ، يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ" [صحيح مسلم/ 92] بطر الحق: أي يرد الحق - إذا جاءه - تجبراً وعلواً، وغمط الناس: أي احتقارهم وازدرائهم والتعالي عليهم.

***

 والمسار الثالث: التقوى الأممية السياسية.

وهي ثمرة (مسار التقوى الفردية) و(مسار التقوى الاجتماعية) حيث يقوم المسلم فيها بمسؤوليته تجاه أمته، وتجاه قضايا المسلمين، وإلا تحل العقوبة العامة في حال التقصير في القيام بهذا المسار الهام والخطير.

وفي ذلك قال تعالى:

﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةًۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال (25)]

أي: اتقوا ( بأعمالكم الصائبة وبوحدتكم وجهادكم ) فتنة وعذاب لا تصيب الظالمين فحسب، بل قد تصيب الجميع؛ لتقاعسكم عن دفع عدوان الظالمين والبراءة منه.

﴿فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْۗ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ [هود (116)]

﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ١١٢ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ١١٣﴾ [هود]

﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران (110)]

﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّۗ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّاۚ لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ﴾ [التوبة (81)]

﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة (143)]

﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾ [الشورى (13)]

﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ [الحديد (25)]

﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء (215)]

﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَۖ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ [النحل (36)]

﴿وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةًۚ كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجاثية (28)]

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا﴾ [النساء (71)]

﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [التوبة (41)]

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الأنفال (45)]

﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًاۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص (83)]

فهذا الحشد من الآيات – وغيره الكثير – يوضح أهمية هذا المسار، وإنه ليس هملاً، ولا عبثاً.. بل قضية يترتب عليها حاضر الأمة، ومستقبلها.

فأي انحراف عن مسار "الشريعة" يهدد حياة ووجود الأمة المسلمة.. لأنها أمة خرجت من رحم الوحي الإلهي، وتكونت – أول مرة – على أساس توجيهاته..

والشريعة ليست فقط الأحكام، بل أساسها الاجتماع الإنساني والسياسي على اتباع الكتاب وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأصل وجود الأمة الإسلامية - والعربية خاصة بحكم الرسالة واللغة - هو الإسلام، وبدون الإسلام فهي أمة لقيطة.. أو غثاء منبت لا أصل له. وهذا أساس شرعية الاجتماع والحكم والسياسة.

والمسلم يقوم بدوره في هذا المسار – وليس في حِل منه – فهم مهتم لقضايا أمته العامة، ولا يُكلف الله نفساً إلا ما أتاها.. ومطلوب منه أن يبذل جهده قدر وسعه وطاقته.. على شرط أن لا يُتابع على ظلم أو يرضى به. ولا يركن إلى الذين ظلموا.

بل أمر الله – سبحانه - بإعداد كل قوة ممكنة لحماية الدين والأمة: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾ [الأنفال (60)]

وجاء في الحديث الشريف: "أُعِيذُكَ بِاللَّهِ يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ مِنْ أُمَرَاءَ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِي، فَمَنْ غَشِيَ أَبْوَابَهُمْ فَصَدَّقَهُمْ فِي كَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَا يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَمَنْ غَشِيَ أَبْوَابَهُمْ أَوْ لَمْ يَغْشَ فَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ فِي كَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَسَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ، يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ الصَّلَاةُ بُرْهَانٌ وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ إِنَّهُ لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ" [جامع الترمذي/ 614، إسناده حسن، مسند أحمد/ 10808، بإسناد متصل، ورجال ثقات]

وقد جمع هذا الحديث المسارات الثلاثة كلها: مسار التدين الفردي (كالصلاة والصيام)، والمسار الاجتماعي (كالصدقة، وتحريم أكل المال الحرام)، والمسار الأممي السياسي وهو صدر الحديث في: (عدم الإعانة على الظلم، وإشاعة باطل الظالمين ودجلهم).

ولهذا كانت خيرة الأمة – بعد الإيمان بالله – في: (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران (104)] وفي الحديث الشريف: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ  فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ". [صحيح مسلم/ 52]

 وفي خطوة التقاعس عن الأخذ على يد الظالمين، جاء في الأحاديث الشريفة عن النبي – صلى الله عليه وسلم-:

"مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا" [صحيح البخاري/ 2493]

"وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ – صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلْتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيِ السَّفِيهِ، وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَيَلْعَنَكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ" [مشكل الآثار للطحاوي/ 1163، إسناده متصل، رجاله ثقات]

"مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي، إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ، وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ، يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ، حَبَّةُ خَرْدَلٍ" [صحيح مسلم/ 52]

وفي القيام بالمسؤولية السياسية والإصلاحية، جاء في الأحاديث الشريفة:

" الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ" [ سنن أبي داود/ 4530، إسناد متصل، ورجاله ثقات]

 "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" [صحيح البخاري/ 893]

"إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ" [جامع الترمذي/ 2168، إسناده متصل، رجاله ثقات]

"مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي ثُمَّ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا ثُمَّ لَا يُغَيِّرُوا إِلَّا يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ مِنْهُ بِعِقَابٍ" [سنن أبي داود/ 4338، إسناده متصل، رجاله ثقات]

وعَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: " نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ " [الفتن لنعيم بن حماد/ 1734، إسناده حسن]

"اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ  مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ" [صحيح مسلم/ ( 12 : 211) ]

"مَا مِنْ أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ لَا يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ، إِلَّا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الْجَنَّةَ" [صحيح مسلم/ 145]

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: لَمَّا نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْكَعْبَةَ، فَقَالَ: "مَرْحَبًا بِكِ مِنْ بَيْتٍ مَا أَعْظَمَكِ، وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَلَلْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ" [شعب الإيمان للبيهقي/ 4014، إسناده حسن]

فالإسلام يريد في هذا المسار.. المسلم اليقظ، القائد، والمعلم، الحاضر في واقعه، والمتطلع إلى مستقبله، والآخذ بزمام المبادرة، واليقظ أشد اليقظة لعدوه، متقد الذهن، واسع المعرفة، شديد القوى، مُتقن عمله، على بصيرة بواقعه ومجتمعه؛ ويُعتبر هذا المسار في الشخصية المسلمة هو "الدرع الواقي" لمسار التقوى الفردية، والاجتماعية، فهذا المسار هو الذي يحفظ على المسلم دينه وتقواه، ويحفظ على أمته عزتها، وريادتها، وحريتها.. ويستطيع – من خلاله - أن يدعو الإنسانية إلى دين الله، وإلى الخير، وإلى السلام، ويملك به القوة اللازمة لهذه الدعوة.

ولهذا قال تعالى لنبيه:

﴿وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الأنعام (55)] فتفصيل الآيات لم يكن فقط للخلوات والصلوات.. بل لليقظة ضد العدو المتربص، والباطل المنتفش، فلا يصح أن يغيب عن المسلم طرق المجرمين وأساليبهم وخططهم؛ حتى يستعد ويتحصن من عدوانهم ومكرهم، ويعد العدة لمواجهتهم. فلا يُريده أرعناً ولا درويشاً، ولا مغفلاً، ولا ضعيفاً، ولا متسامحاً مع الظلم والعدوان، والبغي والكفران.

وقال تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾ [الفرقان (31)]

وقال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ﴾ [الرّوم (60)] فالمسلم قائد يقظ متحفز لكل خطورة على أمته، ويدرك أساليب ومكر أهل النفاق، فلا يستخف به منافق، ولا يخدعه عدو؛ حتى يكون مؤهلاً للتعاطي مع قضايا أمته المصيرية من: مواجهة الظالمين، ودفع الأعداء، ورفع الدعوة الإسلامية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإقامة الحق، ودفع الظلم، وحقن دماء الأمة، والحفاظ على وحدتها، وقوتها، وتطهيرها من الفساد والظلم، والتحرر من التبعية والهيمنة الخارجية... إلخ.

***

وبذلك تكتمل "الشخصية المسلمة" التي أرادها الإسلام، فهي شخصية: تخشى الله، وتتقه في حالتها (الفردية الذاتية)، وهي شخصية مؤثرة إيجابياً وأخلاقياً في (محيطها الاجتماعي)، وهي شخصية متفاعلة ومشاركة في محيط (أمتها الأم)، والرحم والأصل الذي منه خرجنا، فهو بَر بها، رحيم لها، مهتم لأمرها، مُحسن إليها، مُخفض الجناح لها.

وأي نقص أو خلل في أي من هذه المسارات، يُخرج شخصية مُشوهة أو بمعنى آخر: على غير السنة النبوية.. فمثلاً لو اكتفى المسلم بالمسار الأول (المسار الذاتي) دون أن يكون له أثر اجتماعي ينعكس سلوكياً وأخلاقياً، ومسار أممي يرجع إلى الأمة، فهذه الشخصية دخلت في مرحلة "الرهبانية" التي يرفضها الإسلام، وجعلت من نفسها مسلكاً يسلكه الطغاة لاستغلال المترهبن لخداع الناس، وتمرير الباطل، وإضفاء الشرعية الدينية عليه، أو على الأقل انعدام أثره ووجوده.

ولو اكتفى المسلم بالسلوك الأخلاقي الحسن، دون أن يكون له عبادة وصلاة ونية خالصة لله.. فقد سَفه نفسه - وأضاع عليها الخير، فالأصل هو الامتثال لله نية وطاعة وعبادة وخُلقاً وسلوكاً - كحال أولئك الذي يحسن إليهم نفع الناس - ربما رغبة نفسية أو فطرة أو رياء - دون أن يكون لهم مع الله عبادة.

ولو اكتفى المسلم بالاهتمام بقضايا الأمة، دون أن يكون له طاعة ونية خالصة لله، وعبادة، وسلوكاً سوياً، فهذا قد يكون من أشد الخطر على قضايا الأمة، ومثال ذلك: في أولئك القوميين العلمانيين الذي اهتموا بقضية فلسطين - مثلاً - دون أن يكون لهم نية وإخلاصاً لله.. فكانوا أشد خطراً عليها من العدو الأصلي، واستهوتهم الشياطين، وسلكت بهم كل باطل مبين.

***

فصلَ الله على محمد الذي جمع كل ذلك على أتم وجه، فكان (العبد الزاهد الصوّام القوّام) وكان (المُصلح الاجتماعي القريب السهل الكريم) وكان (القائد المجاهد والفاتح العظيم) أو كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم (4)] ﴿إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الزخرف (43)].

فاللهم ارزقنا اتباع سنته، واهدنا الصراط المستقيم.

***