قائمة المدونة محتويات المدونة

11‏/12‏/2022

"النظام السعودي" والترويج للشذوذ!

خاب حسن ظني! بعدما اعتقدت أن أئمة النفاق والخيانة ستتجمل بعض الشيء، وتخفي احتفائها وترويجها للشذوذ الجنسي، فرغم الهجمة العلمانية الوحشية التي يتعرض لها المجتمع السعودي، وهي هجمة مُفتعلة مُقززة تُكرِهه كرهاً على العلمانية، والإباحية، والانحلال! ويحاولون ـ وبسرعة غريبة ـ يُسابقون بها الزمن أن يتعجل المجتمع السعودي تَعريه، ويُسارع في فجوره..

واستعلان هذا الفجور بحيث يكون هو "النمط الاجتماعي السائد"؛ الذي أنتج عاهات اجتماعية، وتشوهات سلوكية، بفعل هذا التغيير القسري!

فالحديث إذن ليس عن ذنب فردي، ولا معاصي السر.. ولا حتى معاصي فردية يُجاهر بها من يجاهر، إنما الغرض الرئيسي هو تغيير "النمط الاجتماعي" نحو التعري والانحلال، وأما الآن فهو الترويج للشذوذ، وغض النظر عن دعوات الإلحاد والتشكيك في الدين!

فجاء على موقع "قناة الحرة"، وتحت هذا العنوان: "صفر رقابة.. موضوعات جريئة وفيلم عن المثلية في مهرجان البحر الأحمر بالسعودية" فلم يكتفِ المهرجان ـ الذي أُقيم على بُعد خطوات من بيت الله الحرام ـ بالتعري واستعراض لحوم النساء الرخيصة تحت يافطة "الفن" بل شجّع على الترويج للشذوذ الجنسي من خلال فيلم مغربي! ويقول الخبر: (وينسب موقع مهرجان البحر الأحمر السينمائي الفضل إلى المخرجة مريم توزاني لتغطية "موضوع معقد بحساسية وشجاعة" مشيراً إلى "الطريق لمجتمع تزدهر فيه التقاليد والتسامح معا"). وقالت المخرجة: إنها لا تُدافع عن "المثلية الجنسية" بقدر ما تُدافع عن "الحب"!! كما شارك في المهرجان مخرج فيلم فاضح يروج للشذوذ أيضاً.

وبداية التطبيع مع الشذوذ تبدأ هكذا من الفن ـ كما يزعمون ـ ثم النقاش الاجتماعي، ثم تخفيف التشريعات، ثم إلغاءها، ثم الاحتفاء به، ثم الترويج له، ثم معاقبة من يرفضه، وينكره... إلخ، كما سبق البيان تفصيلاً في كتاب: "المثلية الجنسية بين الإسلام والعلمانية".

وفي نفس التوقيت يُقام في الرياض العاصمة مهرجان يُمارس فيه الشذوذ بين الشباب في الشارع، ويجلبون العاهرات المتخصصات للرقص عاريات على المسرح، ويُشجع على ذلك وتباركه وتدعمه هيئة "الفجور والفسوق والعصيان" فمارس بعض الحضور الفواحش علناً!! وإنا لله وإنا إليه راجعون.

حتى احتفى موقع إسباني بالحدث الفني! وقال: "يقوم العرب وبعض السياسيين السعوديين الطليعيين _ Avant-garde [التقدميين] تدريجياً بتشكيل العديد من الثورات النسائية الصغيرة، تاركين وراءهم الرؤية الرجعية الخاطئة التي يعلنها الإسلام". والتقدمية تعني: تعرية المرأة، والاستهزاء بالدين والطعن فيه، وترويج الإباحية شيئاً فشيء تحت مسمى "قيم الحداثة وما بعدها، والمواطنة العالمية، وتحدي القيم السائدة في المجتمعات المحلية من خلال الفن، والأدب، والفكر"! وصدق الموقع الإسباني "ثورات نسائية صغيرة" هدفها الوحيد: هو "التعري" ولوازمه ومقتضياته.

***

ويتصور البعض أن المجتمع السعودي كان يعاني الكبت، ثم انفجر فجأة باختياره! وهذا غير صحيح، المجتمع السعودي كان يعاني مثلما تُعاني بقية الشعوب المُستعبدة من قِبل الفجار وأئمة الإجرام والنفاق، فلا يجد ما يكفيه، ويتزوج ويفتح به بيتاً ـ رغم ثروات البلد الهائلة، إضافة إلى عادات وعوامل أخرى كغلاء المهور ـ  فلم تكن مشكلته مع التزام الصلاة أو حجاب المرأة بل كانت هذه المظاهر زينة هذا المجتمع وعلامته.. كان يربكه التناقض بين التدين المزيف، وفجور الحُكام، وكانت طاقاته مُهدرة مُعطلة بحكم التسلط الوحشي من الأنظمة الفاجرة.

نعم.. كان هناك من الفجور المستور ما الله به عليم، ولكن ذلك لا يعني أن المجتمع كله كان يريد هذا الفجور المستور، أو أن يجاهر بالمعاصي هذه المجاهرة التي تُحاد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى مقربة من بيت الله الحرام، وفي المقاطعة الإدارية لمكة المكرمة والمدينة المنورة.

كل مظاهر الفجور والفسوق والعصيان والإباحية والشذوذ المُستعلن بها اليوم في المجتمع السعودي لم تكن أبداً من اختياره، ولو يملك حرية الإرادة والاختيار ما قَبِل ذلك الاستعلان بالفجور، حتى ولو وقع فيه البعض خُفية! ذلك أن الوقوع في الذنب شيء، واستعلان الفجور والعصيان والمحاداة لله ورسوله شيء آخر تماماً، فهذا يعني "شرعنة" الباطل والفواحش. ورغم جهدهم في نشر هذه المفاسد.. مازالت مظاهر الخير ظاهرة.. لكن الاستمرار في هذه الهجمة، وتربية النشء والفتيان والفتيات على هذه الفواحش، وتطبيعها، من شأنه أن يُنذر بالتحول الكلي!

نعم.. كان هناك مظاهر تَدين بها بعض الغلو والتكلّف والمبالغات، وممارسات سيئة لهيئة الأمر بالمعروف، ولكن علاجها لا يكون بالفسوق والفجور، بل بالاعتدال والحسنى، والاتزان ـ راجع إن شئت مقال: "التدين المنحرف والكبت" ـ ويستحيل أن يتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دون إنكار المنكر الأكبر في تسلّط أئمة النفاق والبغي على حكم الأمة المسلمة، لا يمكن الإنكار على الضعيف وترك المُتسلط المتكبر المفسد في الأرض، ولكن الهيئة كانت تمضي على ما اختارته جميع المؤسسات الدينية الرسمية في عالمنا الإسلامي من: الدعوة إلى التدين الفردي، والخضوع للنظام الحاكم مهما بلغ به الطغيان والفساد والعدوان! مُتبعين في ذلك "بدعة قبيحة" في الدين يزعمون فيها ـ بكل وقاحة ـ أنها هي "السنة"! وسبق بيان ذلك تفصيلاً ـ بفضل الله ـ في كتاب: "أمراض الاستبداد، فصل (ضلالات فكرية في الفقه السياسي الإسلامي)".

***

إنَّ ما يحصل في المجتمع السعودي اليوم هو اختيار "شخص واحد" يملك السلطة! وهذا المثال يكشف لنا عن مدى خطورة "الاستبداد، واستعباد الناس، وسلب حريتهم، وشورهم" يكشف عن خطورة الأنظمة الملكية والعسكرية الفاجرة التي يمكن لفرد فيها يملك سلطة هائلة ـ في ظل الدولة الحديثة التي يملك فيها النظام حصراً "كل" أدوات التسلط والقهر على الناس: (القوة الحربية، والقوة المالية، والقوة التنظيمية والتشريعية، والرقابة المستمرة والتجسس، والإعلام، والرجال، والمؤسسات، والقضاء، ورجال الدين... كل شيء!) ـ أن يُغير عقائد الناس وأخلاقهم كيفما شاء! فنجد اختيار شخص واحد فقط لا غير ـ بلا رقيب ولا حسيب ـ يتحكم في مصير ما يزيد عن ستة وثلاثين مليون إنسان، أنا على يقين أن أكثر من 95% منهم يرفض هذا الاختيار.. يرفض هذا الفجور والعصيان والعدوان على شريعة الله وكتابه وحرمه ودينه.

فالإسلام لا يجعل هذه السلطة لفرد أبداً، فضلاً عن أن يعطيها لظالم، ومنافق، ومجرم قاتل، ودجال! ونحن لا نريد "شخصاً" آخر يفرض الحجاب والنقاب، ليُرضي المؤسسة الدينية مثلاً، بينما هو يسرق ثروات الناس، ويُفسد من الأرض من بقية الجوانب الأخرى.. نحن نريد للإسلام أن يحكم، لا أن يدور المجتمع والأمة حسب رغبة الحاكم أو الملك أو الأمير.. إن ارتأى في الحجاب مصلحة أو موازنة سياسية فرضه على الناس، وإن استحسن الإباحية والشذوذ والانحلال والفجور نشره وباركه ودعمه ودعى المجتمع كله إليه، وعاقب من يرده أو ينكره.

إنَّ الإسلام يجمع الإنسان باسم الله، ويحكمهم جميعهم ـ بلا استثناء ـ بشريعة الله، ولا يجعل من الأخلاق والفضيلة "لعبة سياسية" ولا "برنامجاً انتخابياً" ولا يخلق هيئة لإنكار المنكر حسب مزاج الأمير، ولا شرطة للأخلاق تزعم حمايتها بينما النظام بلا فضيلة ولا أخلاق..

المجتمع المسلم هو صاحب "السلطة الأخلاقية" هو المتمسك بها، والمدافع عنها، لأنه لا يستسلم لرغبة حاكم، أو يخاف من هيئة أو شرطة.. هو مستمسك بها لأنه مُستسلم لله، ويطيع الله، ويرجو ما عند الله. فهو يتمتع بالحرية الكاملة والاستقلالية المُكرمة تحت ظلال "راية الله"؛ ومن ثم الحياة والفاعلية والاستقامة والرشد.

والنظام المسلم لا يترك السلطة في يد شخص واحد مهما بلغ صلاحه، إنما يوزع السلطات، ويوزع الرقابة، ويُحقق الاستقلالية للمؤسسات، ويمنع أي انتفاع مادي أو معنوي من وراء "خدمة" الأمة المسلمة، ويطرد أولئك الذي يتطلعون إلى شرف أو مصلحة من وراء "مناصبهم" فيعتبرهم من الخائنين لأمانة الدين، وأمانة الأمة، ويُسقط شرعية الباطل والظلم، والفساد والعدوان، والاجتماع على غير الإسلام، والانتساب لغير الشرع.

وإنَّ ما يحصل يُنذر بالخراب ـ والعياذ بالله ـ ولو تمتع أئمة النفاق قليلاً إلى حين، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ. جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ[إبراهيم (28، 29)]

***

اللهم أَهلك طغاة هذه الأمة، اللهم اهتك سترهم، ومزق ملكهم، وأقصف أعمارهم، ورد ملكهم إلى حوزة الإسلام والمسلمين.. اللهم طَهر حرميك الشريفين، وحرمك الأقصى، وجزيرة حبيبك محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ من كل ظاعوت، وجبار، ومُفسد، وعنيد. اللهم عليك باليهود، ومن والاهم. اللهم آمـــــــين.