قائمة المدونة محتويات المدونة

13‏/10‏/2013

الفرق بين الثورة والمظاهرات

الثورة: مثل ثورة 25 يناير ( دعوة لرفض بلطجة الداخلية يوم 25 يناير، لاقت تجاوباً شعبياً مشحوناً بكبت سنوات طوال، وتجاوباً إسلامياً لنصرة الحق والمظلوم، مستعينة بمعنويات انتصار ثورة تونس وهروب بن علي، وسوء تقدير وزارة الداخلية، ورعونة جمال مبارك ) واجهت قوة غامشة في 28 يناير وتصدت لها بكل قوة، صاحب ذلك [ حرق جميع مقرات الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم - حرق أقسام الشرطة - انهيار أمن الدولة ] تفككت المنظومة الأمنية الأولى التي كانت ترهب الشعب، وانكسرت الداخلية.. فانفتح المجال للشعب .
  نزل الجيش "المنظومة الأمنية الثانية" ليحمي النظام من السقوط بعد انهيار الداخلية، وتولى مجلس مبارك العسكري الحكم من يوم 18 فبراير حتى يومنا هذا، وفرّغ الثورة من محتواها، وسرق 21 مليار جنيه من احتياطي النقد المصري، فيما يسمى "الفترة الانتقالية" ثم تحكّم في الانتخابات والقضاء، وتلاعب بالرئيس مرسي، وجعله رئيساً صورياً.. استغل فترة العام الذي حكمه مرسي في إساقط الشرعية الثورية والشعبية والإسلامية والدستورية، وصنع لنفسه ثورة وهمية اسمها 30 يونيو.. وإن كانت الثورة وهمية، فهو صنع له قاعدة شعبية حقيقية.


الشاهد في "انتفاضة 25 يناير" وهو التعبير الأدق: أنها (حرقت أقسام الشرطة، والحزب الحاكم، وأمن الدولة) أي فككت "المنظومة الأمنية الأولى" التي تواجهها إذ أنها واجهت بقوة في وجه قوته، وفي نفس الوقت كانت تتمدد في قاعدتها الشعبية والاعتصامات التي تملأ كل الميادين.. أي أن الثورة تفرض نفسها على الواقع.. وتواجه (بقوة) ذات ( قاعدة شعبية ).

لكن الثورة سلّمت نفسها للمنظومة الأمنية الثانية الأشد وحشية وهو الجيش.. وهو بنية النظام السياسي المصري كله بكل تفاصيله ومؤسساته وجزئياته.

وبالتالي فشلت الثورة في تحقيق أي من أهدافها.. وكل ما توهمت أنها حققت شيء من أهداف الثورة "كانت خدعة تتم بعد موافقة المنظومة الثانية الوحشية.. المجلس العسكري" وبقي الشيء الإيجابي الوحيد للثورة أنها كسرت حاجز الخوف، ورفعت وعي الشعوب.. وهذا شيء عظيم جداً بالنسبة لواقع السنن والمجتمعات.

2- المظاهرات: مهما بلغ عددها ولو كانت بالملايين، فالغرض منها إعلامي وسياسي.
الإعلامي: إعلام المجتمع والمؤسسات الإعلامية بالقضية التي يحملها المتظاهرون، إذا التظاهر معناه أنك تحمل رسالة توصلها للمجتمع والمؤسسات الإعلامية.
سياسي: وهو إيصال رسالة ( لنظام الدولة وحكومتها ) أن تستجيب لمطالب المتظاهرين، وتسألهم أن يلتفتوا لهم، أي المطالبة بإصلاحات ما.. ولكن بطبيعة الحال المظاهرات لا تُسقط نظام الدولة، قد تُغيير الحكومة لكن "بنية نظام الدولة" لا يتغير بالمظاهرات.

3- المسيرات: وهي كالسلاسل البشرية، والأفكار الابداعية في إيصال رسالة باختصار، وتخاطب الناس بقضيتهم، وهي بالطبع أقل تأثيراً من المظاهرات.. والغرض الرئيسي منها رفع الوعي المجتمعي بقضية ما.

* لإسقاط ( نظام دولة ) يجب معرفة عناصر القوة التي يتمتع بها قبل مواجهته، وفي الحالة المصرية تكمن القوة في :

[ قوة السلاح - قوة المال - قوة القضاء - قوة الإعلام - قوة القاعدة الشعبية ]

وهذه القوة مجتمعة تكون شبكة علاقات اجتماعية متحدة في النسب والتجارة والأعمال والمصالح المشتركة والمصيرية.. يتبعها قاعدة شعبية من البلهاء والرعاع.

بالطبع هذه الحالة لا تسقط بالمظاهرات والمسيرات لا سيما إذا أصبحت بمرور الوقت شيء يمكن التعايش معه والقبول به، ولا يُمثل تهديداً مباشراً !

وعليه فإن أعظم نجاح تحققه المظاهرات.. هو إسقاط الحكومة، والمشاركة في عملية سياسية بوجوه جديدة، لكن بالطبع داخل "نظام الدولة" وحول "إطار مؤسساتها" القائمة، و"بعقيدة" الدولة الحالية.

أما ( نظام الدولة ) لا يسقط إلا بغزو خارجي أو بالثورة عليه والتي تواجه كل هذه القوة بما يكافئها.. ولا بد لهذه الثورة من راية وعقيدة سياسية ومشروع دولة يعاكس ويناقض الوضع القائم، وتكون تلك العقيدة في حس الشعوب - أو على الأقل القوى الثورية - يقينية مصيرية.