قائمة المدونة محتويات المدونة

06‏/10‏/2013

لماذا انهزمنا ؟

{ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ }
سأل سائل لماذا لم ينصرنا الله وقد وقفنا - في رابعة وغيرها - ندعوه طوال الليل بين البكاء والصلاة ؟
الإجابة:
1- هناك فرق بين "النصر" و"التمكين" النصر هو انتصار العقيدة على الألم، والروح على المادة، ولهذا قال الله سبحانه عن أصحاب الأخدود الذين حرّقوا جميعاً: { ذلك الفوز الكبير }.

2- هل يمكن لأحد أن يظل يبكي طوال الليل يسأل الله تعالى الرزق...، ثم ينام بعدها، دون أن يسعى ويضرب في الأرض، ويعيش صاعب الحياة وتحدياتها..؟! مخطئ من يظن أن هذا الدين - لأنه دين الله - سينصره الله بطريقة سحرية غامضة الأسباب، دون جهاد وكد البشر.

3- التمكين، إنما يتحقق في الأرض عندما يستوفي المسلمين سننه وشروطه، وسنن الله لا تحابي أحداً ولو كان رسول الله.

4- من شروط التمكين وقوانينه:

أ- الراية: نحن لم نرفع راية الإسلام نقية، بل رفعنا "راية وطنية" باسم الوطن والشرعية، ومن يطلب نصراً من الله، فليرفع راية الله وحده بلا شريك.

ب - المجتمع: لا بد لراية الإسلام من مجتمع يرفع تلك الراية وحدها وينصرها وحدها، ويتمدد هذا المجتمع ليشمل كل الفئات، ويصبح كالجسد الواحد، ويتحرك ككتلة واحدة فلا افتراق ديني، ولا افتراق دنيوي.. بل مجتمع عقدي، يعرف دينه حق المعرفة، ويدرك عدوه حق الإدراك، ويستبين الجاهلية من حوله حق الاستبانة.

ج - الولاء والبراء: وبعد أن تُرفع الراية، ويتحقق لها المجتمع الرباني، فيصبح الولاء لراية الإسلام ومجتمعها، والبراء من أعداء الإسلام جميعهم.

د - إعداد القوة: كل قوة ممكنة يجب الإعداد لها كما قال تعالى: { واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ترهبون به عدو الله وعدوكم }.

هــ - الجهاد في سبيل الله وحده: وهذا هو وحده طريق التمكين لدولة الإسلام، وهذا هو ما ينفق فيه المسلم روحه وماله رخصياً لله..{ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة }.

5- من أسباب الهزيمة:

أ- عدم الأخذ بأسباب التمكين السابق ذكرها.

ب- إحسان الظن بالعدو: وهذا خطأ متكرر طوال تاريخ الحركة الإسلامية، ويا للعجب لا تتعلم منه مطلقاً !! وسببه خلل في ميزان العقيدة، وما لم يستقم ميزان العقيدة في قلب مسلم، فلن يستقيم له موقف، ولا فكر، ولا حياة. وهذا الخلل يتلخص في قضية "الشريعة والولاء والبراء".

ج - اللوثة العلمانية: رغم إخلاص المسلم في محاولة نصرة الإسلام، إلا أنه - في الغالب - متلوث بالمفاهيم العلمانية، فيتكلم عن الديمقراطية كأنها طريق الخلاص، ونسي أن شرط استخدام الديمقراطية هو "العمل داخل إطارها العلماني" وبالتالي يستحيل أن تكون هي الطريق لدولة الإسلام.

د - محاكاة الجاهلية: ولأن دولة الإسلام تقوم لتسحق الجاهلية، وتعيد للإنسان إنسانيته بتحريره من العبودية لغير الله، فالإسلام في صراع دائم وأبدي مع كل الجاهليات ومع كل الطواغيت.. فكيف لمن يداهن ويهادن الجاهلية في تصوراتها ومفاهيمها أن تقوم دولة الإسلام على يديه؟!

هـ - الغفلة: الغفلة عن طبيعة المعركة، وحقيقة الصراع، واستحقاق معركة التوحيد، الغفلة عن طبيعة الإسلام ودوره في حياة البشرية، والغفلة عن تاريخ هذا الدين. كانت الغفلة عن الرد الصحيح.. كان الحِلم في موطن الغضب لله وللمسلمين، كان العفو في موطن العقوبة، كان الرفق في موطن "واغلظ عليهم"، كان اللين في موطن الشدة، كانت المصالحة في موطن المفاصلة، كانت التوافقات في موطن وضوح الرايات، كانت المواءمات في موطن المحاسبات، قلنا لمن قال فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اقتلوهم ولو تعلّقوا باستار الكعبة، قلنا اذهبوا فأنتم الطلقاء ! قلنا لمن قال الله لنا فيهم: { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } سلمية.. سلمية !!

و - التهاون في الشريعة: مازال طرح قضية الشريعة ضعيفاً، موسمياً ! مهزوزاً.. الشريعة باختصار هي: حق الله على العبيد، وأصل أصول التوحيد، وشرط النهضة الوحيد. وفي هذا العصر الشريعة قضية الإسلام الأولى والرئيسية.

وسيصبح أهم درس تاريخي للحركة الإسلامية كلها في العالم أجمع هو أنه لا تمكين للحركة الإسلامية بقيادة الإخوان بدون "الجهاد في سبيل الله" برفع راية الله وحده، والتطهر من اللوثة العلمانية، وإعداد القوة لمواجهة الجاهلية.. فلم يذكر التاريخ ولا سنن الله أن "السلمية" أسقطت دولة الطغيان وأقامت دولة الإسلام، ولو كانت "السلمية" ناجعة فهيا نحرر الأقصى من دنس اليهود بتلك السلمية.. فهم أقل وحشية من طواغيت العرب.

ولا انتصار "للجهاد" بدون قدرات الإخوان ومميزاتها كانتشرها المجتمعي، وعمقها التاريخي، وترابطها القوي، وتنظيمها المحكم. الإسلام بحاجة لكليهما معاً ولن ينجح فيهما أحد منفرداً ! لن ينجح "الجهاد" بدون وجود قاعدة مجتمعية، وترابط قوي، وانتشر في كل فئات المجتمع. ولن ينجح "الإخوان" بدون الجهاد.. وإعداد القوة.