قائمة المدونة محتويات المدونة

01‏/01‏/2014

العقل الكبير

أمام الصمود الأسطوري للثوار بدأت عزيمة وقوة الشرطة تنهار، وسيتبعها لاحقاً - بإذن الله - أفراد الجيش. ولو أن هناك تنظيم وتنسيق لا ارتجالية وعفوية من قِبل الثوار لانهارت هذه المنظومة الوحشية منذ وقت طويل.
ولكن ليعلم الثوار جيداً أن هدفهم ليس هو رجال الشرطة أو أفراد الجيش.. بالطبع لا أقصد "أسطورة العسكري الغلبان" ولكن أقصد أنهم مجرد أدوات أمام العقل الكبير !
هذا العقل الكبير يرصد كل حركة وساكنة للثوار، والقيادات، والمؤيدين، والمعارضين، ولعل أهم ما لفت انتباهنا في حادثة تسريب مكالمات حركة ستة إبريل، ليس الخطير فيها هو سبوبة العمل السياسي، وتيه أسماء محفوظ، أو حركات ارتجالية علمانية يتلاعب بها أصغر ضابط مخابرات، ليست الخطورة في ذلك، وإنما الخطورة أنه وأثناء اقتحام مملكة أمن الدولة كانت تتم عملية تسجيل لجميع مكالمات النشطاء ( أثناء الاقتحام !! ) أي أن أمن الدولة تركهم يقتحمون ويعبثون وينتصرون برغبته وخطته وترتيبه، في الحالة التي يُفترض - وافترضنا فيها جميعاً - أنه في أشد حالات الهزيمة، فإذا بنا نجده يُسجل للجميع حتى اتفه المكالمات! كلها مسجلة صوت، ومُفرغة، ومُأرشفة، واستخدمها في الوقت المناسب، ليضغط بها على من يشاء !
هذا العقل الكبير - وإن كان يُسجل للنشطاء والمشاهير - فهناك عقل سيده الكبير الذي يتجسس لا على النشطاء فحسب بل يتجسس على الشعوب ذاتها ! فأمريكا تجسست على شعب مصر بمعدل 1.9 مليار مكالمة شهرياً !
هذا العقل الكبير لا يتحرك بعفوية أو ارتجالية أو نتيجة رد فعل، بل يضع الخطط الدقيقة، والبديلة، ويستعين بخبرات سيده الأكبر في رصد كل شيء. وتوقع كل شيء، ووضع خطة لكل حادثة.
فإذا حدث انهيار للشرطة أو الجيش، دفع بالخطة البديلة وأعد لها جيداً، وإذا حدث انتصار جزئي للثوار.. أعد خطة مناسبة وهيأ الجميع لها، وهذا العقل من الدهاء أن يقبل بالهزيمة الظاهرية والاعتراف بالذنب والخطأ. ويقنعك أنك الثائر الحر المنتصر الذي ستبني أمجاد الوطن، وتنعم بالكرامة والحرية.. ويُنتج لك مجموعة من الأغاني الجميلة التي تُلهب عواطفك.. بينما هو من يتحكم فيك من وراء ستار.
هذا العقل لا يَمل أبداً، فإذا انهارت قيادته أو فشلت بحث عن أسطورة جديدة، فهو على استعداد لاختراع "ضباط أحرار" جدد يُناسبون الحالة القائمة، ويعلنون أنفسهم حماة الوطن ومنقذي الثورة ! وسيجري الثوار ليحملونهم على الأعناق، ويهتفون باسمهم.. ثم في النهاية سيكون المال والسلاح في أيديهم ويحتكمون في كل شيء من خلف ستار!
أقول إن تدمير هذا العقل المدبر لكل حادثة في مصر هو الانتصار الحقيقي للثورة، وإن هذا العقل لا يتمثل في مجموعة من الأشخاص أو القيادات، بل متمثل في الأسرة الحاكمة العسكرية ورجال الاستعمار الأمريكي في مصر، وهي قادرة على احتواء المواقف سريعاً، والدفع بدماء جديدة بديلة عن التي انهارت أو فقدت صلاحيتها، ولديها من المرونة للعب مع الجميع وبالجميع.
ليعلم الثوار - في مصر - أن هدفهم ليس هو هزيمة أدوات الأسرة العسكرية في الشارع أو كف أذاها، ليعلموا أن هدفهم هو هدم مصنع الطواغيت والفراعنة، والقضاء على الأسرة المالكة العسكرية، ويمثل ذلك في:
* تحويل كل أموال الجيش - غير العسكرية - إلى خزينة الدولة ( وهي تمثل 40% من الاقتصاد المصري ) وتحويله إلى اقتصاد وطني حر ينتفع به عموم الشعب.
* القضاء على جميع قيادات الصف الأول والثاني في الجيش وتحويلهم للمحاكمة، وتجريدهم من كل امتيازات، والتحقيق مع جميع رؤساء الشركات القابضة من قيادات الجيش، ورد كل الأموال المسروقة.
* السيطرة المدنية الكاملة على إدارة قناة السويس، وتحويل كل إيراداتها إلى خزينة الدولة في شفافية كاملة معلنة للجميع.
* تغيير العقيدة القتالية للجيش، وتعريفه بعدوه الحقيقي، وتحويلها نحو الهوية الإسلامية الخالصة.
* بت أي علاقة بالجيش مع عدو مصر، وعدو البشرية.. أمريكا.
* عدم استقبال أي معونات عسكرية أو غيرها من أي دولة، خاصة أمريكا وأوربا.
* إلغاء التجنيد الإجباري، ورفع الكفاءة القتالية لضباط الجيش.
* وضع شروط جديدة للالتحاق بالكليات العسكرية، تتمثل في معايير حقيقية عادلة، والدفع بالعقول المبدعة إليها... إلخ.
هذه هي خطوة أولى على طريق التطهير والثورة وبقي خطوات أخرى كثيرة، فالحذر - أيها الثوار - أن تُخرج لكم تلك الأسرة العسكرية "سامري" جديد بعجل جديد تحملونه على الأعناق وتعتبرونه منقذ الثورة، ومنقذ مصر من الحرب الأهلية والهلاك، ويكون هو رجل المصالحة والوطنية !
إن سيناريوهات الاحتواء لا تحصى، والوعي بالقضية، والاستسلام لمنهج الله، وانضباط ميزان العقيدة؛ كفيل - بإذن الله - أن يضعنا على صراط الله المستقيم.
كُتب في 02/ 01 / 2014