قائمة المدونة محتويات المدونة

13‏/01‏/2014

أسباب اقتتال المجاهدين

أسباب اقتتال المجاهدين في سوريا، هي نفسها أمراض الأمة المستعصية:
1- التكفير: الغلو والإفراط، والتكفير بالجملة وبالعموم.. والخلط بين دعوة الأمة وبيان مظاهر الشرك والردة، وبين إجراء الأحكام على الأفراد ثم بعدها استحلال دمائهم وأموالهم.
2- الإرجاء: وهو التفريط وضياع الدين والشريعة.. والتماهي والتسارع إلى عدو الله وعدو المؤمنين، وضياع عقيدة الولاء والبراء. والتغافل عن الحالة التي وصلت إليها الأمة، وتمييع قضايا الدين والعقيدة.
* والتكفير والإرجاء من أخطر الأمراض التي تشل حركة الأمة أثناء محاولة إحيائها وانقاذها وإخراجها للناس من جديد.
3- خلط العقيدة بالسياسة: خلط العقيدة بالسياسة يحدث كوارث كبرى. العقيدة: هي المعتقد والإيمان الذي يجب أن يكون عليه كل مسلم من توحيد الله في الاعتقاد والتصور، والشعيرة والنسك، والحكم والتشريع، ورد الأمر كله لله وحده بلا شريك.. هذه عقيدة الأمة التي يجب أن تجتمع عليها، أما السياسة الإسلامية: فهي محاولة مجموعة من المسلمين إقامة الدين، ومحاولتهم هذه تخضع لضعف البشر وأهواء البشر وسلوك البشر، ويجب أن تبقى محاولتهم في إطار النظر والتجربة والتعلم والتحليل والتسديد والتقريب. ولكن - وغالباً ما يحدث - أن هذه "المحاولة" لإقامة الدين يجعلونها عقيدة من يرفضها أو ينحرف عنها فهو الكافر المجرم المرتد!! وهذا ما أحدث كوارث؛ لأن الناس - وهي في حالة شديدة من المرض والجهل - لم تعد تعرف ما هي العقيدة التي يجب التمسك بها في كل الأحوال، وما هي السياسة التي يمكن رفضها وتعديلها والنظر فيها.
أما السياسة فيجب ألا تختلط بالعقيدة فحسب، بل يجب أن تكون السياسة مولودة من العقيدة وفي خدمة العقيدة ومن أجل إقامة الشرع والدين، وأن تكون سياسة قادرة على استغلال المتاح في أقصى صورة، ووضع الخطط البديلة، والمستقبلية، سياسة يقظة لكل ما يحدث حاولها؛ حتى تتبع سنن الله في قيام الدول وميلاد المجتمعات.
4- الاختراقات الأمنية: وإذا كانت الدول الحليفة والصديقة والتي على ملة واحدة تتجسس على بعضها البعض، فما بالنا بأمة يترصد لها وبها الجميع، وقتالهم لنا ماض إلى يوم الدين كما أخبرنا الله تعالى. وإن الاختراقات الأمنية للفصائل والحركات هو أمر متوقع وطبيعي، ويجب التعامل معه على أنه أمر واقع يجب مواجهته ومنعه وتصميم مجتمع من ناحية البناء والعقيدة والفكر والمؤسسة لا يجد فيه الخائن مكاناً. يجب التعامل مع الاختراقات على أنها حقيقة، لا على أساس أن كل فصيل هو وحده الطائفة المنصورة، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ! يجب افتراض مساحة من النقص والخلل تُستدرك بالمراجعة المستمرة، ومجالس الشورى، والمحاكم الشرعية، والخطوط العريضة لمنهج الفصائل والحركات التي من كثرة بيانها وإعلامها يجب أن يعرفها كل الناس حتى الأطفال.
5- أمراء الحرب: هناك دوماً فئة من الناس خسيسة، تتاجر بالدماء والأشلاء.. تتاجر بالأحلام والآمال، هذه الفئة الخسيسة لا تعبد إلا المال، وتبيع نفسها لمن يدفع أكثر، وهي غالباً موجودة في كل مجتمع، وهي أيضاً من تكون وقود الفتنة عندما تُحرش وتُوقع بين هذا الطرف وذاك، ثم تتركهم يتقاتلون.. بينما هي مستفيدة من الجميع. وهذه الفئة يجب اجتثاثها من المجتمع، وعندما توفير مناخ آمن لها بالفرقة والشتات والانحراف عن صراط الله المستقيم سواء بالإفراط أو التفريط.


6-البغي: يقع الاختلاف والفرقة بسبب "الظلم والبغي" ظلم النفس لنفسها، وظلمها للآخرين، وظلمها في تقصيرها في النظر في آيات الله وسننه، وابتعادها عن إقامة الحق والعدل في صورته الربانية.. كل ذلك يؤدي إلى وقوع الاختلاف، بعدما جاءنا العلم.!
هناك من يقول أن ما يحدث في سوريا هي صحوات جديدة، وهناك من يقول إنها فتنة.. وأنا هنا أتحدث عن الأسباب التي أدت لذلك، والأمراض المتسببة في ضعف مناعة الأمة، فالأمر متكرر على مدار التاريخ لأن الأمراض هي هي، ولأن سنن الله لا تحابي أحداً، فعلينا معالجة الأمراض، واتباع سنن الله في قيام الدول وقوة المجتمعات.

إن أي عملية تغيير أو نهضة أو جهاد تتحول من العقيدة إلى الأيدولوجيا إلى التنظيم، وهذا يعني أن الشريعة لم تعد مرجعية نقية صافية صارمة ملزمة للجميع ، بل انتقلت إلى المصلحة ، وتعمل بموجب الحزب والتنظيم والجماعة. وبذلك فقد أقامت الفرقة والافتراق في الدين.
وإن أي عملية تغيير أو نهضة أو جهاد لا يتحول إلى مشروع أمة، ويبقى داخل حدود التنظيمات والكيانات والفصائل فقد كتب على نفسه ومشروعه الموت.. ولو بعد حين.


  كُتب في 13 / 01 / 2014