قائمة المدونة محتويات المدونة

30‏/11‏/2023

ما بعد طوفان الأقصى

يناقش هذا البحث بعض الدروس المستفادة من معركة "طوفان الأقصى"، ومحاولة تفسير الأحداث تفسيراً قرآنياً، والتأريخ لبعض مشاهدها، وما الذي يجب علينا فعله بعد هذه المعركة، وكيف يمكننا تحرير "بيت المقدس"؟ ومن الذي يحول بيننا وبينه؟

لتنزيل البحث نسخة PDF لطفاً.. (اضغط هنا).

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ ‌نُورًا مُبِينًا﴾ [النساء: 174] هذا النور المبين الذي جاء به خاتم المرسلين ـ عليه الصلاة والسلام ـ هو الذي به نبصر الحياة. وعندما نُعرض عنه نتخبط في الظلمات؛ حتى يتخذ الله من عباده الشهداء؛ فنعود نبصر بمداد الدم! ومن لم يُبصر بنور الوحي ولا مداد الدم فأولئك: ﴿‌خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾[البقرة:7]

ونور الوحي يقول:

في يهود: ﴿لَتَجِدَنَّ ‌أَشَدَّ ‌النَّاسِ ‌عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ [المائدة: 82]

وفي ولاية الكافرين بعضهم بعضاً: ﴿‌وَالَّذِينَ ‌كَفَرُوا ‌بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾ [الأنفال: 73]

وفي حرب الباطل: ﴿‌وَلَا ‌يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾ [البقرة: 217]

وفي طبيعة المعركة: ﴿لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ﴾ [الحشر: 14]

وفي إمهالهم، وحالهم: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ [آل عمران: 112]

وفي السلام الذي يَزعمون: ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ ‌أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [المائدة: 64]

وفي حالة الكفر البواح من "ولاية الكافرين المحاربين": ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ‌وَمَنْ ‌يَتَوَلَّهُمْ ‌مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة: 51]

وفي خذلانهم، وانهزامهم: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا﴾ [النساء: 52]

وفي المنافقين: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ ‌لِإِخْوَانِهِمُ ‌الَّذِينَ ‌كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا﴾ [الحشر: 11]

***

ويهدي هذا النور الأمة إلى الصراط المستقيم، فيقول تعالى:

ـ ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ‌جَاهِدِ ‌الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [التوبة: 73]

ـ ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا. وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ‌فَلَا ‌تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ‌وَلَا ‌تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ [النساء: 88-89]

ـ ﴿‌وَأَعِدُّوا ‌لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ [الأنفال: 60]

ـ ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ. ‌وَمَنْ ‌يَتَوَلَّ ‌اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [المائدة: 55-56]

وهذه الآيات تحقيقها في واقعنا لكفيل بتمكين الأمة المسلمة في الأرض، وبتمكين دين الله، فهي دعوة إلى جهاد الكفار والمنافقين، وإعداد كل قوة ممكنة لجهادهم، والبيان القاطع لجهة الولاية والنصرة.. وإنه ليس هناك من صديق ولا ولي ولا نصير لهذه الأمة إلا الله، ومن يؤمن بالله..

يقول للأمة وبكل وضوح: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا.. وحققوا هذا الإيمان في واقعهم بالتزام الشعائر والشرائع، وهم في حالة من التقوى، وبهذه الولاية تتحقق الغلبة للمؤمنين بإذن الله، وتتحقق معية الله، ونصره.

وما تنهزم الأمة في معركة إلا بإعراضها عن نور ربها؛ فلا تجاهد الكفار والمنافقين، أو تتهاون في إعداد القوة، أو تتولى غير الله ورسوله والذين آمنوا.

والأمة اليوم عاجزة عن نصرة أهلنا في غزة؛ لأنه يتسلط على حكمها أئمة النفاق، ولم تُعد العدة التي ترهب عدو الله وعدوها، ولم تتول الله ورسوله والذين آمنوا، وما زالت تستأذن المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، ومجلس الأمن ... إلخ.

***

لقد كانت معركة "طوفان الأقصى" ـ وما تلها من أحداث ـ مصداقاً لما جاء في كتاب الله؛ ثلة مؤمنة مُسلحة بسلاح الإيمان والتقوى، وأعدت ما استطاعت من قوة، هزمت وقهرت أعداء الله من يهود، وكسرت قوتهم الغاشمة.. فرأينا الصليبين يأتون من كل حدب وصوب لإنقاذ يهود، فهم جميعاً إخوة في الكفر، وبعضهم أولياء بعض، فاجتمعت (أمريكا وأوروبا) من أجل مد يهود بكل قوة ممكنة لقتال ثلة صغيرة من المجاهدين في بقعة صغيرة من الأرض! كأنهم يحاربون دولة عظمى، وتركت أمريكا "حرب أوكرانيا"؛ لأنها لا تمثل شيئاً أمام تعرض دولة يهود (مركز الإفساد في الأرض) لأي خطر مهما كان أثره، ودرجته!

وألقوا على قطاع غزة آلاف الأطنان من المتفجرات التي تعادل القنابل النووية! فهم أكثر من يدرك خطورة الوضع، ويعرفون أن سقوط بيت المقدس يعني تغيير النظام العالمي كله ـ كما سيأتي بيان ذلك ـ دعموا اليهود بجميع أنواع الدعم: العسكري، والسياسي، والدبلوماسي، والإعلامي، والاقتصادي، والاستخباراتي، والتقني، واللوجستي... إلخ.

وأخرجوا جميعاً أضغانهم على المستضعفين؛ فعمدوا إلى قتل الأطفال والنساء والجرحى، والتمثيل بجثث الموتى، وقصفوا جميع المستشفيات، وأطلقوا حرب إبادة، ومجازر جماعية، وجرائم يندى لها جبين الإنسانية كل ذلك على الهواء مباشرة على مرأى ومسمع من العالم أجمع؛ قاصدين القضاء على الإنسان المسلم، وعلى فكرة الجهاد والمقاومة من أساسها من خلال هذا السلوك.. لا نقول الوحشي، فالوحوش لا تفعل ذلك، وأرى أفضل وصمة أن نقول: "سلوك يهود"، فهذا قبح بحد ذاته، قال تعالى: ﴿‌لُعِنَ ‌الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ [المائدة: 78]. 

 وحتى كتبهم المقدسة تقول فيهم: ’’4 وَيْلٌ لِلأُمَّةِ الْخَاطِئَةِ، الشَّعْبِ الثَّقِيلِ الإِثْمِ، نَسْلِ فَاعِلِي الشَّرِّ، أَوْلاَدِ مُفْسِدِينَ! تَرَكُوا الرَّبَّ، اسْتَهَانُوا بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ، ارْتَدُّوا إِلَى وَرَاءٍ. 5 عَلَى مَ تُضْرَبُونَ بَعْدُ؟ تَزْدَادُونَ زَيَغَانًا! كُلُّ الرَّأْسِ مَرِيضٌ، وَكُلُّ الْقَلْبِ سَقِيمٌ. 6 مِنْ أَسْفَلِ الْقَدَمِ إِلَى الرَّأْسِ لَيْسَ فِيهِ صِحَّةٌ، بَلْ جُرْحٌ وَأَحْبَاطٌ وَضَرْبَةٌ طَرِيَّةٌ لَمْ تُعْصَرْ وَلَمْ تُعْصَبْ وَلَمْ تُلَيَّنْ بِالزَّيْتِ." [سفر إشعياء/1]

فالأحقاد والضغائن والبغضاء والغل والحسد والكفر والغرور.. يجعل الطبيعة اليهودية الصلدة ـ التي هي أقسى من الحجارة ـ تفعل أكثر من ذلك! ولم يستطع يهود النيل من المجاهدين؛ فأفرغوا حقدهم وكراهيتهم وإرهابهم واستكبارهم على الأطفال والنساء والعزل، فبلغ عدد الشهداء ـ بإذن الله ـ أكثر من 15,000 إنسان، 70% منهم من النساء والأطفال!! وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وتفاجأ من كان يُخدع في أباطيل: (القانون الدولي، والمجتمع الدولي، والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وحقوق الإنسان، والأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والهيئات الدولية...إلخ) فعندما حانت "ساعة الجد" سقطت كل هذه الأباطيل، حتى حرية التعبير التي صدعوا العالم بها، منعوها عندهم بكل قوتهم ـ وإن تمسكت بها بعض الشعوب الحرة ـ ففُصل من عمله من أبدى أدنى تعاطف مع أهل عزة! وقمعوا بعض المظاهرات التي خرجت في أوروبا وأمريكا ضد هذا العدوان اليهودي.

عندما حانت "ساعة الجد" انحاز كل فريق لقومه.. فانحازت أمريكا دون حتى محاولة تجميلية تبقى لخداع شعوب الأمة المسلمة؛ فكان التأييد المطلق الأعمى، الذي جعل بعض الأمريكيين يستفيقون كذلك من حالة الدجل والكذب والغفلة والخداع التي يعيشون فيها، حيث تستعبد عقولهم هذه الحكومات، ولعل الغطرسة والغرور والصلف والاستكبار اليهودي يجعل بعض جماهير العالم الغربي تستفيق على حقيقة يهود، ولكن في كل الأحوال لا نُعول على أحد أبداً، ولا ننتظر نصرة ولا دعماً من أحد، كما نكرر: ﴿‌إِنَّمَا ‌وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ [المائدة: 55]

وإلى وقت قريب كان يظن بعض السذج من المسلمين في الحزب الديمقراطي خيراً، وأنه أفضل من الحزب الجمهوري.. سفهاً من عند أنفسهم! وقد رأوا أكاذيب الديمقراطية.. ولا ننسى ذهاب بعض قيادات الإخوان المصرية لعرض مظلمتهم على الكونجرس الأمريكي، وإدخال نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي لاعتصام رابعة لإثبات "سلمية الإخوان"! ورئاسة المفوضية الحالية داعمة بشكل مطلق الإبادة الجماعية لأهل غزة وإدانة حماس، ولا غرابة في ذلك ـ فهكذا قال القرآن ـ والمستفز بالنسبة لي أن يحاولوا خداع المسلمين ببعض التصرفات التجميلية؛ لصرف المسلمين عن حقيقة المعركة، وطبيعة الصراع، وشلّ حركتهم الفعالة، وصرفهم إلى الأماني الكاذبة والأوهام البعيدة.

بل إن الديمقراطية الغربية (والعقيدة السياسية الغربية على حد تعبير رئيس وزراء ألمانيا) تجعل الدفاع عن يهود في بيت المقدس أحد أسس هذه الديمقراطية، وستصبح أحد شروط الحصول على الإقامة والجنسية عندهم! فجهاد يهود يجعلك غير ديمقراطي مهما كنت مرضياً من شعبك، عادلاً مقسطاً فيهم.

ولهذا يعتبرون دولة يهود: "الدولة الوحيدة الديمقراطية في الشرق الأوسط" ودعمها هو دعم للمشروع الديمقراطي، والسلام الذي يعني "إسرائيل الكبرى" واستعباد الشعوب العربية والإسلامية دون أدنى مقاومة أو اعتراض.

جهاد يهود يجعلك إرهابياً بالموازين الغربية، ومحاولة نقد يهود ـ ولو ناصحاً أميناً لهم ـ يجعلك "معادياً للسامية" وبتهمة الإرهاب ومعاداة السامية.. يحاول يهود إسكات العالم كله عن جرائمهم، وإدمانهم لحالة "الإفساد في الأرض"؛ فهم لا يفسدون في بيت المقدس فحسب، بل يُفسدون في كل مكان يمكن أن تصل إليه أيديهم، قال تعالى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ ‌لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾ [الإسراء: 4] ومن ضمن إفسادهم إبقاء حالة السكر والغفلة لدى الشعوب؛ حتى لا تنتبه لجرائمهم، وإفسادهم الذين يملأ الأرض ـ والعياذ بالله ـ واستفحل هذا الفساد (خاصة إفساد الناس بالفقر من خلال الربا والتغول، وإفسادهم بالإباحية والانحلال وصناعة الجنس، وتطبيع الشذوذ وعولمته، وتدمير الأخلاق، وإشعال نيران الصراعات في كل مكان، ومحاولة سحق أي محاولة للبعث الإسلامي، والوصول إلى مراكز صنع القرار في كل مكان، وتمكين المنافقين من حكم بلاد المسلمين إذ لم يكونوا قد وصلوا بالفعل للحكم فيها من خلال جواسيسهم)، وانحط العالم؛ لأن الأمة المسلمة لم تقم بعد برسالتها، ولم تنهض للجهاد في سبيل الله، وإتمام البلاغ المبين لدين الله.

ومن أهم الدروس التي يجب أن نتعلّمها ونتشرّبها وتحدد موازين عقولنا، هي ما قاله تعالى إن الذين كفروا بعضهم أولياء بعض، وإنه ليس لهذه الأمة ولي غير الله ورسوله والذين آمنوا.. أي محاولة للبحث عن ولاية غير هذه الولاية، فإنها ستؤدي حتماً إلى هزائم، وانكسارات، وضياع للفرص، وتأخير للنصر.

***

والعلمانية (اليسارية) تعتبر تحرير بيت المقدس مجرد قضية "فصل عنصري"، و"تحرير أرض وصراع احتلال قائم بين محتل ومغتصب أرضه" أو صراع على النفوذ، أو مشكلة دولية.. دون أدنى ذكر لله، ويتعمدون إضفاء صورة علمانية خالصة على هذه المعارك، معتبرين كَون الحركة الصهيونية حركة علمانية احتلالية، فالمعارك معها ليس لها علاقة بالدين! ولا دخل للدين فيها، بينما اليهود ـ المتدين منهم على منهج التلمود والتوراة المُحرّفة ـ أو العلماني منهم على منهج الصهيونية ـ جميعهم يتحدث عن اليهود (كدين، وقومية، ووطن خالص لليهود) ووصمهم القرآن بأن أكثريتهم فاسقون، وأنهم يُحرفون الدين، وأنهم كافرون مشركون، خائنون، غادرون، قتلة الأنبياء، عابدون للطاغوت، وأنهم أباطرة الربا، عُباد الحياة الدنيا، وعُباد المال، وأئمة الإفساد في الأرض على كل صعيد. فاليهودية والصهيونية وجه واحد لملة واحدة، ولا شك في أن هناك قلة تؤثر السلامة، وتعدل في قولها.. وهذه لا تُؤثر في شيء، ولا يترتب على موقفها شيء، وهذه القلة لو اعترضت على الخطة اليهودية، والخطة الصهيونية فهي معرضة للاعتقال والاغتيال.

كما لا يخفى محاولة تبرئة يهود من هذه الجرائم كلها بزعم أن كل ذلك فعلته الحركة الصهيونية وحدها، وأما عموم اليهود فهم براء من كل هذه الجرائم! بينما العكس هو الصحيح. ولا فرق بين اليهودية والصهيونية؛ وتنص كتبهم المقدسة على ارتكاب أفظع الجرائم، وإبادة كل شيء؛ فما يفعلونه الآن هو اتباع لكتبهم المُحرّفة. فانظر مثلاً إلى ما تقوله كتبهم المقدسة: سفر التثنية:’’10 حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِتُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا لِلصُّلحِ 11 فَإنْ أَجَابَتْكَ إِلى الصُّلحِ وَفَتَحَتْ لكَ فَكُلُّ الشَّعْبِ المَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لكَ. 12 وَإنْ لمْ تُسَالِمْكَ بَل عَمِلتْ مَعَكَ حَرْباً فَحَاصِرْهَا. 13 وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14 وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي المَدِينَةِ كُلُّ غَنِيمَتِهَا فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ التِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 15 هَكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ المُدُنِ البَعِيدَةِ مِنْكَ جِدّاً التِي ليْسَتْ مِنْ مُدُنِ هَؤُلاءِ الأُمَمِ هُنَا. 16 وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا 17 بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيماً: الحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ 18‘‘، تُحرّمها تحريماً يعني الإبادة التامة الجماعية.

 وفي صموئيل الأول: ’’3 فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جَمَلاً وَحِمَاراً»، وفي سفر إشعياء: "كُلُّ مَنْ وُجِدَ يُطْعَنُ وَكُلُّ مَنِ انْحَاشَ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. 16 وَتُحَطَّمُ (تُمزَّق) أَطْفَالُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ وَتُنْهَبُ بُيُوتُهُمْ وَتُفْضَحُ (تُغتَصَب) نِسَاؤُهُمْ. 17 هَئَنَذَا أُهَيِّجُ عَلَيْهِمِ الْمَادِيِّينَ الَّذِينَ لاَ يَعْتَدُّونَ بِالْفِضَّةِ وَلاَ يُسَرُّونَ بِالذَّهَبِ 18 فَتُحَطِّمُ الْقِسِيُّ الْفِتْيَانَ ولاَ يَرْحَمُونَ ثَمَرَةَ الْبَطْنِ. لاَ تُشْفِقُ عُيُونُهُمْ عَلَى الأوْلاَدِ. 19‘‘ وفي سفر يشوع: "وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُل وَامْرَأَةٍ، مِنْ طِفْل وَشَيْخٍ، حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ." (يش 6: 21).

والنصوص عندهم مستفيضة في ذلك! فقتل كل مسلم وعربي ـ طفلاً كان أو شيخاً، رجلاً أو امرأة مسلحاً أو أعزلاً ـ هو واجب ديني مقدس ليهود، وضرورة للعودة إلى أرض الآباء.. لبناء هيكل الرب على أنقاض المسجد الأقصى، أو خدمة أهداف احتلالية للنظام الدولي، لا فرق.. فمن يحتاج منهم إلى "مرجعية دينية" فالتلمود وكتبهم المقدسة المحرّفة مليئة بالكفر والفجور والعدوان والعصيان، ومن يحتاج إلى "مرجعية علمانية" فالنظام الدولي يدعمهم دعماً لا محدود. [انظر: الصهيونية في التوراة]

وحتى لفظ "صهيون" نفسه، لفظ ديني مذكور في كتبهم المقدسة حوالي مائة وسبعين مرة، فمثلاً في سفر المزامير: "رَنِّمُوا لِلرَّبِّ السَّاكِنِ فِي صِهْيَوْنَ، أَخْبِرُوا بَيْنَ الشُّعُوبِ بِأَفْعَالِهِ." (مز 9: 11) "«أَمَّا أَنَا فَقَدْ مَسَحْتُ مَلِكِي عَلَى صِهْيَوْنَ جَبَلِ قُدْسِي»." (مز 2: 6)، "لَيْتَ مِنْ صِهْيَوْنَ خَلاَصَ إِسْرَائِيلَ. عِنْدَ رَدِّ الرَّبِّ سَبْيَ شَعْبِهِ، يَهْتِفُ يَعْقُوبُ، وَيَفْرَحُ إِسْرَائِيلُ." (مز 14: 7). "لِيُرْسِلْ لَكَ عَوْنًا مِنْ قُدْسِهِ، وَمِنْ صِهْيَوْنَ لِيَعْضُدْكَ." (مز 20: 2). "لأَنَّ اللهَ يُخَلِّصُ صِهْيَوْنَ وَيَبْنِي مُدُنَ يَهُوذَا، فَيَسْكُنُونَ هُنَاكَ وَيَرِثُونَهَا." (مز 69: 35). "إِذَا بَنَى الرَّبُّ صِهْيَوْنَ يُرَى بِمَجْدِهِ." (مز 102: 16). "يُرْسِلُ الرَّبُّ قَضِيبَ عِزِّكَ مِنْ صِهْيَوْنَ. تَسَلَّطْ فِي وَسَطِ أَعْدَائِكَ... الرَّبُّ عَنْ يَمِينِكَ يُحَطِّمُ فِي يَوْمِ رِجْزِهِ مُلُوكًا... يَدِينُ بَيْنَ الأُمَمِ. مَلأَ جُثَثًا أَرْضًا وَاسِعَةً. سَحَقَ رُؤُوسَهَا. مِنَ النَّهْرِ يَشْرَبُ فِي الطَّرِيقِ، لِذلِكَ يَرْفَعُ الرَّأْسَ." (مز 110: 2، 5، 6، 7). "فَلْيَخْزَ وَلْيَرْتَدَّ إِلَى الْوَرَاءِ كُلُّ مُبْغِضِي صِهْيَوْنَ." (مز 129: 5) "وَهكَذَا فِي صِهْيُونَ تَرَسَّخْتُ، وَجَعَلَ لِي مَقَرًّا فِي الْمَدِينَةِ الْمَحْبُوبَةِ، وَسَلْطَنَتِي هِيَ فِي أُورُشَلِيمَ." (سي 24: 15) "لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَ صِهْيَوْنَ. اشْتَهَاهَا مَسْكَنًا لَهُ:" (مز 132: 13)

"فَبِمَاذَا يُجَابُ رُسُلُ الأُمَمِ؟ إِنَّ الرَّبَّ أَسَّسَ صِهْيَوْنَ، وَبِهَا يَحْتَمِي بَائِسُو شَعْبِهِ." (إش 14: 32)، "هكَذَا يَكُونُ جُمْهُورُ كُلِّ الأُمَمِ الْمُتَجَنِّدِينَ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ." (إش 29: 8) "اِسْتَيْقِظِي، اسْتَيْقِظِي! الْبَسِي عِزَّكِ يَا صِهْيَوْنُ! الْبَسِي ثِيَابَ جَمَالِكِ يَا أُورُشَلِيمُ، الْمَدِينَةُ الْمُقَدَّسَةُ، لأَنَّهُ لاَ يَعُودُ يَدْخُلُكِ فِي مَا بَعْدُ أَغْلَفُ وَلاَ نَجِسٌ." (إش 52: 1)، "«وَبَنُو الَّذِينَ قَهَرُوكِ يَسِيرُونَ إِلَيْكِ خَاضِعِينَ، وَكُلُّ الَّذِينَ أَهَانُوكِ يَسْجُدُونَ لَدَى بَاطِنِ قَدَمَيْكِ، وَيَدْعُونَكِ: مَدِينَةَ الرَّبِّ، «صِهْيَوْنَ قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ." (إش 60: 14)، "اِضْرِبُوا بِالْبُوقِ فِي صِهْيَوْنَ. صَوِّتُوا فِي جَبَلِ قُدْسِي! لِيَرْتَعِدْ جَمِيعُ سُكَّانِ الأَرْضِ لأَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ قَادِمٌ، لأَنَّهُ قَرِيبٌ:" (يوء 2: 1) "« وَأَمَّا جَبَلُ صِهْيَوْنَ فَتَكُونُ عَلَيْهِ نَجَاةٌ، وَيَكُونُ مُقَدَّسًا، وَيَرِثُ بَيْتُ يَعْقُوبَ مَوَارِيثَهُمْ." (عو 1: 17) "«قُومِي وَدُوسِي يَا بِنْتَ صِهْيَوْنَ، لأَنِّي أَجْعَلُ قَرْنَكِ حَدِيدًا، وَأَظْلاَفَكِ أَجْعَلُهَا نُحَاسًا، فَتَسْحَقِينَ شُعُوبًا كَثِيرِينَ، وَأُحَرِّمُ غَنِيمَتَهُمْ لِلرَّبِّ، وَثَرْوَتَهُمْ لِسَيِّدِ كُلِّ الأَرْضِ»." (مي 4: 13)

وهذا تصور اليهود عن العالم أجمع، والذي تسعى إلى تحقيقه بكل عزيمة وتمكر ليل نهار من أجله؛ فجاء في سفر إشعياء: ’’وَقَالَتْ صِهْيَوْنُ: «14 قَدْ تَرَكَنِي الرَّبُّ، وَسَيِّدِي نَسِيَنِي». 15 «هَلْ تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا؟ حَتَّى هؤُلاَءِ يَنْسَيْنَ، وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ. 16 هُوَذَا عَلَى كَفَّيَّ نَقَشْتُكِ. أَسْوَارُكِ أَمَامِي دَائِمًا.17 قَدْ أَسْرَعَ بَنُوكِ. هَادِمُوكِ وَمُخْرِبُوكِ مِنْكِ يَخْرُجُونَ.18 اِرْفَعِي عَيْنَيْكِ حَوَالَيْكِ وَانْظُرِي. كُلُّهُمْ قَدِ اجْتَمَعُوا، أَتَوْا إِلَيْكِ. حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ، إِنَّكِ تَلْبَسِينَ كُلَّهُمْ كَحُلِيٍّ، وَتَتَنَطَّقِينَ بِهِمْ كَعَرُوسٍ. 19 إِنَّ خِرَبَكِ وَبَرَارِيَّكِ وَأَرْضَ خَرَابِكِ، إِنَّكِ تَكُونِينَ الآنَ ضَيِّقَةً عَلَى السُّكَّانِ، وَيَتَبَاعَدُ مُبْتَلِعُوكِ. 20 يَقُولُ أَيْضًا فِي أُذُنَيْكِ بَنُو ثُكْلِكِ: ضَيِّقٌ عَلَيَّ الْمَكَانُ. وَسِّعِي لِي لأَسْكُنَ. 21 فَتَقُولِينَ فِي قَلْبِكِ: مَنْ وَلَدَ لِي هؤُلاَءِ وَأَنَا ثَكْلَى، وَعَاقِرٌ مَنْفِيَّةٌ وَمَطْرُودَةٌ؟ وَهؤُلاَءِ مَنْ رَبَّاهُمْ؟ هأَنَذَا كُنْتُ مَتْرُوكَةً وَحْدِي. هؤُلاَءِ أَيْنَ كَانُوا؟»

22 هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: «هَا إِنِّي أَرْفَعُ إِلَى الأُمَمِ يَدِي وَإِلَى الشُّعُوبِ أُقِيمُ رَايَتِي، فَيَأْتُونَ بِأَوْلاَدِكِ فِي الأَحْضَانِ، وَبَنَاتُكِ عَلَى الأَكْتَافِ يُحْمَلْنَ. 23 وَيَكُونُ الْمُلُوكُ حَاضِنِيكِ وَسَيِّدَاتُهُمْ مُرْضِعَاتِكِ. بِالْوُجُوهِ إِلَى الأَرْضِ يَسْجُدُونَ لَكِ، وَيَلْحَسُونَ غُبَارَ رِجْلَيْكِ، فَتَعْلَمِينَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الَّذِي لاَ يَخْزَى مُنْتَظِرُوهُ».

24 هَلْ تُسْلَبُ مِنَ الْجَبَّارِ غَنِيمَةٌ؟ وَهَلْ يُفْلِتُ سَبْيُ الْمَنْصُورِ؟ 25 فَإِنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «حَتَّى سَبْيُ الْجَبَّارِ يُسْلَبُ، وَغَنِيمَةُ الْعَاتِي تُفْلِتُ. وَأَنَا أُخَاصِمُ مُخَاصِمَكِ وَأُخَلِّصُ أَوْلاَدَكِ، 26 وَأُطْعِمُ ظَالِمِيكِ لَحْمَ أَنْفُسِهِمْ، وَيَسْكَرُونَ بِدَمِهِمْ كَمَا مِنْ سُلاَفٍ، فَيَعْلَمُ كُلُّ بَشَرٍ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ مُخَلِّصُكِ، وَفَادِيكِ عَزِيزُ يَعْقُوبَ».‘‘ [سفر إشعياء/ 49]

فلتعلم كل الأنظمة العربية الخائنة المنافقة ـ بملوكها ورؤسائها وقادتها ـ وقادة العالم الذين يدعمونها.. أنهم (في نظر اليهود والصهيونية) مجرد عبيد يلحسون غبار رِجْل صهيون، وهم لها ساجدون. كما تنص كتبهم المقدسة! وقد وعد رئيس وزراء يهود بتحقيق نبوءة إشعياء.

وأمام هذه النصوص.. لو كانت هذه الأنظمة المنافقة تخاف على أنفسها وعروشها وحياتها الدنيا لكان من المفترض أن تصطف إلى جانب الأمة، وجهادها، ﴿‌وَلَكِنَّ ‌الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ﴾ ﴿‌وَلَكِنَّ ‌الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [المنافقون: 7، 8] و﴿فِي طُغْيَانِهِمْ ‌يَعْمَهُونَ﴾ [البقرة: 15]

فإفساد يهود في الأرض سواء أكان بمرجعية دينية ـ وكتبهم المقدسة مليئة بالفسوق والكفر والتوحش والإباحية والانحلال وزنا المحارم والكبر والغرور واستعباد الأرض كلها ـ أو كان عبادة للطاغوت والحياة الدنيا، فهو واقع في كل الأحوال، ولا يردعهم دين، ولا نص، ولا كتاب، ويؤمنون ببعضه على هواهم ويكفرون بالحق الذي فيه على هواهم، وما يؤمنون به على استعداد لنبذه أيضاً إذا وقف في طريق طغيانهم، ولا يبقى لهم إلا صوراً وأشكالاً يخدعون بها أنفسهم!! يعاونهم ويشاركهم ويساعدهم ويباركهم في هذا الإفساد الصليبيون الذي يشاركون اليهود رؤيتهم، ويؤمنون بكتبهم، سواء أكانوا من اليمين أو اليسار، سواء أكانوا متدينين أو علمانيين ملحدين.

ولا شك في أن دخول اليسار على هذه القضية لا يزيدها إلا ضعفاً وفشلاً، وملهاة كبرى عن العمل الجاد، وتخدير عن الوعي واليقظة، وتيه عن الطريق الراشد. والتفرقة بين اليهود والصهيونية هو توجه اليسار بكل أطيافه، ودعمه التوجه العلماني بعمومه، وفرح به يهود، واليسار يريد تفسير الحياة والوجود تفسيراً مادياً اقتصادياً، وصراعاً مع الإمبريالية وفق رؤية مادية خالصة، ذكر الله فيها يعتبر مجرد "رطانة دينية ورجعية"!

ولا بد للمسلم أن تكون كل موازينه قرآنية خالصة، وتكون كل حركته باسم الله، ابتغاء مرضاة الله.. حتى ولو كانت تحرير أرض أو تدافع مع باطل، فإذا كانت هذه الأرض هي "بيت المقدس" فلا بد إذن من فهم هذا التدافع من منظوره القرآني الخالص، وبالعموم فالجهاد ـ والمقاومة ـ وكل نشاط؛ يجب أن يكون في سبيل الله؛ لتكون كلمة الله هي العليا. [راجع: اليسار الناعم]

***

وبيان حال يهود والذين كفروا (وشرعية قتالهم) يبدو سهلاً؛ نظراً لجرائم يهود وحروب الغرب المستمرة على المسلمين، وشرعية جهادهم لا تحتاج إلى كبير جهد، اللهم إلا مواجهة بعض المُخذلين والمرجفين والعلمانيين الذين يريدون أن ينزعوا عن المسلمين أهم سلاح لهم وهو "سلاح الإيمان والتقوى"؛ لتكون المعركة مجرد "تحرير قطعة أرض فحسب" أو "محاربة الفصل العنصري" أو "العمل على حل الدولتين" ـ ولم يعد هناك من أرض لحل الدولتين، ولا عاصمة!... إلخ ـ ولا دخل للدين في ذلك الصراع أبداً، ويَجهدون غاية جهدهم في التأكيد على ذلك!

وأما الذي يحتاج إلى بيان كبير، وجهاد عظيم، هو بيان حال "المنافقين" من بني جلدتنا المتسلطين على حكم المسلمين، الواقعين في كل صور "الكفر البواح"، وقد كان طوفان الأقصى فرصة لبيان طبيعة هذه الأنظمة.

فقطاع غزة أصبح بجريمة حصار النظام المصري له عبارة عن "سجن كبير" مفتوح، اشتد هذا الحصار عندما نجحت حركة حماس في انتخابات ديمقراطية عام 2006، فقالوا لها: طالما جاءت الديمقراطية بكم، فلتذهبوا أنتم والديمقراطية إلى الجحيم! فقاعدة الديمقراطية الأولى وشرطها الأساس (أن تأتي حكومات موالية للغرب)! وأصرت قيادات "حركة فتح" (شرطي المحتل اليهودي على الشعب الفلسطيني) على حرب "حماس" بتسليح ودعم أمريكي ومساعدة يهود، فقاتلتهم حركة حماس وطردتهم من القطاع، فوجود حركة تجسس علمانية مثل "فتح" تجعل من المستحيل على حركة مثل "حماس" أن تُعد أي قوة لجهاد يهود، فهي أشد خطراً من يهود أنفسهم..

والشعب المسلم بطبيعته ينظر إلى يهود (والمحتل الأجنبي عموماً) نظرة استنكار وتبرأ؛ والتعاون معه خيانة لا تحتاج إلى دليل أو بيان، بينما عندما تأتي الحرب والخيانة من بني جلدتك ويتكلم بلسانك.. هنا يضيع المسلمون في كيفية التعامل معهم، ويختلفون، ويتفرقون حول الصورة الصحيحة لمواجهة الخونة من بني جلدتنا، بعكس المحتل واضح العداء واضح الراية..

فمثلاً: عند عامة المسلمين.. قتال "كوهين" اليهودي المجرم المعتدي، أسهل (من ناحية الشرعية) بكثير جداً من قتال "محمود" المنافق المجرم الخائن المعتدي العميل لكوهين.. وللأسف لا نبذل كثيراً من الجهد في بيان خطورة "محمود" هذا، والموقف الشرعي والسياسي منه. [انظر: بحث الفئة الباغية]

وكان هذا أخوف ما يخافه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أمته، فقال ـ عليه السلام: "لَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي إِلَّا الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ" [مسند الإمام أحمد/ 27593]، وعَن "حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلى اللهُ عَليه وَسَلم ـ عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ، قَالَ: نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ، قَالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ، قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ، قَالَ: نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، فَقَالَ: هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ، قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ، قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ " [صحيح البخاري/ 3606]

إذن، فحركة حماس وصلت إلى حكم غزة بالرضى الشعبي، ثم بقوة سلاحها.. وبعد ذلك استطاعت بفضل الله أن تُصنّع ـ وهي في سجن كبير ـ أسلحة محلية لم تستطع الجيوش العربية الكرتونية عمل مثلها، وهي ليست عاجزة، بل هي لا تفكر في ذلك ابتداء؛ لأنها جيوش من أجل حماية أئمة النفاق، واستعباد الشعوب!

وما أن وصلت الحركة إلى حكم غزة في عام 2007 إلا وأطبق النظام المصري بقيادة الهالك "حسني مبارك" (كنز إسرائيل الاستراتيجي، على حد تعبيرهم) الحصار على غزة، وإن كان أكثر تساهلاً في عملية استخدام الأنفاق مقارنة بالجاسوس الحالي، وما أن جاء الجاسوس الذي حكم مصر حتى زاد وأمعن فيه إلى أقصى درجة ممكنة، ودمر كل الأنفاق بين غزة وسيناء وأغرقها بالمياه، بل وعمل على تفريغ رفح المصرية من سكانها، وتهجير أهلها؛ لزيادة الانكشاف الأرضي، وجعلها أرضاً ميتة لصالح يهود. [انظر: هل تنتظر مصر موافقة الاحتلال لفتح معبر رفح؟]

ولما بكى الأطفال، وصرخت النساء، وانكسر الشيوخ، وتألم الجرحى، وتلوى الجوعى، وبلغت القلوب الحناجر.. تستغيث غزة بالمسلمين، وبجوار العرب المسلمين.. وتنهال المساعدات من كل حدب وصوب؛ لتهبط في مطار العريش على بعد بضع خطوات من غزة، وينتفض المسلمون في كل مكان، بـ (التظاهرات، والتبرعات، والدعاء، والمشاركة الإعلامية، والمقاطعة) حتى بلغ حشود بعض المظاهرات الملايين.. وبعد كل ذلك عجزت أمة مسلمة تعداد سكانها يبلغ 2 مليار مسلم عن إدخال "شربة ماء" إلى المستضعفين في غزة، عجزت مثل هذه الأمة عن نصرة طفل واحد يتألم ولا يجد الدواء، ولا الطبيب، ولا المستشفى! بعدما قصف يهود بطائراتهم كل شيء! وهذه هي عادتهم وديدنهم وطريقتهم في الإبادة الجماعية للمسلمين منذ وطئت أقدامهم أرض فلسطين، فهم في موازينهم ليسوا بشراً بل حيوانات (كما قال قيادات يهود، وكما يقول التلمود) ساعدهم في ذلك منذ نشأتها بريطانيا وأمريكا والاتحاد السوفيتي والأمم المتحدة، وباركوا وشاركوا في كل جرائمهم عبر التاريخ كله.

أطبق النظام المصري حصاره على غزة، ورفض فتح المعبر الوحيد مع غزة (دون إذن يهود)؛ فالذي يُدير المعبر هو "يهود" وعميلهم في مصر، فعذراً يا أهل غزة نحن مثلكم محاصرون! وبعد الضغط الدولي، ومحاولة تجميل صورة المجتمع الدولي سمحت دولة يهود بإدخال ما تشاء من مساعدات بعد تفتيشها تفتيشاً دقيقاً لكل ما يدخل، فهي التي تحدد الكمية التي تدخل، ونوعية ما يدخل، والتوقيت الذي تدخل فيه!! وبعد، فهذه هي فقط مساعدات إنسانية: (غذاء، ماء، دواء، أكفان) بعدما قطع يهود كل شيء عن غزة! ثم فُتح المعبر ودخلت المساعدات الإنسانية بعدما كسرت المقاومة الاجتياح البري ليهود وأذاقتهم الويلات، فكان فتح المعبر ثمرة جهادهم. وسطّر ـ بفضل الله ـ مجاهدو القسام في معركة طوفان الأقصى أروع البطولات، وعجائب لو لم نرها بأعيننا لقلنا إنها أساطير وبطولات خيالية، لكنها بالفعل هي الواقع.. ولا عجب فالذي يحب أن يلقى الله شهيداً يفعل أكثر من ذلك!

وبطبيعة خيانة هذه الأنظمة لا يفكر أحد ابتداء في "المساعدات العسكرية" لأهل غزة، فالنصرة الحقيقية والطبيعية هي منع القتل ابتداء؛ بالتسليح العسكري، والمساعدات الإنسانية هذه مسألة بديهية تابعة، فليس من المعقول أن نرسل لطفل مسلم طعاماً ودواءً لنقول له: تناول طعامك قبل أن تقصفك طائرات يهود؛ فلا تموت وأنت جائع! [انظر: غثاء السيل]

لقد قالها بكل وضوح رئيس وزراء يهود: ’’ نحن نخوض حرب الإنسانية ضد البربرية، وأصدقاؤنا في الدول العربية والعالم يعرفون أننا إن لم ننتصر سيأتي دورهم‘‘ فسقوط دولة يهود، يعني سقوط الأنظمة العربية، وهذا أصدق ما قاله، فالأنظمة العربية ترغب في القضاء على الجهاد في فلسطين ـ وأي فكرة للمقاومة ـ أكثر وأشد من اليهود أنفسهم. هذا ورؤية الأنظمة العربية لحل "المشكلة الفلسطينية" ـ بزعمهم ـ أن يكون أهل فلسطين مجرد خدم، وعمالة رخيصة ليهود، منزوعة السلاح، وليهود السيادة العليا في كل شيء!

 ويلخص قوله لماذا يحاصر النظام المصري أهلنا في غزة؟! وهذا الحصار يعتبر "عملاً حربياً عدائياً" بالمقياس العسكري، ولأن الأنظمة العربية إنما تستمد شرعيتها الدولية من حماية "دولة يهود" فهم إخوة بنص القرآن الكريم، المنافقون والذين كفروا من أهل الكتاب إخوة ومصيرهم مشترك وواحد في الدنيا والآخرة. ﴿‌وَعَدَ ‌اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ [التوبة:68]

يجب أن تقف الأمة المسلمة طويلاً، وتتدبر، وتعيد النظر في كتاب ربها ألف مرة ومرة، ولا يهنأ لها عيش، ولا يطرف لها جفن حتى تُجيب عن هذا السؤال: كيف عجزنا ـ ونحن أمة تعداد سكانها 2 مليار مسلم غنية بكل الثروات، وتمتد على مساحة جغرافية هائلة تتوسط العالم ـ عن إدخال شربة ماء لأهلنا في غزة، وقد كانت المساعدات بآلاف الأطنان على بعد خطوات منها، كيف عجزنا ونحن نمتلك من كل شيء، فلدينا المال، والسلاح، والعقول، والرجال، وأهم من ذلك لدينا الرغبة الحثيثة في مساعدة أهلنا في غزة، ونرجو أن نساعدهم بكل ما نملك، كيف لم نستطع فرض إرادتنا؟ ومن الذي حال دون ذلك؟ وكيف نتخلص ممن منعنا؟

وإجابة هذا السؤال، وتنفيذ مقتضياته على أرض الواقع هو أهم معركة تخوضها هذه الأمة، وأهم درس من دروس "طوفان الأقصى"، بل ومعركة أهم بكثير جداً مما نتخيل؛ لأنه باختصار شديد: سؤال تحرير هذه الأمة.

***

و"الموقف التركي" لم يكن أبداً على المستوى المأمول! ـ رغم وجود رئيس مثل أرودوغان في الحكم منذ أكثر من عشرين سنة ـ وهو لا شك أفضل من الموقف العربي، ولكن لم تستطع تركيا "فرض إرادتها" ونصرة أهلنا في غزة ولو فقط بالمساعدات الإنسانية! وقد طلب رئيس هيئة الإغاثة الدولية التركية، إيصال المساعدات عن طريق البحر، في حماية البحرية الحربية التركية فعجزوا! لا يهمنا سبب العجز، ولا يهمنا كذلك أي تبرير يُقال، فنحن هنا نبحث عن "التجارب والدروس والعبر المستفادة"..

إنَّ أرودوغان وصل إلى الحكم عبر انتخابات ديمقراطية، واستمر طوال هذه الفترة، (رغم المحاولة الانقلابية التي كادت أن تقتله، وتقضي على حزبه!) وإذا كانت هذه الديمقراطية لم تسمح له بفرض إرادته لفعل أقل القليل، فهي إذن ليست الطريق الصحيح الذي نبحث عنه.. فأضعف الإيمان ـ الذي ليس بعده من شيء ـ هو فرض الإرادة في إيصال المساعدات الإنسانية لأهلنا في غزة، والنظام السياسي الذي يعجز عن ذلك، وهو يريد (مثل النظام التركي)؛ فلا يُعتبر مثالاً وقدوة يُحتذى بها هاهنا. وأما الذي لا يريد ابتداء (مثل الأنظمة العربية)، ويصطف مع يهود، فهي أنظمة فاقدة الشرعية الإسلامية، والوطنية كذلك.

كما كان لدولة قطر دور محمود ـ لا يُنكر ـ في الدعم السياسي والإعلامي والدبلوماسي والإغاثي، بعد محاولة شيطنة حماس، ودعشنتها، وعزلها عن الأمة ـ وعن العالم ـ للاستفراد بها، لكنه لا يكفي لتحقيق الأهداف العليا.

وهذا يأخذنا للحديث عن الرئيس مرسي ـ رحمه الله ـ وطريقة وصوله إلى الحكم، فلو افترضنا أن الرئيس مرسي لم يتم الانقلاب عليه، وقبِل الجيش بصفقة الإخوان في الحكم، وإتمام طريقهم ـ على الطريقة التركية ـ في النهضة بمصر: اقتصادياً، وتنموياً... إلخ، ثم وقع "طوفان الأقصى"، وأراد مرسي أن يفعل ما يُمليه عليه دينه، وضميره، وإنسانيته، ومساعدة أهلنا في غزة (المساعدة العسكرية)، فهل كان حقاً سيستطيع؟!

بالطبع لا، كان الجيش سيقتله من فوره، فكما أسلفنا عندما تحين "ساعة الجد" ـ التي لا هزل فيها ولا لين ولا تفاوض ولا تجمل ولا هوامش ولا دبلوماسية ـ ستظهر الوجوه الحقيقية، والفواعل الحاكمة للواقع السياسي، وتبرير قتله من أسهل ما يكون: "هذا الرئيس الإرهابي الأرعن أراد توريط مصر في حروب لتدميرها، وخرق الاتفاقات الدولية من أجل تنظيم إرهابي تابع لجماعته الأم وطاعة لمرشده، وتمت محاكمته وإعدامه وفق محكمة عادلة، وقضاء نزيه.. وبفضل الجيش العظيم تجنبت مصر الانخراط في صراعات تريد إسقاطها، وتضيع منجزاتها، كما قامت مصر بواجبها تجاه أهل غزة وأرسلت الكثير من المساعدات لهم لتجاوز هذه المحنة العصيبة"!!

وهم بالفعل قاموا بذلك حتى قبل أن يبدأ بالمساعدة، وقتلوه من أجل ذلك، وقد بذل وسعه بكل ما يستطيع. وارتكبوا مجزرة رابعة وهي صورة قريبة مصغرة مما حصل في غزة على يد يهود، فكان هذا الجاسوس الذي يحكم مصر خادم بني صهيون بكل إخلاص.

إذن، القضية ليست في مجرد الوصول إلى الحكم، والرضى الشعبي بذلك، بل هناك شيء آخر لا يتم الحكم إلا به، وهو "القوة" التي تمثل إرادة الحاكم، بمعنى: لا يمكن تقسيم السلطة بين المنافقين والمسلمين، لا يمكن أن يكون الرئيس مسلم، وقادة الجيوش منافقون خونة، يجب أن تكون القوة الحربية القتالية على نفس الإيمان والعقيدة والغاية والهدف لرئيس الدولة، وتأتمر بأمره، وتستجيب له، وعلى نفس التطابق في الروح والغاية، والهدف.. في هذه الساعة، عندما يأمر الرئيس.. فإن القوة المؤمنة ستسمع له وتطيع، فطريقهم واحد، وغايتهم واحدة. والقوة الجهادية إحدى أدوات السياسة ـ مثل الدبلوماسية ـ التي تفرض الإرادة والحقوق، في حال فشلت الدبلوماسية أو السلمية.

ولقد كان الإخوان ـ وما زالوا! ـ يأملون في الإصلاح التدريجي، وتجنب الصدام! ولا يدركون أن المسألة ليست مجرد فساد البعض، أو طمع وإيثار قلة، أو خلل هنا أو هناك يمكن بالصبر والمحاولة والتدرج إصلاحه.. يحسبون المسألة مرضاً يمكن علاجه، بينما هو "سرطان خبيث" يجب استئصاله، المسألة ليست في مجرد فساد منظومة، بل في هيمنة العدو من (يهود وصليبيين) على المؤسسات الفاعلة في بلادنا، ودعمها للمنافقين ضد أي محاولة ثورة أو إصلاح للحفاظ على مصالحهم في بلاد المسلمين؛ المتمثلة في: منع أي ظهور إسلامي في صورة سياسية اجتماعية، ومنع أي ظهور إسلامي في صورة تعليمية تربوية سلوكية أخلاقية بنشر الإباحية والانحلال، والسيطرة على ثروات المسلمين والتحكم فيها، وضمان أمن دولة يهود ضد أي عدوان أو التحضير له، أو حتى مجرد التفكير فيه، وهذا يُبين ـ من جانب آخر ـ لماذا حاربوا الثورات العربية بكل وحشية وإبادة.

هذا السرطان الخبيث يجب استئصاله.. وينتظر الطبيب الماهر الذي لا ييأس من المريض فيرميه بالردة فيطلق النار عليه فيقتله، ولا الذي يعطي المريض مُسكنات لعلاج أعراض المرض، دون استئصال الورم؛ فيقتله أيضاً!

وهذا أيضاً من أهم الدروس التي زادها "طوفان الأقصى" وضوحاً، لا حكم دون قوة قتالية تُمثل مشروع الرئيس الراشد، ورؤيته، وإيمانه. فالحكم الراشد على منهاج النبوة، يستلزم ـ ولا شك ـ قوة قتالية على منهاج النبوة.

***

لقد انفعلت الجماهير المسلمة ـ في بلادنا العربية خاصة ـ أمام هذه الأحداث، وتَعرت أمامها كثير من الحقائق، وتردد على ألسنتهم: "صهاينة العرب" "خونة العرب" "عملاء أمريكا وإسرائيل" في كل تعليق لهم على المجازر المروعة، والمواقف المخزية، والقمم الهزلية الكرتونية، في رد فعل منهم على حالة "العجز والضعف والفشل" في نصرة أهلنا بغزة، وقد كانوا يُحسنون بعض الظن بأنظمتهم؛ فوجدوها ضليعة في العمالة، متشربة الخيانة حتى النخاع، ، ومن ثم.. لا يمكن الاكتفاء بتفريغ الشحنة العاطفية، ولا مجرد سبهم ولعنهم، بل لا بد من التأصيل والوعي التام بحقيقة هذه الأنظمة (حتى لا ننسى)، وإعلان العلماء المرضيين في الأمة الموقف الشرعي والسياسي الصحيح أمام هذه الخيانات الفاضحة، وواجب الشعوب تجاه هذه الصهيونية العربية والعمالة والخيانة، وكيفية العمل على الخلاص منها (وتوحيد موقفهم في ذلك؛ لتشكيل جبهة شرعية واحدة، تساعد في الانطلاقة الصحيحة)؛ فهذا أحقن شيء لدماء الشعوب المسلمة أنفسها ـ قبل أن يكون واجباً لأهل فلسطين، وتحريراً لبيت المقدس ـ وبالأساس أحفظ شيء لدينهم وأمنهم وثرواتهم وحريتهم وكرامتهم، ومستقبل أبنائهم من بعدهم.

يقول الشيخ محمد الغزالي ـ رحمه الله ـ في كتابه: "الإسلام والأوضاع الاقتصادية": ’’إنَّ الاستعمار يُبقي للناس صور العبادات الميتة، إذ لا غناء لهم فيها، ولا خطر عليه منها، ويساعد على جعل الدين مقطوع الصلة بكرامة الإنسان الفردية والاجتماعية والسياسية.

فالدين ـ في نظره ـ يجب أن يعادي هذه الحقوق المقررة بالفطرة، أو أن يكون عوناً لمن ينتهكونها! أو على الأقل، يجب أن يكون محايداً بإزائهم وإزائها... وعلى هذا المبدأ المجرم، قام الاستعمار الداخلي في الشرق، فأسلم الشعوب لقمة سائغة، وغنيمة باردة، للغزاة الأوروبيين الذي استولَوا على كل شيء واستغلوه لمصلحتهم قبل أي شيء.

ونعني بالاستعمار الداخلي فقدان الأمم القدرة على حكم نفسها بمن تختار من أبنائها، وسقوط أزمة الحكم في أكثر الأحايين بين أناس تمقتهم الجماهير، وتتمنى زوالهم لأنهم يؤثرون شهواتهم على مصالحها، ولا يملكون كفاية حقيقية للبقاء في مناصبهم، ومن ثم فهم يستديمون حكمهم بالإرهاب والاحتيال وغير ذلك، ونجاح الاستعمار الغربي في أقطار الشرق مهدت له هذه الأحوال.

ثم جاء دور الأحرار في الكفاح. واسترداد ما ضاع، فمن الغفلة أن ننسى دروس الماضي وعبره: "لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين".

ولقد لدغتنا المظالم في الداخل فسمَّمت دماءنا، وهدَّت قوانا، وسبَّبت لنا هزائم مريرة، فيجب ألا نمكن لها من العودة أبداً. ﴿إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ ‌يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا﴾ [الكهف:20] 

... نعم قد تنسحب جيوش الاحتلال، وتختفي السيادة المباشرة، غير أن أوضاعاً أخرى ستحل محلها فوراً، وتبقى الأمم ضعيفة مقودة بخيوط خفية إلى السادة الأولين أنفسهم أو إلى بديل لا يقل عنهم لؤماً وضراوة.

إن الاستعمار قد يتطور ويبدل أزياءه وفق الأحوال التي تلائمه، ولكنه باق ما بقي حق ضعيف وباطل قوي... فلا بد من محاربة الاستعمار الداخلي، حتى لا يكون هناك مجال لأيَّ تدخل خارجي. وحتى تهب الشعوب على قلب رجل واحد بإزاء أي هجوم يُوّجه إليها من أعدائها الآخرين.

فإن الحاكم المستبد، الذي تنتهي تصرفاته بإذلال الشعب، واحتقار رأيه، وكبت رغائبه، هو الحاكم الذي يمهد تمهيداً واسع النطاق للاستعمار، ويفتح أبواب البلاد على مصراعيها، للعدوان الأجنبي... ومتى انحنت القامات مرّة لمن يريد من الحكام المجرمين، انحنت مرة ومرة، لمن يشتهي ذلك من طغاة المستعمرين‘‘ ا.هـ وقوله: "الحاكم المستبد" حسن ظن كبير منه رحمه الله، فالأمر أبعد بكثير جداً من الاستبداد، لقد وصلنا إلى قعر الخيانة والنفاق.

***

لقد أدى المجاهدون في غزة ـ بفضل الله ـ ما عليهم، واستفرغوا وسعهم، في الدفاع عن الحصن الأخير والوحيد لبيت المقدس، ورأس الحربة في مواجهة توسعات يهود المجنونة! ومرغوا أنوف يهود في التراب، ومزقوا هيبة جيشهم المزعوم، وبددوا أحلامهم، وانتصروا بفضل الله، وأحبطوا حتى الآن "صفقة القرن" بتفريغ غزة والضفة من السكان والقضاء على كل أشكال المقاومة؛ لتكون فلسطين كاملة خالصة ليهود، ثم يكملون مخططاتهم في مشروع "إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات"، وإسرائيل الإقليمية والتوسعية، والسيطرة على منابع النيل، وقد توغلوا في إفريقيا، وقسموا السودان، وأتموا بناء سد النهضة... إلخ.

ومن أسباب نجاح المجاهدين ـ وفقهم الله وهداهم: الجذور العميقة في المجتمع، وشرعية القتال، والجناح السياسي المرن، والتماسك العسكري السري الصلب، وتطوير السلاح، والإدارة الإعلامية والخطاب المتزن، وإحباط محاولة الشيطنة والعزل، وتجنب الغلو في التكفير، وربانية التعامل مع الأسرى، والحرب النفسية، والتضامن الإسلامي العالمي، وعدم الصراع على القيادة، وتجنب النزق والرعونة والسفه. (وما شهدنا إلا بما علمنا، وما كنا للغيب حافظين).

أما سقوط "دولة يهود" والقضاء على الاجتماع السياسي العسكري لهم وتدمير المخطط الصهيوني، يستلزم ـ فيما أرى ـ "تحرير مصر" أولاً، فلا يمكن تحرير بيت المقدس دون تحرير مصر؛ والقضاء على أئمة النفاق وعصابة المافيا الحاكمة فيها، عندها ـ وفي غضون سنوات قليلة ـ يمكن إسقاط دولة يهود إلى الأبد بإذن الله، ويجب أن يكون في الحسبان أن دولة يهود ليست أي دولة، بل هي مركز الإفساد في الأرض، وتُمثل ذروة الهيمنة الدولية، ودرة تاج النظام الدولي؛ ولهذا تتحرك حاملات الطائرات الأمريكية والبريطانية والفرنسية وكل أوروبا، وتُبنى الجسور الجوية للدعم العسكري المفتوح من أجل حماية النظام الدولي، وهذا ما يجب أن يكون في حسبان العصبة المؤمنة، والشعب المؤمن الذي يعمل على "تحرير مصر".. إنه فقط لن يحرر بيت المقدس، إنما سيُغير النظام الدولي كله. فبيت المقدس ـ والمسجد الأقصى ـ رمز الإمامة والسيادة للأمة المسلمة، وهيمنة الإسلام على كل الرسالات قبله ووراثته لها.

والحرب مع يهود ستكون أهون المعارك، حيث ـ ولا بد ـ من أن يخوض المسلمون معارك بحرية مع حاملات الطائرات، وأن يعملوا على منع وتدمير الجسور الجوية التي تحصل مع كل حرب لدعم يهود.

 وسيواجه المسلمون جيوشاً عالمية ستأتي لإنقاذ يهود، ولكن هيهات، إذا تحررت مصر تحرر بيت المقدس، وإذا تحرر بيت المقدس، تغير وجه التاريخ، وبدأ تحرر الأمة المسلمة العالمية، وستتهاوى تباعاً أنظمة الخيانة العربية، وسيستفيق العالم على نور جديد يسطع في حياة البشرية، وسيدخل الناس في دين الله أفواجاً، وستعود الأمة المسلمة قوة عالمية.. تحارب الإفساد في الأرض، وتُطهرها من دنس ورجس يهود وما فعلوه فيها!

ورغم كل ما فعله يهود بالمسلمين من: كيد، وخيانة، وحروب، ومكر الليل والنهار، ومن حروب الإبادة، ومن الإفساد في الأرض، ورغم كل ما فعله النصارى من: حروب صليبية، واحتلال، وهيمنة على العالم الإسلامي، وتمزيق وحدته، وتشريد وقتل أهله، ونهب ثرواته.. ووجوب جهاد المعتدين منهم إلى يوم الدين وتحريم موالاتهم تحريماً هو "الكفر البواح"، رغم كل ذلك ـ فإنه من جانب آخر ـ قد كفل الإسلام حقوق اليهود والنصارى ـ وغيرهم من أهل الملل والنحل ـ طالما كانوا مُسالمين، وخص أهل الكتاب بالمشاركة الاجتماعية معهم في طعامهم، وحِل الزواج من نسائهم، وللجميع "البر" في المعاملة الاجتماعية، و"القسط" في كل ما لهم من حقوق، قال تعالى: ﴿‌الْيَوْمَ ‌أُحِلَّ ‌لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [المائدة: 5] 

وقال: ﴿‌لَا ‌يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الممتحنة: 8-9] فهذا توجيه إلهي، وعقيدة إسلامية، تكفل حقوق كل مُسالم لا يحاربنا ولا يتآمر علينا.. حقوق إلهية ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان والأهواء، وليست مِنة ولا مكرمة من المسلمين.. بل من رب العالمين، وتطبيقها من المسلمين "باسم الله" هو "عبادة لله" واستسلام لأمره. وبعد فليست هي مجرد أماني حالمة؛ بل واقع عاشته الجاليات والأقليات غير المسلمة عبر التاريخ الإسلامي كله.

وهذه هي طبيعة الرسالة الخاتمة، والمجتمع الإسلامي العالمي المفتوح الذي يَسع الجميع، ويكفل حرية العقيدة، ويضمن الحق والعدل لكل إنسان.

***

ونقطة ضعف المسلمين القاتلة ـ والتي رفعت عدد الشهداء والجرحى في غزة إلى الآلاف ـ هو الهجمات الجوية! المسلمون على الأرض يقاتلون ببسالة منقطعة النظير، وليس أحد مثلهم في البأس الشديد ضد قتال أعداء الله، إنهم يحبون الموت في سبيل الله، كما يحب أعداؤهم الحياة.. ولكن حتى الآن لا حيلة أمام الحمم الساقطة عليهم من السماء عبر الطائرات الحربية المتطورة، وحتى تتجنب الأمة نقطة الضعف هذه عليها أن ترصد كل عقولها وكافة أموالها ـ بميزانية مفتوحة ـ للحماية الجوية، والدفاع الجوي، وتعمل على التصنيع والاكتفاء الذاتي التام قدر الوسع والطاقة، فعندما تحين "ساعة الجد" لن تجد صديقاً ولا قريباً ولا ولياً ممن تحسبهم أصدقاء أو على الحياد، ونتذكر دوماً: ﴿‌إِنَّمَا ‌وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ [المائدة: 55].

وإنها تستطيع ـ بفضل الله ـ أن تتجنب الحرب التقليدية المتفوق فيها العدو تفوقاً تقنياً، بابتكار الأسلحة النوعية، والخطط الإبداعية، والأفكار والأدوات الجريئة؛ فتحقق ـ بإذن الله ـ الخسارة الفادحة للعدو بأقل التكاليف وبأبسط الأدوات، أما الدفاع الجوي فيجب أن تكون الأمة قادرة على حماية سمائها بكل وسيلة ممكنة، والله ـ بفضله وكرمه ـ سيمدها بالفتح والنور والعقول والأموال والأفكار التي تساعدها، متى أخلصت له الدين، ومتى تلبست بلباس الإيمان والتقوى، والتجرد، والإخلاص له جل جلاله.

***

وحتى تتحرر مصر، لا بد من أن يكون هناك رؤية راشدة، ومشروع راشد، وقيادة تنفيذية راشدة. لقد فشلت الحركة الإسلامية في مصر ويجب الشجاعة في الاعتراف بالفشل، والنظر في أسبابه، وتجنبه في المحاولة القادمة إن شاء الله؛ لتكون الانطلاقة الكبرى على نور من الله ورضوان.

ولتكون دماء الشهداء والأطفال في غزة نوراً للذين لم يبصروا بعد، وحتى نكون أوفياء لدمائهم، وأوفياء لأنفسنا، ومن قبل أوفياء لله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمناء لحمل رسالته، وتمكين دينه في الأرض.. يجب البدء في مشروع "تحرير مصر".

***

المقالات الخارجية المذكورة في البحث:

ـ دولة يهود والملك داود.

ـ غزة الصامدة.

ـ  القدس.. دعوة للتفكر.

ـ معركتنا مع اليهود.

ـ الصهيونية في التوراة.

ـ اليسار الناعم.

ـ بحث الفئة الباغية.

ـ الجاسوس الذي حكم مصر.

ـ هل تنتظر مصر موافقة الاحتلال لفتح معبر رفح؟

ـ فوز تركيا.. ولعبة الديمقراطية.

ـ مجزرة رابعة.

ـ خادم بني صهيون.

ـ الثورات العربية.

ـ غثاء السيل.

ـ القاعدة الجماهيرية الإسلامية والقيادة الجديدة.

ـ انحرافات في الحركة الإسلامية.

 

***